المجلس النیابی إلی أین؟ أسئلة برسم لبنان
لم تبصر الجلسة التشريعية ضمن “العقد العادي” الذي بدأ منتصف آذار الماضي وينتهي في أيار المقبل، وكان من المفترض أن يدعو الرئيس نبيه بري النواب إليها، النور في ظل “لبنان بلا رئيس” منذ ٣٣٣ يوماً واستمرار الأزمات الدستورية والسياسية التي تبدو آيلة الى المزيد من التصعيد والتعقيد.
قرارات المقاطعة أثارت انزعاج رئيس مجلس النواب اللبناني، حيث يؤكد زوار عين التينة استياء الرئيس بري من بطالة المجلس ومضي البعض في تعطيل المؤسسات الدستورية وتفريغها من محتواها، عبر حجج واهية تارة باستقالة الحكومة كما حصل سابقا، وأخرى بحجة غياب رئيس الجمهورية كما هو الحال.
مقاطعة مسيحية لأسباب مختلفة
رغم الاتصالات السياسية حالياً وموافقة أغلبية الكتل النيابية سابقاً على “تشريع الضرورة”، لم تقتنع الكتل النيابية المسيحية ولأسباب مختلفة بحضور الجلسة، حيث أعلن تكتل التغيير والإصلاح وكتلة القوات اللبنانية وكتلة حزب الكتائب المقاطعة.
كتائبياً، كرّر الحزب بالأمس موقفهم السابق برفض التشريع في ظلّ الفراغ في رئاسة الجمهورية، بينما التزم القواتيون بالمقاطعة لأن بنود الجلسة التي اتفق عليها في اجتماع هيئة مكتب المجلس أول من أمس لم تتضمّن بند الموازنة، في حين انضم “تکتل التغییر والإصلاح” برئاسة النائب میشال عون إلی الکتل المسیحیة في فریق “١٤ آذار” بمقاطعة الجلسات، فأعلن بعد اجتماعه الأسبوعي ‘مقاطعة الجلسة التشریعیة لعدم توافر مقومات تشریع الضرورة في جدول أعمالها’.
بري يتوعّد
الهوى المسيحي بمقاطعة الجلسة التشريعية المقررة، دفع بالرئيس بري لرفع سقف موقفه حيث أكد أن”عدم انعقاد المجلس في الفترة المتبقية من العقد الحالي (ينتهي في ٣١ أيار المقبل) سيدفعه الى دعوة رئيس الجمهورية الجديد، فور انتخابه، وخلال تهنئته له للطلب من مجلس الوزراء اتخاذ قرار بحل مجلس النواب، وفق الآلية التي يلحظها الدستور”.
قرار الكتل المسيحية الثلاث “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” وحزب “الكتائب” باعتبار الجلسة المقررة غير ميثاقية، في ظل غياب جزء اساسي من المكوّن المسيحي، أثارت حفيظة رئيس المجلس النيابي الذي أكد أنه “لا أقبل بان يعلمني أحد معنى الميثاقية، فأنا أعرفها جيدا، وسبق لي ان بادرت الى العمل بمقتضاها حين دفعت على سبيل المثال في اتجاه التمديد للمجلس النيابي عندما قرر مكوّن سني اساسي ممثلا بتيار “المستقبل” مقاطعة الانتخابات النيابية.
ويضيف: إذا تبين لي عشية الجلسة التشريعية او خلالها ان هناك مكونا اساسيا غير حاضر، فسأبادر حينها الى تأجيلها.
وينبه بري الى انهم إذا كانوا يصرون على تعطيل مجلس النواب، فأنا أقول صراحة بأنني سأطالب بحل المجلس، عملا بالدستور الذي يبيح حله، في حال امتناعه عن الاجتماع طوال عقد عادي كامل، من دون عذر او سبب قاهر.
إلى أين؟
فشل النواب للمرة الحادية والعشرين من انتخاب رئيس للبلاد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في ايار الفائت، يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل المؤسسات في لبنان، خاصةً أن الحكومة اللبنانية لم تعد فاعلة حالياً بسبب بعض المشاريع التي أثرت بشكل كبير على سير المجلس. فقد فشل مجلس الوزراء في إقرار مشروع قانون الموازنة العامة، بسبب الاختلاف حول إقرارها كما هي أو معدلة، أو بإضافة سلسلة الرتب والرواتب إليها.
الخلاف الحالي والذي يمتلك جدول أعمال الجلسة منه “حصّة الأسد” في الواقع، على عكس ما يروّج له في الإعلام أن غياب الرئيس هو السبب في ذلك، وخير دليل علی ذلك هو ما أشار إليه بري في هذا السياق عندما أكد أنه” إذا كنا لا نريد التشريع في غياب الرئيس، فلماذا نسيّر أمور البلد الأخرى”؟
لا شك أن الوضع الداخلي في لبنان وعلى الصعيدين الاقتصادي والأمني من ناحية، والوضع الإقليمي الذي تشهده المنطقة من ناحیة أخری، لا يسمح باستمرار الفراغ في لبنان، خاصةً أن تعطيل المجلس النيابي هو تعطيل لكل الحياة السياسية في لبنان، فلماذا لا يتم خلال اجتماع هيئة مكتب المجلس اعتماد مبدأ التصويت لحسم مسألة “جدول الأعمال”؟ ألا تشير المقاطعة إلى استهتار قوى سياسية بشأن مصلحة وطنية عامة، خصوصاً أنّ تسيير الاعمال من قبل الحكومة في فترة الشغور الرئاسي يجب ان يأخذ الأولويات بعين الاعتبار، ولا يكتفي بتنظيم السير!
اذاً، تجري الأحداث السياسية في لبنان على قدم وساق لتعطيل المؤسسة الدستورية والتشريعية في البلاد في ظل عدم وجود رئيس ومماطلة كبيرة في الحكومة، ولا سبيل لنا إلا الانتظار إلى ١٣ أيار، أي ١٨ يوماً من الفترة المتبقية من العقد الحالي (ينتهي في ٣١ أيار المقبل)، موعد الجلسة المقبلة حسب قرار الرئيس بري.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق