التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, سبتمبر 19, 2024

“إبادة الأرمن” محور سجال جدید بین أوروبا وترکیا 

 أحيت أرمينيا بالعاصمة يريفان الذكرى المئوية للابادة الجماعية للأرمن على أيدي الأتراك العثمانيين وسط مطالبات باعتراف دولي وتركي باعتبار تلك الأحداث “إبادة جماعية”. في المقابل ترفض تركيا هذا الوصف، وقد أحيت بدورها مئوية معركة “غاليبولي” في الحرب العالمية الأولى.

وفي خطاب امام وفود من ستين بلدا اجتمعوا في يريفان امام نصب ضحايا الابادة الذين قتلوا بين عامي ١٩١٥ و١٩١٧ في منطقة الأناضول شرقي تركيا في السنوات الأخيرة من عمر الإمبراطورية العثمانية، طالب الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان باعتراف دولي بما تعتبره أرمينيا “إبادة” للأرمن الذين كانوا يعيشون تحت الحكم العثماني لمنع تكرارها.

وعبر الرئيس الارميني سيرج سركيسيان عن شكره للقادة الحاضرين وبينهم بوتين وهولاند اللذین وضعا اكاليل من الورود على نصب الضحايا على تلال يريفان.

وتابع قائلاً: من واجبنا الاخلاقي ولزام علينا نحن الارمن ان نتذكر ١,٥ مليون من الارمن الذين تعرضوا للقتل ومئات آلاف الاشخاص الذين عانوا الاهوال.

وشكر سركيسيان قادة العالم على مجيئهم الى يريفان، مؤكدا اننا “لن ننسى شيئا”. واضاف “نتذكر ونطالب” بالاعتراف بطابع الابادة لهذه المجازر.

أوروبا تطالب تركيا بالاعتراف

من جهته دعا الرئيس الفرنسي هولاند رئيس اول دولة اوروبية تعترف بالابادة الارمنية في ٢٠٠١، تركيا الى الاعتراف بهذا الطابع للمجازر.

وقال هولاند إن “كلمات مهمة” قيلت من قبل تركيا بشأن ما يوصف بمجازر الأرمن، وإن المطلوب كلمات أخرى حتى يصير تقاسم الحزن تقاسما للمصير. كان هولاند يشير إلى تصريح أدلى به قبل عام الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان -عندما كان رئيسا للوزراء- عبر فيه عن الحزن لمقتل آلاف الأرمن.

واضاف “انحني في ذكرى الضحايا وجئت اقول لاصدقائي الارمن اننا لن ننسى أبدا المآسي التي مر بها شعبكم”.

بدوره قال الرئيس الروسي بوتين إنه لا شيء يمكن أن يبرر “المجازر الجماعية”، مشددا على ضرورة أن لا تتكرر تلك المجازر حسب تعبيره.

واكد الرئيس الروسي الذي تؤيد بلاده مقولة “الإبادة” الأرمينية، ان لا شيء يمكن ان “يبرر المجازر الجماعية” ضد الارمن، وذلك خلال مراسم احياء الذكرى في يريفان. وقال “اليوم نقف بخشوع الى جانب الشعب الارمني”.

من جهته، اعترف الرئيس الالماني يواكيم غاوك بـ”الابادة” الارمينية مشددا على “مسؤولية جزئية” لبلاده في ما حدث. وقال خلال احتفال في كاتدرائية البروتستانت في برلين “علينا نحن الالمان ان نتصالح مع الماضي بالنسبة لمسؤوليتنا المشتركة، واحتمال تقاسم الذنب نظرا الى الابادة التي ارتكبت بحق الارمن”.

ووصف الرئيس الامریكي باراك اوباما ما تعرض له الارمن بـ”المجازر المرعبة” متجنبا استخدام كلمة “ابادة”.

وبمناسبة مئوية تلك الأحداث, أقر البرلمان الألماني قانونا يصف أيضا ما حدث بالإبادة, وذلك بعد يوم من حديث الرئيس يواكيم غاوك عن “إبادة للأرمن”.

أما برلمان النمسا-التي كانت حليفا للعثمانيين في تلك الفترة- فقد وقف دقيقة صمت ترحما على الأرمن. وكان البرلمان الأوروبي صوت قبل أيام بالأغلبية على قرار يدعم ادعاء الأرمن بتعرضهم للإبادة في أحداث عام ١٩١٥، وقد انتقدت تركيا بشدة هذا القرار. كما أن بابا الفاتيكان فرانشيسكو أيد مؤخرا وجهة نظر أرمينيا.

وفي الايام الاخيرة، ادت تصريحات البابا فرنسيس الذي تحدث للمرة الاولى عن “ابادة” الارمن، والبرلمان الاوروبي الذي طلب من انقرة الاعتراف بالابادة، الى اغضاب تركيا وريثة السلطنة العثمانية منذ ١٩٢٣.

وبعد الاحتفال الرسمي، شارك مئات الآلاف من الارمن بمسيرة الى النصب التذكاري لوضع شموع وورود امام الشعلة الخالدة.

كذلك نظمت الجاليات الارمينية في عدد من دول العالم تجمعات في هذه الذكرى خصوصا في لوس انجلس وستوكهولم مرورا بباريس وبيروت. وفي ايران تجمع اكثر من الف شخص امس للاحتجاج امام السفارة التركية في طهران للمطالبة بالاعتراف بالابادة الارمينية بينما شارك نحو ٥٠٠ شخص في قداس في القدس قبل ان يتوجهوا الى القنصلية التركية هاتفين “عار على تركيا”.

أردوغان: لسنا بحاجة لأفكاركم

من جانبه، وصف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان خلال اجتماع لرجال الاعمال في اسطنبول الرؤساء الفرنسي والالماني والروسي الذين استخدموا تعبير الابادة في وصفهم لهذه المجازر، بانهم “يدعمون المطالب القائمة على الاكاذيب الارمنية”.

وتابع اردوغان “كنا نرغب بأن لا يأتي (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ولا (الرئيس الفرنسي فرنسوا) هولاند الى ارمينيا”.

وشدّد اردوغان على ان اخر البلدان التي يحق لها الكلام عن ابادة هي المانيا وروسيا وفرنسا، داعيا هذه البلدان الى ازالة النقاط السوداء من تاريخها نفسه، وخاطبهم قائلاً: “يا أيها الاتحاد الاوروبي، نحن لسنا بحاجة لأفكاركم .. احفظوها لكم”.

وكانت وزارة الخارجية التركية هاجمت الجمعة بوتين والرئيس الالماني جواكيم غاوك لاستخدامهما تعبير ابادة في وصفهما لمجازر الارمن عام ١٩١٥.

وبالتوازي مع إحياء أرمينيا مئوية ما تصفه بإبادة الأرمن في الأناضول التركية، أحيت تركيا في مدينة “جناق قلعة” بشمالي غربي تركيا مئوية معركة “غاليبولي” التي انتصرت فيها الجيوش العثمانية على قوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى.

وبحضور نحو ٢٠ من قادة العالم التقوا على ضفاف مضيق الدردنيل، وجه اردوغان تحية حارة لذكرى العشرات من جنود السلطنة العثمانية ومن البريطانيين والفرنسيين على حد سواء الذي سقطوا في معركة انتهت بهزيمة فادحة للبريطانيين والفرنسيين.

وقال اردوغان “أريد أن أؤكد مجددا باسم الجميع وأمام ذكرى مئات آلاف الشبان الراقدين هنا، عزمنا على إقرار السلام والازدهار في العالم”.

وأضاف ”آمل أن تكون الدردنيل مثالا للعالم أجمع ولكل المجموعات لكي نعمل على تحويل آلامنا المشتركة الى أداة تشجع على الأخوة والسلام، وتكون دواء ضد الإرهاب والعنصرية والاسلاموفوبيا والكراهية”.

ولم يلبِ الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والروسي فلاديمير بوتين الدعوة للحضور الى جاليبولي وفضّلا الذهاب الى يريفان للمشاركة في ذكرى مئات الآف الأرمن الذين قتلوا خلال حكم السلطنة العثمانية ابتداء من الرابع والعشرين من أبريل ١٩١٥.

وتتحدث أرمينيا عن “إبادة” نحو ١.٥ مليون أرمني بأيدي العثمانيين بين عامي ١٩١٥ و١٩١٧، في المقابل تقدر السلطات التركية أن ما بين ثلاثمائة ألف وخمسمائة ألف أرمني فقط ومثلهم تقريبا من الأتراك ومن شعوب أخرى كانت تعيش ضمن الإمبراطورية العثمانية قتلوا في تلك الأحداث التي تقول إنها كانت عبارة عن حرب أهلية.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق