السعودية في سباق مع الوقت لتدارك الآتي
تشهد الأحداث السياسية في المنطقة, اعادة خلط للاوراق مجددا على المسرح الدولي من خلال ما يجري في ساحات الحرب العراقية والسورية واليمنية واللبنانية والليبية, مما ينبىء برسم خارطة طريق جديدة على مستوى العالم. وما تشهده ساحات المواجهة بين محوري المقاومة ممثلا بسوريا وحزب الله والقوى الوطنية العراقية وقوى الثورة والجيش اليمني, ومن خلفهم دول البركس وايران حيث استخدمت في الميدان كافة انواع الاسلحة على مختلف انواعها.
فالودائع الكبيرة التي حظي بها المصرف المركزي السوري من محور روسيا وايران والصين والتي كانت الحصة الاكبر منه واردة من الصين, لا تقل اهمية عن الاسلحة الحربية التي ارسلتها موسكو وايران للجيش السوري من اجل وضع حد للهجمات التي قادتها تركيا مؤخرا على رأس محور الصهيونية العربية الذي يحاول جاهدا اغتنام مكاسب على الارض لتوظيفها في المفاوضات الجارية من وراء الكواليس بين مختلف القوى العالمية بقيادة روسية وامريكية لحلحلة الأزمة السورية.
صدى التحولات الكبرى في الداخل اللبناني حيث معركة القلمون, تدخل يومها الرابع بمزيد من الانتصارات لحزب الله والجيش السوري, ينبري الفريق الاخر للتأقلم مع الوضع الجديد ويعمل للحد من خسائره.
فتداعيات معركة القلمون ستصيب خصوم المقاومة بالصميم خاصة ان العمليات العسكرية الحالية ستدفع بالجماعات المسلحة الى الحدود التي يسيطر عليها الجيش على اطراف عرسال, ولا مناص من مشاركة الجيش اللبناني في معركة منع تغلغل المسلحين الى الداخل اللبناني عبر مناطق سيطرته.
فمهما اشتدت الضغوط السياسية على الجيش سيضطر الى الخوض في غمار الدفاع عن مناطقه طرا, وما الاتصالات مع السفارة الامريكية في بيروت التي يجريها الفريق السياسي المتضرر من زوال الارهاب إلّا الورقة الضاغطة عن حدود لبنان, كما صرح اكثر من مصدر متابع في قوى ٨ اذارـ فالاتصالات خلال الساعات الماضية تكثفت مع السفارة الامريكية في بيروت، لكن عدم الاستجابة لالحاح عدد من قيادات قوى ١٤ آذار لعمل ديبلوماسي جاد يتمخض عنه موقف دولي موحد يحمل صفة بيان في مجلس الامن لمطالبة حزب الله عدم التدخل في الحرب السورية والانسحاب الى داخل الاراضي اللبنانية، كان سلوكا صادما لهؤلاء, فقد لمس المتصلون اختلاف المقاربات بين السعودية وواشنطن. موقف السفارة الامريكية عبر عنه هؤلاء بخيبة كبيرة بأنه فاتر وسيفلت من يدهم ورقة ضغط استراتيجية على الحزب وحلفائه وبيئتهم.
فالأمريكيون يراهنون على أن غرق الحزب في ميدان الحرب سوف يضعفه أكثر, فيما النتائج على ارض الواقع تظهر العكس. فالحزب يحقق مزيدا من الانتصارات على كافة الجبهات وخاصة مع الكيان الإسرائيلي والتي كان اخرها عملية مزارع شبعا, التي نفذتها المقاومة رغم كل التعقيدات الدولية والاقليمية والمحلية البالغة الدقة, واليوم في القلمون حيث التكتيك والاداء الباهر الفعال الذي يومئ لنتائج استثنائية في المعارك والحروب.
اما على الجبهة العراقية فلا يختلف الوضع. فمزيد من الانتصارات للجيش والحشد الشعبي على حساب قوى الارهاب والقوى الرديفة التي تحاول تمرير مشاريع مشبوهه ضد العراق وشعبه والتي ترمي الى تفتيت وحدة الاراضي العراقية لحساب مشروع التقسيم والهيمنة الامريكية ومؤيديه في الساحة العراقية.
وفي ما يخص الجبهة السورية فإن الوضع العسكري الذي ساد مؤخرا ومال لصالح قوى الارهاب المدعومة سعوديا وتركيا, فقد باتت الوقائع تشهد عكس ذلك مع ما يحققه الجيش على اكثر من محور قتالي رغم التدخل التركي المباشر على الارض وسط فشل الجهود الكبرى التي بذلها محور الارهاب لتحقيق نتائج لم تكن قدر المتوقع وعلى مستوى الامكانات والجهود التي وفرت لها.
وفي اليمن فان الجيش وقوى الثورة قد حققوا نجاحات مهمة في مواجهة قوى الارهاب ممثلة بالقاعدة وفلول منصور هادي, فعلى الرغم مما يقدمه التحالف السعودي الامريكي لهم من اسناد ناري ودعم مفتوح, يشهد الجنوب اليمني فتوحات لاسترداده من الوصاية الارهابية السعودية, بل ان قوى الثورة قد استطاعت اختراق الاراضي السعودية والسيطرة علي مواقع للجيش السعودي الذي فر من ارض المعركة بجبنه المعهود فضلا عن هطول صواريخ تحذيرية يمنية على مناطق داخل السعودية رسمت مسارا جديدا للمعركة ان استمرت.
إن الهجمة الشرسة التي تقودها السعودية كرأس حربة للمشروع الصهيو امريكي, تبدو في سباق محموم مع موعد توقيع الاتفاق النووي الايراني مع الدول الكبرى والذي بات ضرورة امريكية لحفظ ماء الوجه فعدم توقيعه اسوأ بكثير على الادارة الامريكية من توقيعه لانه في حال عدم التوقيع فان ايران تصبح في حل من اي التزام دولي, وما يجره هذا الموقف من صراع ضخم غير محسوب النتائج ليس واردا في الحسابات الامريكية حاليا لأن كلفته عالية جدا وخطيرة وغير معلومة.
هذا وتبدو السعودية في سباق مع الوقت لتحقيق انجاز ما قبل اخر حزيران موعد توقيع الاتفاق النووي لكن الاحباط يبدو جليا من خلال كتابات اقلامهم المأجورة والتي تبدو مربكة كما قادتهم وملوكهم.
وحال السعودية اليوم نختم به عبر عرض ملخص لما جاء في مقال للكاتب سليمان نمر، من الرياض، يرى فيه انه لا “حل” في اليمن من دون تدخل برّي يؤدي، حسب أمانيه، إلى هزيمة قوات “انصار الله” والجيش اليمني.
وأضاف أنه قد بدا ان انصار الله يحققون مكاسب عسكرية في عدن على حساب “مليشيات المقاومة الشعبية” التي لا تتمتع باي خبرات عسكرية كافية، حسب توصيفه. وحتى في تعز لازالت قوات صالح وانصار الله قادرة على التأثير والاحتفاظ بالمعسكرات والمناطق التي تسيطر عليها رغم غارات طائرات التحالف .واذا كان هذا هو الوضع في الجنوب حيث ان غالبية سكانه اذا لم يكن كلهم ضد انصار الله، فما بالك في شمال اليمن والعاصمة صنعاء .
إن واقع السعودية المأزوم يعبر عنه الحقد الدفين الذي يخفي فشلا كبيرا الى حد الجنون, الذي دفع بالسعودية الى تدمير صعدة واعتبارها ارضا محروقة حيث انهال الحقد السعودي قصفا وتدميرا في الايام الاخيرة مما سبب استشهاد المئات من المواطنين اليمنيين ودمارا هائلا في المباني والاحياء السكنية.
ويمكن القول ان مجريات العدوان الاجرامي الحاقد الذي يحاول استنهاض المملكة المجرمة واستنقاذها من الهزيمة المدوية التي سترسم نهايتها, انما يعبر عن هوية النظام السعودي الارهابي والفشل الذريع في المعركة وافلاس جدي وصلت اليه, ويفتح سجلا اجراميا جديدا واضحا لكل العالم يرسم مستقبل السعودية في القصاص الآتي بعد سفك الدم اليمني بهذه الهمجية والبربرية الحاقدة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق