لماذا غابت شخصیات بارزة عن مراسیم مبایعة ولی العهد السعودی الجدید؟!
جرت في قصر الحكم في الرياض مراسیم مبايعة ولي العهد السعودي الجديد محمد بن نايف وولي ولي العهد الجديد محمد بن سلمان. وحضر المراسیم مئات من شخصيات الاسرة الحاكمة بينهم ولي العهد المعفي مقرن بن عبد العزيز، فيما غابت شخصيات بارزة في مقدمتهم السياسي المخضرم سعود الفيصل الذي شغل منصب وزير الخارجية مدة أربعين عاماً ومتعب بن عبد الله الملك الراحل، و هو ما فسره المراقبون بأنه يمثل اعلاناً عن عدم رضا هذه الشخصيات بالتغييرات التي اجراها الملك سلمان بن عبد العزيز كونه تجاهلهم تماماً في التشكيلة الجديدة لقيادة السعودیة.
وكان الملك سلمان أجرى صباح الاربعاء سلسلة تغييرات في إدارة السعودیة حاصراً السلطة بيد الجناح السديري. حیث أعفى أخاه غير الشقيق مقرن من ولاية العهد ليعيّن ابن شقيقه محمد بن نايف في المنصب. كما عيّن الملك ابنه محمد “٣٥ عاما” ولياً لولي العهد، وعادل الجبير سفير السعودية لدى واشنطن وزيراً للخارجية بدلاً من سعود الفيصل، وهي المرة الاولى التي يعين فيها شخص من خارج الأسرة المالكة في وزارة سيادية وحساسة.
وقضت قرارات الملك سلمان الجديدة بإقصاء جناح اخيه غير الشقيق الملك الراحل عبد الله عن السلطة والتمكين لجناح محمد بن نايف. ولم يرغب سلمان في تقوية أولاد فهد وسلطان الذين أبعدوا عن السلطة أيضاً في زمن الملك عبد الله.
وكان متعب بن عبد الله يأمل بتسلم ولاية العهد حيث بذل والده “الملك الراحل” مساع حثيثة من أجل تحقق هذا الأمر، لكن هذه المساعي والآمال ذهبت أدراج الرياح بعد تعيين محمد بن نايف ولياً للعهد، وبالتالي لم تعد هناك فرصة امام متعب كي يصبح ملكاً على البلاد في المستقبل.
ويرى المتابعون للشأن السعودي إن صراع النفوذ في السعودية اتخذ منحىً خطيراً يستهدف نقل السلطة لجيل الأحفاد بشكل سريع لأن الملك سلمان يدرك أن فترة حكمة لن تدوم طويلاً بحكم كبر سنه “٧٩ عاماً”. وكشف غياب شخصيات مهمة في مراسیم مبايعة ولي العهد الجديد عن وجود خلافات شديدة بين اركان الحكم في السعودية، ويتوقع الكثير من المراقبين ان تتعمق هذه الخلافات وتظهر الى العلن بشكل اوضح في المستقبل القريب خصوصاً في حال فشلت الرياض تماماً في تحقيق أهدافها المعلنة في عدوانها على اليمن.
وقد لا نبالغ اذا ما وصفنا التغييرات الاخيرة التي اجراها الملك سلمان بأنها انقلاب لا يضاهيه الا ما اقدم عليه شقيقه الراحل فيصل بن عبد العزيز عام ١٩٦٥ بعزل شقيقه الملك سعود. فالملك سلمان عزل شقيقه مقرن أيضا من ولاية العهد بعد أشهر من توليها، وعين ابنه محمد بمنصب ولي ولي العهد الذي تولاه محمد بن نايف لثلاثة أشهر فقط. وتبعاً لهذه التغييرات عاد الجناح السديري في الاسرة الحاكمة لإحكام قبضته على مفاصل الدولة.
وهناك سؤال يطرح نفسه بقوة عما اذا كانت عملية التغيير السياسي التي حصلت في السعودية ستتوقف عند هذا الحد ام أنها ستستمر في المستقبل؟ وكيف سيكون رد فعل بقية أمراء الاسرة الذين تم تجاوزهم في عملية ترتيب الحكم، خاصة احفاد الملك المؤسس؟
فيرى البعض ان التغييرات التي أجراها الملك سلمان مؤخراً والتي طالت رؤوساً بارزة أمثال مقرن وسعود الفيصل تخفي وراءها اهدافا تتعلق بترتيب الاوضاع الداخلية لاحتواء التداعيات السياسية الاقليمية الناجمة عن تطورات منها العدوان السعودي على اليمن ودعم الرياض للجماعات الارهابية لاسيما في العراق وسوريا وذهابها الى مديات بعيدة في خذلان القضية الفلسطينية وتواطئها المكشوف مع المشروع الصهيو امريكي الذي يستهدف تمزيق المنطقة.
ولكن ولكي لا نصدر احكاماً متسرعة نبقى بانتظار ما ستؤول اليه الاحداث وما تحمله الايام القادمة من تطورات لاسيما ما يرتبط بنتيجة العدوان على اليمن، ونعتقد في كل الاحوال ان هذه التطورات لن تكون في صالح النظام السعودي خصوصاً مع وجود تحفظات كثيرة في اوساط العائلة الحاكمة حول وصول محمد بن نايف الى ولاية العهد والذي يصفه الكثير من المراقبين بأنه المسؤول الاول عن سجل انتهاك حقوق الانسان داخل البلاد باعتباره يمسك مقاليد القمع وكبت الحريات والسجون والتعذيب في السعودیة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق