التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

مؤتمر جنیف ٣ بین أهمیة إیران والرغبة فی عزلها 

 في تاريخ ٢٠١٥/٤/٢٧م وخلال لقائه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على هامش مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوویة في مدينة نیویورك، وجه المبعوث الأممي إلى سوریا استیفان دي میستورا دعوة رسمیة للجمهورية الإسلامية الإيرانية للمشارکة في مؤتمر جنیف ٣ المزمع عقده في الأيام القليلة القادمة.

وأثناء حديثه عن اللقاء الذي جمعه مع قائد الدبلوماسية الإيرانية وصف دي ميستورا اللقاء بالبنّاء والإيجابي وتوقع أن يكون جواب الجمهورية الإسلامية إيجابياً، وفي وقت سابق وصف دي ميستورا الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها واحدة من أقوى الدول الإقليمية، وأن مشاركتها في مؤتمر جنيف حول الأزمة السورية ستكون إيجابية.

هذه التطورات تذكرنا بمؤتمري جنيف واحد واثنين اللذین عقدا عامي ٢٠١٢ و ٢٠١٤م ولم تشارك فيهما إيران عقب تعنت ورفض المعارضة السورية للمشاركة الإيرانية.

في عام ٢٠١٤م وبعد أن وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدعوة لإيران للمشاركة في مؤتمر جنيف ٢، عاد ليسحب هذه الدعوة رضوخاً للضغوطات التي تعرض لها من الدول الغربية وأمريكا من أجل الحؤول دون مشاركة إيران في هذا المؤتمر، وعقب رفض المعارضة السورية المشاركة في المؤتمر إذا ما حضرت الجمهورية الإسلامية.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبدى حينها امتعاضه من القرار الأممي القاضي بسحب دعوة إيران لحضور المؤتمر ووصفه “بالخطأ الكارثي”. وقال لافروف حينها “بالتأكيد هذا خطأ، لقد شددنا على الدوام على أن كل الأطراف الخارجية يجب أن تكون ممثلة” وذلك رداً على سؤال حول قرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سحب دعوة ايران لحضور المؤتمر الدولي.

اليوم تحاول الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصحيح “الخطأ الكارثي” الذي ارتكبوه سابقاً عندما حاولوا عزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتجاهل دورها الهام في المنطقة، ليعاودوا التأكيد على أهمية إيران كدولة إقليمية قوية تتصدى لدور هام جداً في المنطقة من خلال دعم قوى المقاومة أو من خلال التصدي لإرهاب التنظيمات التكفيرية وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي.

وهنا يسأل سائل ما الذي حدث حتى عاد المجتمع الدولي عن موقفه الذي اتخذه سابقاً وما سر هذا الانفتاح على إيران الإسلامية؟

للإجابة على هذا السؤال سنعود إلى كلام مساعد وزير الخارجية الإيراني الدكتور عباس عراقتشي بعد سحب الأمم المتحدة دعوة إيران للمشاركة في مؤتمر جنيف ٢ العام الماضي، حينها قال الدبلوماسي الإيراني المخضرم “الجميع يعرف أنه بدون إيران فرص التوصل إلى حل فعلي في سوريا ليست كبيرة… من الواضح أنه لا يمكن التوصل إلى حل شامل للمسألة السورية إذا لم يتم إشراك جميع الأطراف النافذة في العملية”، وفعلاً صدقت توقعات عراقتشي ولم يسفر مؤتمر جنيف ٢ عن نتيجة تذكر.

اليوم تعيش المنطقة ظروفاً استثنائية دفعت بجميع الأطراف إلى التعقل والتفكير ملياً قبل الإقدام على خطوات قد تعود عليهم وعلى بلدانهم بنتائج كارثية، فإذا ما تأملنا في الأوضاع الحالية سنلاحظ التالي:

١.    يتجه المجتمع الدولي إلى توقيع اتفاق نووي نهائي مع إيران سيرسم نهاية صراع طويل حول ماهية هذا الملف وأهدافه، وفي ذلك إقرار واضح من المجتمع الدولي بسلمية الملف النووي الإيراني وقدرات إيران العلمية والتقنية، الأمر الذي أجبرهم على الاعتراف بإيران نووية.

٢.       تهدید التنظيمات التكفيرية وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي أمن معظم دول المنطقة، والتجربة التي يعيشها العراق وسوريا حالياً أثبتت القدرة الإيرانية على دعم دول المنطقة في التصدي للإرهاب ونجاعة الحلول التي تقترحها.

٣.     تعيش دول مجلس التعاون وعلى رأسها السعودية أزمة حقيقية بعد خوضها غمار المستنقع اليمني، حيث عجزت هذه الدول وبعد أكثر من شهر من بدء عدوانها المسمى عاصفة الحزم على اليمن عن تحقيق انجاز يذكر.

٤.      دخول الأزمة السورية عامها الخامس، وتيقن معظم دول العالم باستحالة إسقاط النظام السوري عن طريق هجمات المجموعات المسلحة أو من خلال الضغوطات السياسية والاقتصادية.

٥.     تأثير إيران الكبير على دول المنطقة والعلاقات الوطيدة التي تجمعها مع دول وشعوب محور المقاومة.

٦.    انحسار دور ما يسمى المعارضة المعتدلة أو الجيش الحر في سوريا وصعود التنظيمات التكفيرية كتنظيم داعش وجبهة النصرة الإرهابيين إلى الواجهة.

كل هذه المعطيات تؤكد لكل ذي لُبٍّ استحالة حل أي أزمة من الأزمات التي تعيشها دول المنطقة من دون إشراك الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حلها، الأمر الذي أدركته دول المجتمع الدولي متأخرة بعد ما حدث في دول المنطقة من قتل ودم وتشريد.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق