سوریا واقع جدید عنوانه اما الثبات والنصر او الثبات والنصر
بعد ما استطاعت المجموعات الارهابية السيطرة على عدة مناطق في شمال غرب سوريا وتحديداً في محافظة ادلب وريفها والتي كان اخرها قبل يومين حين تمكنت المجاميع الارهابية من السيطرة على مدينة جسر الشغور التي تقع على تخوم ريف محافظة اللاذقية من جهة الشرق ومناطق في ريف حماة الشمالي الغربي وريف حلب الجنوبي الغربي، إضافة إلى أنها قريبة من الحدود السورية مع تركيا، والتي تعد ايضاً الجسر الوصل للطريق بين المحافظات الساحلية السورية (اللاذقية وطرطوس) مع مدينة حلب أكبر محاظات البلاد التي طالتها اليد الاثمة. فقد تحوّلت جسر الشغور عملياً إلى مركز إداري للحكومة بعد انسحاب القوات السورية اواخر الشهر الماضي من مدينة ادلب مركز المحافظة. انسحاب أعقب هجوما لـما يسمى بجيش الفتح الذي أعلن تأسيسه قبل الهجوم على مدينة إدلب بايام .
وفي هذا السياق تؤكد معركة جسر الشغور و قبلها معركة ادلب حجم التدخل التركي في دعم الارهابيين والاهداف التي ترمي اليها تركيا من هذا التدخل. فالضباط الاتراك يشرفون بشكل مباشر على الهجوم الذي استقدم أعدادا كبيرة من المسلحين الذين جرى تدريبهم وتحشيدهم من أجل تحقيق الهدف التركي بالسيطرة على جزء إضافي من التراب السوري، يعوض عن الخسائر التي منيت بها انقرة منذ بداية الحرب على سوريا وحتى الآن. وهنا نسلط الضوء عن طبيعة العناصر المسلحة في الشمال السوري والتي شاركت في احتلال محافظة ادلب والدور الخارجي في تقويتها ودعمها بالسلاح والمعلومات اللوجستية.
فاذا عدنا الى الخبر بحد ذاته لنستطيع تحليل ابعاده واخذنا الخبر كما ورد وكما تحدثت به بعض قادة الفصائل المسلحة التي شاركت باحتلال جسر الشغور حين اعلان الجيش السوري اعادة تموضعه في مدينة جسر الشغور بعد معارك ضارية مع المسلحين المتدفقين بأعداد كبيرة عبر الحدود التركية إلى المدينة بريف ادلب. و حين اعتبر الجيش انه تمكن من إعادة انتشاره في اجزاء من المدينة تجنُّباً لوقوع ضحايا في صفوف المدنيين، في حين اكدت مصادر من داخل الفصائل المسلحة ان الحكومة التركية وبدعم من حكام السعودية وقطر استقدمت أكثر من ٥٠٠٠ مسلح غير سوري عبر الحدود التركية لخوض ما دعي بـ”معركة النصر” إلى جانب جيش الفتح وبقيادة جبهة النصرة، للسيطرة على مدينة جسر الشغور.
جيش الفتح: النشأة والهدف باعتراف قادة التنظيم ورواية سكان المناطق التي دخلها الارهاب
منذ حوالي شهرين أعلنت مجموعة من الفصائل المسلحة التي تقاتل الدولة السورية في شمال البلاد تشكيل ما أسمته “جيش الفتح” الذي اخترق عدة مدن وبلدات في محافظة إدلب، وسط تهليل وتصفيق وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية، التي أطلقت اسم “معارضة مسلحة” تارة و”ثوار” تارة أخرى على هذه الفصائل. ويعتبر”جيش الفتح” غطاءاً إعلامياً لمجموعة من الفصائل الارهابية التي يتزعمها تنظيم “جبهة النصرة”، أحد فروع تنظيم “القاعدة” في سوريا، ويضم مقاتلين من مختلف الجنسيات، وتؤازره فصائل ارهابية أخرى. القيادي السعودي في تنظيم جبهة النصرة الارهابية عبدالله المحيسني، الذي أصيب برصاصة في بطنه في معارك مدينة جسر الشغور، أعلن قبل ايام أن عدد المقاتلين يبلغ نحو ١٢ ألف مقاتل، دخلوا سوريا عبر الحدود التركية.
بالاضافة الى المحيسني السعودي هناك “مسلم الشيشاني” الذي يتزعم تنظيم “جنود الشام” الذي يشكل المقاتلون الشيشان قوامه الأكبر. وقد ظهر في عدة تسجيلات في المعارك الدائرة في محافظة إدلب في وسط المدينة، وفي محيط مدينة جسر الشغور. وايضاً القيادي الاخر والفلسطيني الجنسية الارهابي “ابو خطاب المقدسي” الذي يتبع عقائدياً لـ”جبهة النصرة” ، وكشف الاخير في سلسلة تغريدات له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر عن جنسيات هؤلاء المقاتلين، حيث نشر “المقدسي” في تغريدة له ” يشارك في “معركة النصر” الأنصار وبجانبهم اخوة لهم من شتى بقاع العالم، المغرب، ليبيا، تونس، مصر، الجزائر، بريطانيا، فرنسا، الجزيرة، الشيشان، تركستان”. وتابع في تغريدة أخرى “الكويت، اليمن، الاردن، فلسطين، العراق، الألبان، من شتى بقاع العالم، نفروا لنصرة إخوانهم في سوريا”.
وأضاف “تعد مجموعات التركستان من أشرس وأشجع وأكثر مجموعات المجاهدين ثباتا وتضحية، وأعدادهم وصلت مؤخرا للآلاف “.
واذا انتقلنا الى روايات شهود العيان من سكان ادلب وجسر الشغور والذين تمكنوا من الهرب بعد احتلال مدنهم من قبل العصابات المسلحة، يقول بعضهم بأن “ما لم ترصده كاميرات وسائل إعلام المجموعات المسلحة مشاهد الحشود الغفيرة من المسلحين العرب والأجانب الذين دخلوا شوارع جسر الشغور وخصوصاً من الجهتين الشمالية والجنوبية، والحاملين لأعلام جبهة النصرة وأحرار الشام والكثير منهم من القوقازيين ولاسيما الشيشانيين الذين يقاتلون في صفوف جند الشام وجند الأقصى التابعين لتنظيم القاعدة”. ولفت شهود العيان من مدينة جسر الشغور إلى أن “المسلحين العرب، وبخاصة من تونس وليبيا والمغرب والسعودية، والمنخرطين في صفوف التنظيمات المتشددة، آثروا وضع ألثمة على وجوههم لعدم معرفة ملامحهم وتمييزها من أهلهم وأقاربهم في مدنهم، وابتعدوا عن التصريح إلى وسائل الإعلام بأوامر من قياداتهم “.
مصادر ميدانية أكدت ايضاً أن المسلحين الموجودين، الذين ينتمون لجنسيات مختلفة، وبينهم سوريون كثر، يقاتلون لأهداف ايديولوجية، وسط تكتيك وتنظيم وتمويل مفتوح من دول داعمة، على رأسها تركيا، فالطريقة التي يتعاملون فيها مع الأسلحة الثقيلة توضح أن التمويل المتوفر لهذه المجموعات غير محدود. فالمعارك في ادلب خطط لها وعلى مدار شهر كامل من داخل غرفة عمليات أقيمت داخل الحدود التركية على مقربة من الحدود السورية مع محافظة إدلب، ويديرها ضباط في الجيش والاستخبارات التركية بمساعدة زملاء لهم من دول أوروبية داعمة للمسلحين وراغبة في خلق توازن ميداني جديد لدفع الحكومة السورية للجلوس على طاولة تفاوض جنيف ٣ بسقف منخفض. أضف الى ذلك أننا نلاحظ ان طريقة التي تقاتل فيها هذه التنظيمات والتي عادة ما تبدأ حروبها بالانتحاريين الذين يشكلون قوة اساسية لدى هذه المجموعات تختلف عن السابق، فلم يعتمد اسلوب الميليشیات حيث يُتبع اسلوب تكتيكي اشبه بالجيش النظامي، من حيث استخدام أسلحة ثقيلة داخل المعركة من دبابات ورشاشات ومضاد طيران بالاضافة الى طريقة تسيير المعركة.
خلاصة القول ان ما ينتظر الدولة السورية وما يجب عليها القيام به كثير فهي تتحمل حرباً باسم كل الشعوب العربية هدفها الوقوف في وجه الهجمات التركية التي تريد احياء السلطنة العثمانية التي اغرقت البلاد العربية باربعمائة عام من التخلف والجهل. فتركيا اردوغان تحاول اليوم على الاقل اقتطاع ما تستطيع اقتطاعه من سوريا ليجري ضمها لاحقاً لسلطة امر واقع تركيا بحجة السلام والامن، ولكن إجهاض الخطة الجديدة من خطط العدوان على سوريا ممكن تماما كما حصل مع الخطط السابقة والامل الان معقود علی سواعد رجال الجيش السوري ورجال المقاومة على امتداد المنطقة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق