قوی الشر توحد جهودها ضد سوریا مجددا بعد فشل العدوان علی الیمن من تحقیق أهدافه
مع اقتراب موعد انعقاد جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة وقوى المعارضة السورية برعاية الأمم المتحدة في جنيف، يشتد زخم المعارك على طول الخريطة السورية في محاولة من جانب الطرفين الى كسب نقاط أكثر قبل الجلوس على طاولة المفاوضات. وعلى المقلب الآخر تستمر الدول الداعمة للارهاب بحث المسلحين على مواصلة القتال عبر تقديم الدعم اللوجستي والمادي لهم، خصوصا بعد الفشل الذي مني به عدوان ما عرف “بعاصفة الحزم” الذي لم يحقق أيا من أهدافه. فاستحوذت التطورات الميدانية في محافظة ادلب على اهتمام المراقبين لما لها من بعد استراتيجي، يتصف بالحساسية نظرا لموقع ادلب الرابط لعدد من المحافظات السورية ببعضها البعض .
سعي جبهة النصرة للانقضاض على كامل محافظة ادلب، انجاز من شأنه ان حصل، رفع معنويات المسلحين كونها المحافظة الثانية التي تسقط بالكامل بيد الارهابيين بعد محافظة الرقة، وأيضا فان السيطرة على محافظة ادلب يراد منها الاقتراب أكثر من محافظة اللاذقية الساحلية ونقل المعركة اليها فيما أطلقت عليه الجماعات الارهابية “حرب الساحل” منذ ما قبل الربيع .
الا أن الجيش السوري يسعى منذ أكثر من أسبوع إلى استرجاع زمام المبادرة في المدينة حيث عزز من تجهيزاته في ريف ادلب، سعيا منه الى القيام بهجوم معاكس قبل أن ينصب المسلحون تحصينات دفاعية تصعب من عملية استرداد المدينة .
ولمدينة جسر الشغور أهمية استراتيجية بسبب موقعها القريب من الحدود التركية من جهة، وكونها من جهة أخرى متصلة بريف حماه، وبريف اللاذقية. ويمر منها طريق إمداد رئيسي لقوات الجيش المنتشرة في ريف إدلب (مدينة أريحا، معسكر القرميد، معسكر المسطومة وبلدة محمبل (.
وبعد اقتراب المسلحين من بلدة اشتبرق، بدأت عناصر حماية البلدة بإخراج السكان منها عن طريق الأراضي الزراعية. ووقعت معارك عنيفة بين أبناء البلدة والمسلحين أدت إلى استشهاد عدد من الأهالي الذين كانوا يقاومون المسلحين. وتمكنت العناصر الارهابية التابعة للنصرة من اقتحام البلدة حيث ارتكبوا مجزرة راح ضحيتها أكثر من ٣٠ مدنيا من الذين لم يتمكنوا من الهرب .
کما کثف سلاح الجو طلعاته فوق إدلب، منفذاً أكثر من ٧٠ غارة جوية في مدينة جسر الشغور ومحيطها خلال ٢٤ ساعة من سقوطها، إحداها أصابت تجمعا كبيرا للمسلحين معظمهم من جنسيات غير سورية خلال التقاطهم صورا عند ساحة الصومعة وسط المدينة، ما أدى إلى سقوط أكثر من ٣٠ قتيلا وعشرات الجرحى بحسب إعلام المعارضة .
وقد كان لافتا استخدام مسلحي المجموعات الارهابية لأسلحة متطورة أمريكية كصواريخ الـ”تاو” المضادة للدروع. الأمر الذي اعتبره الكثيرون دعما واضحا لتلك المجموعات ومشاركة عملية في سير المعركة على أعلى المستويات العربية والاقليمية والغربية. وهذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها جبهة النصرة تحديدا صواريخ التاو الأمريكية، فقد سبق أن استخدمتها في هجومها على معسكر وادي الضيف قبل أشهر. وفيما يتحدث البعض عن وصول تلك الأسلحة لجبهة النصرة الموضوعة على لوائح الارهاب أمريكيا ودوليا عبر المعارك التي خاضتها مع مجموعات مسلحة أخرى كحركة حزم المحسوبة على السعودية، يتحدث آخرون عن حصول جبهة النصرة على تلك الأسلحة عبر الحدود التركية، كما جرى الحديث مؤخرا عن نية التحالف العربي-الغربي على تشكيل ما يعرف بجيش الفتح، حيث ينضم اليه عناصر جبهة النصرة والفصائل الأخرى الموضوعة على لوائح الارهاب والتي يصعب دعمها بشكل مباشر، ويتخلى أعضاء هذا التنظيم عن تبعيتهم للقاعدة مما يسهل على الدول الداعمة للارهاب في سوريا دعمهم بشكل مباشر من دون الحاجة الى وسطاء .
ولا تزال السعودية تتصدر قائمة الدول العربية الداعمة للارهاب في سوريا وقد جرى الحديث عن تنسيق أمني بين السعودية وأمريكا لانشاء معسكرات تدريب للمسلحين في السعودية قبل نقلهم الى الداخل السوري، كما يحصل في كل من الأردن وتركيا .
أما على صعيد الجبهة الجنوبية فكانت التطورات الجديدة على جبهة السويداء وجبل العرب موضع نقاش وتأمل، حيث تدور في المنطقة حرب اعلامية وأمنية واستخباراتية من بطولة كل من الأردن والکیان الاسرائيلي ودعم لوجستي خليجي وبتنسيق مباشر مع غرفة عمليات مورك على الحدود الأردنية السورية. كما يبرز دور للنائب اللبناني صاحب التصريحات المثيرة للجدل، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الدرزي “وليد جنبلاط” عبر تصريحاته ودعوته دروز السويداء الى الاستسلام .
فبعد صمود مدينة السويداء خلال خمس سنوات من الأحداث الدامية، تحاول كل من السعودية والأردن والكيان الاسرائيلي ممارسة ضغط على سكان المدينة لتخويفهم من اقتراب الجماعات الارهابية الى حدود المدينة، خصوصا بعد سقوط مدينة بصرى الشام قبل أسابيع، عارضين عليهم الاستسلام والتخلي عن النظام السوري مقابل حمايتهم وإفلاتهم من العقاب .
وتشير المعلومات أن الجبهة الجنوبية تشهد نشاطاً غير مسبوق تقوم به شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ورجال الاستخبارات الأردنية، من تفعيل عدد من الضباط الدروز المنشقين عن الجيش السوري في الأردن وتركيا، إلى تفعيل شبكات العملاء داخل المحافظة، وقنوات الاتصال مع بعض الدروز المتعاملين مع الاستخبارات الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة، إضافة إلى مئات الشائعات اليومية التي تُطرح على مواقع التواصل الاجتماعي. وتتحدث مصادر أمنية سورية عن رصد إسرائيلي دقيق وعن قرب، للجبهات المتاخمة للسويداء، من المدينة القديمة في بصرى الشام إلى محيط مطار الثعلة العسكري .
وفي ذروة التعاون الأمني والسياسي الأردني ــ الإسرائيلي في الجنوب السوري، تعول المعارضة على تدخل خارجي، ربما من التحالف الدولي، انطلاقا من الأردن، فيما يشيع جنبلاط جوا من الطمأنينة لتهدئة الدروز في لبنان، القلقين على دروز السويداء، عبر وعود تلقاها من الملك “عبدالله الثاني” ضمن له فيها التدخل الأردني المباشر في حال هجوم الإرهابيين المدعومين من الأردن نفسه على السويداء .
وبين تدخل تركيا من الشمال وفتحها للحدود أمام الارهابيين القادمين من كل بقاع الأرض وتسهيل وصول السلاح الى أيدي الارهابيين، وبين التعاون الاسرائيلي-الأردني على جبهة الجنوب وإنشائه منظومة من العملاء مهمتها تأمين الحدود الاسرائيلية والعبث في الداخل السوري، وبين مليارات السعودية والكويت وقطر لتسليح الجماعات التكفيرية، وبين التدريب الأمريكي البريطاني للمسلحين في السعودية وتركيا والأردن قبل ارسالهم للقتال، تبقى سوريا صامدة بفضل صمود شعبها وتماسك جيشها وأحقية قضيتها … وللحكاية تتمة .
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق