التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

مبروک للسعودیة موقعها الجدید فی الصراع العالمی: یدٌ للصهیونیة، وتوأمٌ للمسخ الکیان الإسرائیلی 

إن الأحداث المتسارعة والتي تجري اليوم يجب النظر إليها من منطلق قراءة الحاضر وربطه بالتاريخ، لعلنا نستطيع استشراق المستقبل. لكن الشعوب اليوم أصبحت أكثر ارتباطاً بالصراعات، لأسبابٍ كثيرة، أهمها أن أغلب هذه الصراعات الحاصلة تدخل في خانة أزمات الوجود. فالجميع في المنطقة، استنفر جهوده وطاقاته، لأن الصراع اليوم لم يعد كأي وقتٍ مضى. فأطراف الصراع كافة، أظهرت حقيقة معتقداتها، وراحت تعيد اصطفافاتها بحسب رؤيتها. وهنا يأتي الحديث عن العدوان السعودي على اليمن وكيف وضعت السعودية نفسها في الخندق الإسرائيلي. وهو ما بيَّنه العدوان، الذي ذكَّر الشعوب بالمجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والشعوب العربية. لكن الجواب عن السؤال اليوم، يظهر من خلال مقاربة الأسباب والنتائج. فكيف يمكن إيجاد أوجه الشبه بين الكيانين السعودي والإسرائيلي؟ وكيف يمثِّل العدوان السعودي مثالاً لذلك؟

إن النشأة تشكل بحد ذاتها أهم ما قد يجمع الكيانين السعودي والإسرائيلي، فكلاهما نشأ عبر قوة السلاح وداس على القيم والمفاهيم الإنسانية. فالكيان الإسرائيلي بُني على أنقاض الشعب الفلسطيني، بعدما أوغلوا قتلاً وتهجيراً به، وغيروا اسم دولة فلسطين الى دولة “إسرائيل”. وهذا ما ينطبق أيضاً على آل سعود الذين يحدثنا التاريخ أنهم طردوا أمراء نجد والحجاز، وارتكبوا المجازر بحق أهلها ليبنوا دولتهم، وفي عام ١٩٣٢ سيطر آل سعود على كامل المنطقة وغيروا اسمها من إمارة نجد والحجاز الى المملكة السعودية. لم يكتف الطرفان بذلك بل وطدوا علاقتهم بأطراف خارجية مركزية. ولعل الصهاينة سعوا لتقوية علاقتهم مع بريطانيا للحصول على دعمها في مواجهة العرب والفلسطينیين. وبعد إعلان دولتهم قاموا بالتحالف مع الأمریكيين للحفاظ على وجودهم. وهذا يشبه ما قام به آل سعود، فقد ارتبطوا عام ١٩١٥ بميثاق تعاون مع بريطانيا للحفاظ على وجودهم العسكري. ثم وثَّقوا علاقتهم بأمريكا منذ بداية الثلاثينات، وهو ما دفع الرئيس الأمریكي فرانكلين روزفلت الى القول عام ١٩٤٣، إن الدفاع عن السعودية يمثل مصلحة حيوية لأمريكا.

بعد النشأة يأتي الحديث عن الأطماع التوسعية وكيف تشبه السعودية الكيان الإسرائيلي في ذلك. فالكيان الإسرائيلي له أطماع توسعية على حساب الدول العربية، وهو الذي لم يخف مشروعه بقيام “إسرائيل الكبرى” من الفرات الى النيل. كما أن للسعودية طموحات توسعية مع مختلف الدول الخليجية، وهذا بدا واضحاً من أطماع الرياض في اليمن، لما يحتويه من مخزون نفطي، حيث أجبرته على التنازل عن مناطق عسير ونجران وجازان الجنوبية في اتفاقية عام ١٩٣٤. وكذلك حين يأتي الحديث عن الكويت، فقد ظهر جلياً في الخلاف الذي نشأ بين الرياض والكويت حول حقلي الخفجي والدرة. يضاف الى ذلك محاولة السعودية ضم قطر الى مملكتها باعتبارها جزءاً من إقليم الاحساء. كما أن الحقائق تذكر أطماع السعودية في الإمارات ونفطها.

أسلوب الحرب يعتبر من أوجه الشبه بين الطرفين أيضاً، وهذا ما أكدته حرب اليمن. ويمكن اختصار ذلك بوصفٍ قد يلخِّص أسلوب الكيانين في الحرب، وهو سحق المعايير الأخلاقية والإنسانية والدينية للطرف المستهدف. فالكيان الإسرائيلي وفي أي عدوانٍ يشنه على لبنان أو غزة، يقوم أولاً بارتكاب المجازر عبر ضرب المدنيين، واستهداف المنشآت الحيوية من محطات الكهرباء والوقود وتدمير البنى التحتية من جسور وطرقات، فضلاً عن قصفها مراكز الاتصالات والمصانع الغذائية والمدارس والمستشفيات، أي باختصار تدمير دورة الحياة. يضاف الى ذلك ضرب مراكز الأمم المتحدة، ومخيمات اللاجئين، ومحاولة فرض حصار بحري وجوي. وهذا ما فعلته السعودية بالتمام والكمال خلال عدوانها على اليمن. فقد اتبعت أسلوباً ممنهجا في التدمير، ولم تراع أي حرمة وكان أهم اهدافها، ضرب دورة الحياة للشعب اليمني. فقصفت المدنيين بحجة أنهم مسلحون. ولم تكتف بذلك بل أضافت السعودية جريمة أخرى الى جرائمها الإنسانية، عبر منع إيصال المساعدات الإنسانية والطبية الى السكان وهو الأسلوب نفسه الذي يعتمده الكيان الصهيوني.

 في عدوانه على لبنان وغزة كان كيان الاحتلال يدعي أنه حسم المعركة عبر الجو، من خلال الضربات الأولى، أي من خلال ضرب أماكن ادعى أنها عسكرية أو مخازن الصواريخ، وهذا ما فعلته السعودية من خلال ادعائها بأنها دمرت مخازن السلاح والصواريخ لحركة أنصار الله في أول ربع ساعة من الغارات. لكن أكثر ما قد يدل على حجم التشابه فيما يتعلق بمحاولة سحق الشعوب والتعبير عن الحقد الدفين، هو الاستخدام الممنهج للأسلحة المحرمة دولياً، والتي كان استخدام السعودية لها في اليمن فظيعاً. كما أن الصمت الدولي كان يسود الموقف الدولي السياسي عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني وهذا ما جرى في الحرب السعودية على الشعب اليمني الأعزل. لكن الفرق هذه المرة، هو أن بعض الدول التي كانت تنافق في العداوة مع الكيان الإسرائيلي كانت هذه المرة في قلب الحرب، وبالتالي لم يُسمع صوتها الإنساني الذي كان يندد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، ولو من باب الترويج ليس أكثر.

إن من أهم الأمور التي يجب الوقوف عندها، هو أن أمريكا هي الطرف الجامع للكيانين من حيث الإدارة. فلقد أصبح واضحاً وللجميع، أن الكيان السعودي أُنشئ ليقوم بما لا يستطيع الكيان الصهيوني القيام به. وذلك بسبب قواعد الجغرافيا السياسية، والتي قد تفرض على كيان الاحتلال معادلات معينة. وهنا، لم يعد بالإمكان التعاطي مع السعودية على أنها دولةٌ تهتم بأمور المسلمين وترعى القضية الفلسطينية. فالسعودية هي التي وضعت نفسها هذه المرة وعن قصد، في وجه قضايا الشعوب، وشربت نخب الصهيونية مع الكيان الإسرائيلي. فمباركٌ للسعودية موقعها الجديد في الصراع العالمي، مع كيانها الأيديولوجي التوأم “إسرائيل”، والذي سينهار، كما ستنهار هي. وشكراً لأنها جعلت الصراع أوضح، وجعلت الشعوب تعود بنظرها للقضية الفلسطينية، والتي أصبحت معيار الفصل بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل. وهنا يأتي السؤال التالي: هل تتحضر السعودية لمرحلة الانهيار؟ سؤالٌ برسم الأيام المقبلة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق