التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

محکمة رفیق الحریری تعود للواجهة .. وید الإجرام واحدة 

يجمع الباحثون والمتخصصون في القضايا الدولية, أنه نادرا ما شهد العالم والقانون الدولي قضية كاغتيال رفيق الحريري. فالجريمة كبرى, ارتكبت بوحشية, والأكبر من كل ذلك, الهدف والنتائج التي ترتبت على هذه الجريمة, ليتضح من مضامينها ما كان مرسوما ومخططا لبلد يشهد تنوعا ثقافيا وطائفيا فريدا من نوعه, هذا فضلا عن ما اعترى التحقيق من أخطاء فادحة, وانعطافات عجيبة, رسمت العديد من الخطوط العريضة, لتكشف اسرارها تتابع الأحداث والمجريات التي أعقبت الجريمة. فالقرارات التي صدرت عن المحكمة, منذ أن شكلت إلى يومنا هذا, لم تأخذ وجهة واحدة, فهي حاكمت سوريا بناء على شواهد تبين فيما بعد بطلانها, لتتجه بمحاكمة أحزاب لبنانية وراء عملية الاغتيال, لتعود المحكمة من جديد لتشير بأصابع الإتهام من جديد إلى الحكومة السورية, والشهادات التي أدلى بها بعض السياسيين اللبنانيين في الآونة الأخيرة, کان آخرها إفادة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط, ومن قبلها رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة, والمحكمة لا زالت مستمرة .

الجدير بالذكر, أنه ومنذ قرار مجلس الأمن الدولي الرامي إلى التحقيق في جريمة اغتيال الحريري قبل 8 اعوام ونصف العام وحتى يومنا هذا, انفقت المحكمة التي تشارك في تمويلها 28 دولة أكثر من 500 مليون دولار للبحث عن الحقيقة, وقد تسببت الفضائح التي اقترنت بالتحقيق من البداية في استقالة مسؤولين أمميين كبار، فيما وقع مسؤولون آخرون ضحية لخداع شهود مشبوهين. وفي لبنان، هناك من يعتقد أن المحكمة منحازة غربيا وفي الغرب هناك من يخشى أن تكون الأمم المتحدة حجبت حقائق قد لا تكون مستساغة في المنطقة العربية. لكن ما يتفق عليه الجميع أن القرارات التي صدرت عن المحكمة كان الهدف منها تحديد مستقبل جديد للبنان, وربما الشرق الأوسط بأكمله .

في عرض مجمل ومختصر لما أدلى به رئيس الحزب  التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط, والذي بمجمله يتفق مع ما أدلى به جميع المدعوين للإدلاء بآرائهم, حيث رکز على مجموعة من النقاط التالية والتي تأتي في صياغ تكرار لإتهامات سابقة يمكن عرضها كالتالي :

1-      اصطفاف وليد جنبلاط السابق مع النظام السوري قبل اتفاق الطائف, كان من أجل تجنيب لبنان الخطر الإسرائيلي .

2-      كان لدى جنبلاط محاولات عديدة مع الهراوي ورفيق الحريري (اللذین لم يكن لهما كلمة في الأمور الأمنية والعسكرية) لإيجاد فرصة لبنانية للحكم، ولكن نظام الاستخبارات المشترك اللبناني –السوري لم يكن يسمح بذلك .

3-       من الأسباب التي دفعتنی الى رفض انتخاب لحود أنه لم يكن يريد أن يأتينا عسكري الى سدة الرئاسة، والسبب انه لا يحب العسكر, كما أشار إلى نصائح النظام السوري بضرورة التمديد للحود, وهو ما كان يستشعره بمثابة تهديد سياسي وجسدي لشخص الحريري .

4-      إعتبر أنه يمثل قسما مقبولا من الطائفة الدرزية, وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري توسعت شعبيته .

5-       إعتبر أن السوريين قتلوا والده, لكن فضل عقد صفقة مع من قتلوا والده بحسب قوله, بسبب المخاطر المحدقة, وحفاظا على حياته. كما اعتبر أن تلاقي المصالح بين النظام السوري ولحود, أدت إلى اغتيال الحريري .

6-       سرد لبعض اللقاءات التي جمعت بينه والرئيس السوري, وبعض الحوارات التي كانت تدور بينهما, والشرخ في العلاقة بينهما والذي كان يستشعره بعد كل لقاء. كما اعتبر بحسب رأيه بأن كل من شارك في اغتيال رفيق الحريري قد تم تصفيتهم .

ولكن ما يمكن تسجيله في هذا الخصوص, إن كان لجهة ما أدلى به جنبلاط, أو لمجمل ما يمكن ملاحظته في سير عملية التحقيق وما رافقها من وضع مر به لبنان, يمكن تسجيل النقاط التالية :

1-      فضلا عن ما مر به لبنان من أحداث أمنية واضطراب سياسي أعقب جريمة الاغتيال, بالإضافة إلى حرب شنها الکیان الإسرائيلي على لبنان, في وقت كان فیه لبنان يشهد انعقاداً لطاولة حوار, يأتي اليوم المشهد من جديد, في ظل ما يعيشه لبنان من وضع خطير, من انعدام الاستقرار السياسي والأمني، والارتباط المباشر مع الحرب المستعرة في سوريا, بالإضافة إلى التهديدات التي تطلقها المجموعات التكفيرية, كلها أحداث لا يقف ورائها إلا أعداء الإنسانية الذين نشهد اعتداءاتهم على لبنان بشكل يومي من خلال اختراقهم لسيادة الأراضي اللبنانية .

2-       كل الاستدلالات التي بنت عليها المحكمة الدولية المختصة بكشف الحقيقة عن اليد الإجرامية التي تقف وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري, انما قامت على بنائين أساسيين, أولهما القائم على مجموعة ممن عرفوا فيما بعد بشهود الزور, والذين اعتمدت عليهم المحكمة في ادعاءاتهم والتي تبين فيما بعد بطلانها, وكان الهدف من ذلك إضلال المحكمة, أو كما اعتبر البعض بأن الهدف كان محضراً له مسبقا, والمحكمة موجهة ومسيسة, وهو رأي أخذ جدالاً كبيرا وواسعا على الساحة اللبنانية. ثانيهما الدلالات, والتي أدلى بها من أدلى من الشخصيات السياسية التي كانت تعد مقربة من رفيق الحريري, أو من سايروا فترة عمله السياسي في لبنان, وهذه الآراء لا تحتاج إلی كثير من التمعن والتحليل والدقة ليرى المتتبع أن أغلب هذه الدلالات, تستند بجزء كبير إلى مشاعر وأحاسيس, إن كان من جهة النظرة إلى الحكومة السورية آنذاك أو التمديد للرئيس لحود, أو أي مشهد سياسي آخر مرتبط بالمرحلة السابقة, وبالتالي فإنها لا تستند إلى أي دليل يمكن الاعتماد عليه, وهو ما يظهر جليا وواضحا في كلام جنبلاط أو السنيورة أو غيره, سواء سابقا أو حديثا .

والجدير بالذكر أن قرارات المحكمة التي صدرت, ترتب على أساسها أمر بالقبض على اربعة ضباط لبنانيين كبار، ظلوا محبوسين على ذمة التحقيق ثلاث سنوات كاملة، قبل أن يفرج عنهم لأن شهودا أدلوا بإفادات لا يمكن الركون اليها, بالإضافة إلى حملة تجيیش مذهبية وسياسية طالت دولا ورؤساء دول وحتى شعوب بأكملها, أو حتى بعض الفئات اللبنانية, ليتبين فيما بعد أن المحكمة كانت نتائجها مبنية على اسس باطلة ولا يمكن الركون إليها .

3-      لبنان كان يملك الكثير من الأدلة, والتي أدلت بها بعض الفئات السياسية اللبنانية, وأثبتوها بقرائن وشواهد معتبرة, وقدموا كل ما لديهم أمام المحكمة والرأي العام, إلا أن المحكمة الدولية الخاصة برفيق الحريري لم تعر أي اهتمام لهذه القرائن والشواهد, حتى أنها لم تبد استعدادها للبحث والنظر فيها .

تباينت الآراء حول هذه القضية, لكن جميع اللبنانیين أجمعوا على أن لبنان يمر في محنة تتطلب مزيدا من التعقل والتدبر والإنصاف, وأن يد الإجرام لا بد من وضع حد لها, فهي لا تؤمن بصديق, وصداقتها مع مصالحها ومنافعها ليس غير, وكل ما عدا ذلك تراه بعين العداء. إن قضية رفيق الحريري قضية يعيشها اللبنانيون في كل يوم, من اعتداءات الكيان الإسرائيلي, إلا اعتداءات الجماعات التكفيرية الإجرامية على لبنان, والتي حصدت حتى الآن ولا زالت الكثير من الشهداء, وأيتمت الكثير من العوائل, وقد حان الوقت لكي تنهض الشعوب وتحاكم اليد الإجرامية المتلونة التي تقف وراء كل هذا الإجرام .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق