التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

حول مؤتمر الریاض والدعوة لتشکیل جیش یمنی جدید 

في ظل الجمود البادي على نتائج العدوان السعودي على اليمن، وفشل السعودية في تحقيق أي من أهدافها، سواء في اجبار اللجان الشعبية وحركة أنصار الله للانسحاب من عدن، أو إعادة الرئيس الفار عبدربه منصور هادي إلى سدة الحكم، تسعى الرياض جاهدة لتحقيق منجز ما على الصعيد السياسي، وذلك من بوابة المؤتمر المزمع عقده في العاصمة السعودية في ١٦ و١٧ مايو/أيار الجاري.

وأعلنت مصادر يمنية مقربة من البيت السعودي أنه يتم التحضير للمؤتمر مع الأطراف المؤيدة للرئيس هادي حصراً، ويجري العمل على التخطيط لإشراك عناصر منشقة عن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، دون توجيه الدعوة لحركة أنصار الله للمشاركة، وأن عدد المشاركين في مؤتمر الرياض سيبلغ قرابة ٢٥٠ شخصاً.

توقيت المؤتمر

يرى مراقبون أن المؤتمر المزمع عقده في ١٦ و١٧ مايو/أيار الجاري، سيأتي بعد أيام من القمة الخليجية المرتقبة في الخامس من أيار الجاري، والتي ترمي إلى إعادة تأطير الحرب على اليمن، بعد التخبط والعشوائية الواضحين في سلوك الدول المشاركة في العدوان، وذلك بسبب الفشل في تحقيق الانجازات الميدانية المعوّل عليها لتأمين المحافظات الجنوبية من أجل استثمار سياسي في أي مبادرة للحل السلمي للقضية اليمنية.

كما يأتي المؤتمر الذي سيضم فقط القوى المؤيدة للرئيس اليمني الفار عبدربه منصور هادي، بالتزامن مع المساعي السعودية لتدريب وتسليح القبائل وزجها في معركة طويلة الأمد مع الجيش واللجان الشعبية، الأمر الذي يفسره مراقبون بأنه محاولة صنع كيان سياسي وآخر عسكري مناوئ للجيش اليمني وحركة أنصار الله، يتماهى مع المصالح السعودية.

من زاوية أخرى يأتي المؤتمر بالتزامن مع موعد اجتماع قادة دول مجلس التعاون مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كامب دايفيد، حيث يرى مراقبون أن السعودية ومعها الدول الخليجية المشاركة في العدوان على اليمن، لا يرغبون بالذهاب إلى اللقاء “التاريخي” دون أن يكون في جعبتهم أي مكسب سياسي أو عسكري من الحرب التي شنوها على اليمن، وهم يسعون على الأقل لتحقيق نصر رمزي يتمثل بمحاولة عزل حركة أنصار الله سياسياً من خلال استبعادها من المؤتمر الذي سينعقد في الرياض.

تشكيل جيش يمني جديد أبرز محاور مؤتمر الرياض

مصادر سياسية يمنية مطلعة صرحت بأن أبرز الملفات الشائكة التي تثير نوعا من الخلافات أو التباينات بين القوى التي تمت دعوتها لحضور المؤتمر، هي تلك المتعلقة بموضوع تشكيل جيش يمني “وطني” جديد على درجة عالية من الكفاءة، يكون بديلاً عن الجيش اليمني الحالي.

لا شك بأن هذه الدعوة لتشكيل جيش جديد، إنما جاءت بسبب اصطفاف الجيش اليمني إلى جانب شعبه، والوقوف في وجه العدوان الذي يتعرض له بلدهم، والتقدم الذي أحرزه هذا الجيش مع اللجان الشعبية باتجاه المناطق الجنوبية في اليمن، ودحر عناصر القاعدة والميلیشيات المؤيدة للرئيس الفار عبدربه منصور هادي من مناطق واسعة من عدن.

ويصف مراقبون هدف تشكيل جيش يمني جديد بغير المنطقي واللاواقعي، وينطلي على هدف واضح هو تشكيل ميليشيا تحارب بالوكالة لصالح السعودية، حيث إن انحياز الجيش اليمني إلى جانب شعبه هو أمر طبيعي، وليس من الواقعي أن تنتظر القوات المعتدية على بلد ما من جيش هذا البلد أن يقف في صف المعتدي.

الملفت في الأمر أن القوى اليمنية المؤيدة للرئيس هادي نفسها لا تبدو متحمسة لهذه الخطوة الأمر الذي أدى إلى تباين المواقف ونشوب الخلافات على هامش التحضيرات للمؤتمر.

الاصرار على المبادرة الخليجية ورفض الاعلان الدستوري

ويأتي مؤتمر الرياض في محاولة لإعادة احياء المبادرة الخليجية بصيغتها الأولية والتي انتهت مدتها القانونية منذ آذار/مارس الماضي، ولرفض الاعلان الدستوري الذي وقعت عليه المكونات اليمنية كلها. حيث قال هادي في رسالته المؤرخة في السابع من مارس الجاري، إن مؤتمر الرياض يهدف إلى “المحافظة على أمن واستقرار اليمن، وفي إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها، وعدم التعامل مع ما يسمى بالإعلان الدستوري ورفض شرعنته”.

أي إن المؤتمر يأتي ضمن جملة المساعي لإعادة الوضع اليمني إلى ما قبل مرحلة انتفاضة حركة أنصار الله في العاصمة صنعاء، وما تمخض عنها من دمج المكونات المهمشة في عملية الحكم بما فيها حركة أنصار الله و الحراك الجنوبي، مما يسهل تمرير مخطط التقسيم الذي تنص عليه المبادرة، ويضع اليمن بشكل كامل تحت الوصاية الخليجية.

 اجهاض الحوار الأممي برعاية بن عمر وتهميش المبادرة العمانية

ويصف مراقبون مؤتمر الرياض بأنه استمرار لاجهاض الحوار اليمني الذي كان يرعاه المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بن عمر، والذي كان على وشك التوصل إلى اتفاق لولا الحملة العسكرية السعودية.

وكان بن عمر قد صرح لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن الوصول إلى اتفاق سياسي كان وشيكاً قبل بدء الغارات السعودية مما ساهم في تصلب مواقف الأطراف المتنازعة. إلا أن هذه التصريحات لبن عمر لم ترق للسعودية وحلفائها، مما عرضه لحملة اعلامية مناوئة، تتهمه بالانحياز لحركة أنصار الله.

ومن جهته صرح خالد بحاح نائب عبدربه منصور هادي تعقيباً على الانباء التي تحدثت عن مبادرة عمانية لحل الأزمة اليمنية، بأنه لا يفضل مبادرات جديدة، وأن “هناك مرجعيات للحوار بمشاركة الجميع.. لذلك لا نريد أن نقضي أربع سنوات جديدة في الحوار، علينا أن نستفيد من كل هذه المرجعيات وننفذها”.

وكانت تقارير صحافية تحدثت عن طرح سلطنة عُمان، التي تقف على الحياد من الصراع في اليمن، مبادرة من سبع نقاط لحل الأزمة اليمنية المستعرة، منذ سيطرة الحوثيين على السلطة في صنعاء في سبتمبر.

وفيما جدّدت طهران دعوتها إلى حوار يمني داخلي ترعاه الأمم المتحدة، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إنه يجب أن يشارك الجميع في اليمن في حوار من دون شروط مسبقة، متوقعاً ألا يتم الحوار في الامارات كإحدى الدول المرجّحة لاستضافة المحادثات بين القوى اليمنية، لأن “الامارات وللأسف أصبحت طرفاً في النزاع”، بحسب ظريف الذي شدد على ضرورة أن يعقد الحوار في مكان “ليس طرفاً في هذا النزاع”.

 اغراء اليمنيين بتلميحات الانضمام للمنظومة الخليجية

ويبدو أن الداعين لمؤتمر الرياض لم يفتهم محاولة اغراء اليمنيين بامكانية انضمام اليمن للمنظومة الخليجية، حيث اشار بحاح، في تصريحات صحفية مساء الجمعة الماضي، إلى “خطوات” عملية بشأن إدماج اليمن في المنظومة الخليجية في المرحلة القادمة، وأن “اليمن جزء من هذه المنظومة الخليجية جغرافياً واجتماعياً وسياسياً”، الأمر الذي يرى فيه مراقبون محاولة دعائية للترويج للوصاية الخليجية التي يرفضها الشعب اليمني.

فملوك السعودية الذين عاملوا اليمن لعشرات السنين وفق وصية مؤسس دولتهم عبدالعزيز آل سعود، بأن “عزكم في فقر اليمن”، لن يمتنعوا عن النظر باستعلاء نحو الشعب اليمني، ولو كانوا جادين في مسعاهم لبسط الاستقرار في اليمن، لكانوا أعادوا لهم مناطق نجران وجيزان وعسير الغنية بالنفط، ولكانوا امتنعوا عن ادخال اليمن في حروب وقلاقل داخلية لعشرات السنين، ولكانوا احترموا حرمة النفس الحرام في الشهر الحرام.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق