بعد عدن ونجران .. هل تعيد السعودية حساباتها؟
ماجد حاتمي /
هزيمة نكراء منيت بها المجموعات المسلحة الموالية للسعودية في مدينة عدن ، بعد ان تمكنت اللجان الشعبية والجيش اليمني من دخول منطقة التواهي الاستراتيجية ، آخر معاقل مؤيدي الرئيس اليمني المستقيل والفار عبد ربه منصور هادي في المدينة.
القصف الجوي والبحري السعودي المتواصل منذ اكثر من شهر على مدينة عدن، وعمليات القاء السلاح والعتاد من الجو للمجموعات المسلحة الموالية لها في المدينة، وفرضها حظرا جويا وبحريا وبريا عليها، لم يحل دون هزيمة هذه المجاميع المسلحة، حيث نجحت اللجان الشعبية والجيش اليمني يوم الاربعاء 6 ايار/مايو، في دخول القصر الرئاسي، ومقر المنطقة العسكرية الرابعة، ومبنى التلفزيون الرسمي، ومبنى الامن السياسي، ووكالة الانباء اليمنية “سبأ”.
كانت بوادر الهزيمة واضحة من خلال صيحات الاستغاثة التي اطلقها رموز حكومة عبدربه منصور هادي من الرياض ، قبل ان تفرض اللجان الشعبية والجيش سيطرتها على منطقة التواهي بساعات، فقد دعا وزير الخارجية في حكومة الرئيس المستقيل والهارب منصور هادي، رياض ياسين، “قوات التحالف” و”المجتمع الدولي” للتدخل من اجل “انقاذ” المدينة، بينما دعا وزير حقوق الإنسان في ذات الحكومة عز الدين الأصبحي، مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة لمناقشة الأوضاع في عدن، فيما طالبت المجموعات المسلحة المهزومة الموالية للسعودية ، “قوات التحالف” بالتدخل البري وبسرعة.
وازاء نداءات الاستغاثه هذه ، لم يكن هناك من خيار امام السعودية الا مواصلة قصفها العشوائي لعدن ومنطقة التواهي، من الجو والبحر، حيث استهدفت طائراتها وبوارجها الحربية مناطق متفرقة من المدينة.
ان الصفعة التي وجهها الشعب اليمني للمجموعات المسلحة الموالية للسعودية في منطقة التواهي في عدن ، تؤكد حقيقة واحدة لا لبس فيها وهي: ان السعودية تواجه في اليمن الشعب اليمني بأسره وليس ، كما تدعي هي زورا وبهتانا ، “ميليشيا شيعية مدعومة من ايران”.
ان صفعة التواهي تؤكد مدى اصرار هذا الشعب على مواصلة طريق الاستقلال والتحرر من التبعية ورفض الارتهان للخارج ، رغم كل ما تعرض له من دمار طال البشر والشجر والحجر ، ورغم الحرب النفسية التي تشنها ضده الامبراطوريات الاعلامية التابعة للسعودية وقطر وباقي الدول الخليجية.
ان الذي جرى في التواهي ، يؤكد ايضا ان المجموعات المسلحة الموالية للسعودية ، والمدعومة بالمال والسلاح والعتاد ، لا تملك اي دوافع وطنية حقيقة لمواصلة القتال ، فهي مجاميع قليلة ، تم تحريكها عبر ضخها بالاموال، وتضخيمها عبر النفخ الاعلامي، وتبخر كل ما تملك من رصيد شعبي، بعد تحالفها مع المعتدي الذي يهدم بيوت اليمنيين على رؤوسهم، ويقتل بدم بارد اطفال ونساء اليمن، بينما يزداد التفاف الشعب اليمني حول انصارالله والجيش، لتصديهما لهؤلاء المعتدين.
ان ما جرى في التواهي، والبروفة التي قامت بها قبائل يمنية في نجران، يجب ان يدفع القيادة السعودية الى اعادة حساباتها والتفكير مليا في جدوى مواصلة عدوانها العبثي على الشعب اليمني، وان تصغي جيدا الى صوت العقل، بعيدا عن غريزة الانتقام، وان تقبل بالواقع الجديد الذي طرأ على المشهد اليمني، فهذا الواقع ليس طارئا، ولا مفروضا من الخارج، بل هو نابع من صميم هذا المشهد، ولا يشكل تهديدا لاي بلد، بل هو تصحيح لخطأ تاريخي يعيد اليمن الى مسار يفضي الى قيام يمن قوي سيد، فمن الخطأ ان تعتقد السعودية ان من مصلحتها الابقاء على اليمن ضعيفا ممزقا تنخره الصراعات والازمات، فمثل هذا اليمن لن يكون في صالح بلدان المنطقة، وفي مقدمتها السعودية.