التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, سبتمبر 19, 2024

مشروع امریکا التقسیمی لدعم الفصائل العراقیة والأکراد بعیدا عن الدولة والعراق یعترض 

تواصل أمريكا مساعيها الرامية لتقسيم المنطقة، وتفكيكها الى دويلات متناحرة ومتباعدة، والعراق خير شاهد على ذلك من دعم واضح وصريح للمجموعات التكفيرية في العراق. وهي تسعى في الوقت نفسه الى دعم بعض الفئات العراقية لمواجهة هذه المجموعات، وهنا الإزدواجية في السياسة الأمريكية والتي لا تفسير لها إلا بالهدف الرامي الى تفكيك العراق والمنطقة برمتها. وآخر فصول هذه المؤمرة، ما تعمل عليه لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الامریكي حيث صوتت على مشروع قانون يتعامل مع قوات البشمركة الكردية وبعض الفصائل المسلحة في محافظة الأنبار بوصفهم قوات منفصلة عن الحكومة العراقية والتي يرأسها حيدر العبادي، حيث تقدم لهم دعماً عسكرياً يتضمن التسليح والتدريب، بعيدا عن أنظار السلطات العراقية.

في هذا الإطار ذكرت صحيفة ذي غارديان البريطانية في تقرير نشرته أمس الثلاثاء أن مشرعين جمهوريين في مجلس النواب الأمریكي طرحوا مقترحا بتمويل الفصائل العراقية المسلحة مباشرة، بدلا من إرسال المساعدات عبر القنوات الرسمية التي تمر بالحكومة المركزية في بغداد. بينما أفصحت لجنة القوات المسلحة بالكونغرس عن ميزانية دفاعية قدرها نصف تريليون دولار للعام القادم، وورد فيها أن ١٧٨ مليونا على الأقل يمكن أن تذهب كدعم مالي مباشر للفصائل العراقية المسلحة والبشمركة.

وقالت الصحيفة البريطانية في تقريرها إن هذا التمويل قد يتسبب في “دق إسفين” بين أمریکا وحليفتها بغداد، كما أن من شأن هذا التمويل المباشر أن يساعد في ترسيخ الطائفية، التي من المفترض أن الإدارة الأمریكية تسعى لتقويضها، وهو خلاف ما تترجمه على الأرض.

وفي هذا الإطار وعلى المستوى الرسمي، رفض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مشروع قانون مقترح في الكونغرس الأمريكي بشأن تقديم المساعدات لقوات البشمركة الكردية وبعض الفصائل المسلحة في محافظة الأنبار، دون العودة للحكومة. وقال العبادي في بيانه: “في الوقت الذي ترحب الحكومة العراقية بجهود جميع الدول التي تقف إلى جانب العراق في حربه ضد عصابات داعش الإرهابية وتقدم له المساعدات العسكرية، فإننا نطمئن الجميع أن التعامل مع الحكومة العراقية كان وما زال واضحاً ضمن احترام السيادة العراقية، وهو ما وضعته الحكومة ضمن ثوابتها وتأكيداتها المستمرة في مباحثاتها مع هذه الدول”. وأضاف العبادي أنه “ليس هناك من تعامل بازدواجية مع الحكومة من قبل الأطراف الخارجية، ونؤكد أن أي تسليح لن يتم إلا عن طريق الحكومة العراقية، وفقاً لما تضعه من خطط عسكرية”.

وتابع العبادي في بيانه: إن “الحكومة تؤكد أن العراق بجميع مكوناته وأقلياته يواجه عصابات داعش  الإرهابية، وقد أثبتت الوقائع أن جميع هذه المكونات تواصل معركتها من أجل تحرير جميع الأراضي من داعش وإعادة النازحين إلى مناطقهم، واستعادة الحياة الطبيعية في ظل الحكومة التي اشترك الجميع في تشكيلها”. وأشار إلى أن “هناك انتصارات عديدة تحققت بفضل هذا التلاحم، ونحن سائرون بمعركتنا العادلة لتحرير كل شبر من أراضي العراق”. وقال: “مشروع القانون المقترح في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي مرفوض ويؤدي إلى مزيد من الانقسامات في المنطقة”.

وتوالت الردود على المشروع الأمریكي الهادف الى تقسيم المنطقة، فقد أكد سعد الحديثي المتحدث باسم رئيس الحكومة العراقية أن موقف بغداد ثابت ومعلن بشأن عملية التسليح، وهو رفض أي صفقة تعامل عسكري مع أية جهة دون علم وموافقة الحكومة الاتحادية، ممثلة في وزارة الدفاع.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن أي تسليح عبر الحكومة الاتحادية وضمن آليات التعامل العراقي “فهو مرحب به”، أما أن يكون التسليح لجهات دون علم وتواصل مع الحكومة، “فهذا أمر مرفوض ولن تقبله الحكومة العراقية، وتعده إخلالا بالنظام العسكري”.

أما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فقد اعتبر المشروع الأمريكي ”بداية للتقسيم العلني” للعراق، وهدد بضرب مصالح أمریکا في العراق وخارجه في حال تم إصدار القرار، لتسارع بعدها السفارة الأمريكية في بغداد إلى إصدار بيان، شددت فيه على أن سياسة أمریکا إزاء العراق لم تتغير، وأن إدارة الرئيس باراك أوباما تدعم وتؤيد ”عراقا موحدا”، وأن مشروع القانون الذي قدمه عضو الكونغرس ماك ثوربيري ليست لديه قوة قانونية، ولا يعكس سياسة ومواقف واشنطن.

أما حسن سالم رئيس كتلة الصادقون في مجلس النواب العراقي، فعبر عن انتقاده للدور الأمریكي في العراق، ورأى أن أمریکا لا تريد للعراق أن يهدأ ويتخلص من تنظيم داعش، بل تريده بلدا يعيش صراعات مستمرة، للحفاظ على مصالحها.

ورأى أن أمریکا منذ إعلانها تشكيل التحالف الدولي، لم تكن تريد محاربة داعش، بل أرادت القضاء على وحدة الشعب العراقي، وقال إن واشنطن “لو كانت جادة في محاربة الإرهاب لقامت بقصف معاقل داعش في الموصل والرقة بشكل مكثف، لا أن تمده بالسلاح”، على حد تعبيره.

ويعتقد عضو لجنة الأمن في مجلس النواب العراقي أن هناك غاية أخرى لواشنطن من وراء تسليح بعض الفصائل العراقية والبشمركة دون الجيش العراقي، تكمن في إشعال حرب أهلية لتعطي حلولاً تفضي بتقسيم البلاد.

وعبر الساعدي عن اعتقاده أن أمریکا تريد من خلال مخططها بالتعامل مع الأكراد وبعض الفصائل المسلحة في الأنبار باعتبارهما بلدين منفصلين”، والوصول إلى المشروع الأكبر الذي تعمل عليه منذ سنوات، والذي تبناه جو بايدن نائب الرئيس الأمریكي، الذي يفضي بتقسيم العراق إلى دويلات متناحرة.

الشعب العراقي الذي ذاق ويلات الاحتلال الأمریكي لبلده، والتي جنت الخراب والدمار ونهب الخيرات، يدرك اليوم جيدا أن امريكا عدو حقيقي لبلده، وأن كل خطوة تخطوها في العراق ما هي إلا سعيا منها لتحقيق مكاسب ومنافع لها، لم تستطع تحقيقها فترة الاحتلال، وأن مشروعها الهادف إلى نشر الفتنة والنعرات الطائفية بين ابنائه، ومن ثم تقسيم العراق إلى دويلات متناحرة متعادية فيما بينها، لم يعد خافيا على أحد، والعراق بشعبه كما في فترة الاحتلال ألحق الهزيمة والعار بالجيش الأمریكي، ولم يمكن أمریکا من تحقيق هدفها، فهو اليوم ايضا وبوعيه وثباته، سيفشل المخططات الأمريكية، ليبقى العراق موحدا متناغما متعايشا بين جميع طبقاته.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق