التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

الید العاملة الاجنبیة فی السعودیة بین الترحیل والمشروعیة 

تضم السعودية وبحسب الاحصاءات المتوفرة ما يقارب ١٠ مليون عامل اجنبي قدموا من دول مختلفة كاليمن وباكستان وبنغلادش وافغانستان والاردن وغيرها، وهو ما يشكل نسبة الثلث تقريبا. ويعود الدور الاقتصادي والتجاري للسعودية الى العامل الاساس في جذب اليد العاملة الاجنبية، والتي تشغل الوظائف المتدنية كالبناء والحفر والنقل والخدمات المنزلية والمرافقیة وما شابهها، وهي الاعمال التي لا يؤديها المواطن السعودي بل يلجأ الی الوظائف الادارية والتجارية والمقاولات وغيرها.

وعلى الرغم من حاجة السعودية الى اليد العاملة الاجنبية، الا انه ومنذ ما يقارب الاكثر من عامين، تشهد السعودية عملية استهداف للعمّال الأجانب المتواجدين على اراضيها، وبحملة منظمة من أجل إجبارهم على العودة إلى بلدانهم، وبوحشية متطرّفة. وتشير التقديرات الى ان ما يقارب مليون عامل قد تم تهجيره في مدة وجيرة، ولا تزال الحملة مستمرة والضغوطات واجراءات التضیيق بوتيرة مرتفعة ما يجبر العمال على ترك وظائفهم والعودة الى بلدانهم. وقد جاء العدوان السعودي على اليمن ليزيد من اجراءات التهجير، هذا بالاضافة الى سوء المعاملة التي يشتكي منها العمال. وتتناقل الاخبار على مواقع التواصل الاجتماعي او ممن عادوا الى بلدانهم، الوحشية التي عوملوا بها ودون اي رحمة.

ففي هذا الاطار شهد العام الماضي استهداف مركز للأفارقة خاصة اذ تحول نحو ٢٣ ألف أثيوبي إلى السلطات السعودية في سياق عنف، وقد تعرّضوا إلى اعتداءات وانتهاكات بحقهم، ومن ثم ترحيلهم الى بلدهم. وقد اعلنت وزارة الخارجية الاثيوبية وقتها عن استنكارها لموجة الترحيل هذه بالاضافة الى الطريقة التي وجه بها العاملون الاثيوبيون، وعلى الرغم من ذلك فلا تزال الاجراءات التعسفية بحق العمال الأثيوبيين مستمرة.

وعلى صعيد اليمن، الجار الجنوبي للسعودية، تضرّر أيضًا في شهر نوفمبر ٢٠١٣. فقد ارتفع عدد العائدين عبر المعبر الحدودي الطوال إلى ٧١ ألف شخص مع بلوغ ذروة يومية تقدّر بـ ٧ آلاف شخص. ففي بلد يعاني من عدم الاستقرار حيث ثلث السكان يعيشون تحت خطّ الفقر، لم تزد عودة ٣٠٠ ألف شخص إلى ديارهم الوضع إلا سوءًا. فسوق العمل اليمنية ليست فقط غير قادرة على امتصاص هذه الصدمة، ولكنها تأزّمت أيضًا بفقدان القدرة على الربح من خلال التحويلات المالية. وقد جاءت الحرب السعودية على اليمن لتزيد من سوء المعاملة اتجاههم، بالاضافة الى طرد اعداد كبيرة منهم ومن دون اي مبرر ودليل.

ومن الهند مرورا بالصومال وبنغلادش وباكستان والفيليبين واندونيسيا، تكرّرت القصص نفسها في العودة إلى الديار، ويضاف الى ذلك حالات قتل بحق بعض العمال من دون ان تعير القوى الامنية السعودية اي اعتبار لذلك في ملاحقة المرتكبين، ما يهدد حياة العامل الاجنبي.

وتؤكد العديد من المنظمات الحقوقية أن الكثير من العمال الأجانب في السعودية يتعرضون لمضايقات وتحرشات واستغلال، وهو ما ينحدر بهم في بعض الأحيان إلى مستوى يشبه العبودية. ويرجح مراقبون ارتفاع عدد العمال المرحلين من السعودية جراء الممارسات اللاإنسانية التي تنتهجها وزارة الداخلية في هذا البلد.

وقد شهدت الاشهر القليلة الماضية تحركات من قبل بعض المنظمات الحقوقية والانسانية وموجات استنكار اتجاه سوء المعاملة والهمجية اتجاه العمال الاجانب في السعودية. فقد طالبت ٩٠ منظمة حقوقية ونقابة عمالية السعودية بوقف ما قالت انه “تجاوزات” بحق العمال الاجانب، وبتبني اصلاحات لنظام الكفالة للعامل الاجنبي. وقالت المنظمات في بيان وزعته قبل انعقاد اجتماع لوزراء العمل في الدول الاسيوية المصدرة للعمالة ودول الخليج، ان ملايين العمال الاسيويين والافارقة يواجهون احتمال تعرضهم لعدم دفع رواتبهم ولمصادرة جوازات سفرهم ولتجاوزات جسدية وللعمل القسري.

وقالت “روثنا بيغوم” الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش الموقعة على البيان “ان وضع العمال الاجانب في السعودية ودول الخليج عامة يتطلب اصلاحا عاجلا وعميقا، أكان ذلك في ما يخص تجاوزات ترتكب بحق عمال المنازل بعيدا عن عيون العامة، او حصيلة الوفيات الصادمة بين عمال الانشاءات”.

وفي ظل هذه الموجة من الترحيل والمعاملة القاسية، ومع الاخذ بالاعتبار حاجة السعودية لهذه اليد العاملة، وفي الاطار الذي ترى فيه السعودية عدم قدرتها على الاستمرار بالنهج والطريقة الهمجية بحق العمال الاجانب، ومع تزايد عدد المنظمات الحقوقية والجمعيات المعارضة للسعودية بأسلوب تعاملها مع العمال الاجانب، شهدت السعودية ولا زالت اعتراضات من قبل العمال وتظاهرات رشح عنها فيما بعد اصطدامات واشكالات كان ضحيتها في كثير من الاحيان العمال الاجانب انفسهم. ويضاف الى ذلك موجة الاستنكارات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي امتلأت محتجة على المعاملة القاسية بحق العمال.

 وبالرغم من سعي المملكة الى اخفاء اجراءاتها التعسفية، الى ان مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الانترنت ساهمت في انتشار الكثير من مقاطع الفيديو التي اوضحت وبينت اسلوب عناصر الشرطة بحق العمال، والطريقة المهينة التي يتعرضون لها. ويرى مراقبون انه وبالرغم من ان المتضرر في مثل هكذا مواجهات هم العمال الاجانب، الا ان ذلك من شأنه ان يزيد من وتيرة الضغوطات اتجاه السعودية بضرورة وضع حد لهذه الاجراءات التعسفية، واجراء قانون يضمن حق العامل، وضمانات تحد من سوء المعاملة التي يتعرض لها سواء من قبل العناصر الامنية او ارباب العمل.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق