التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

الرسائل الإستراتيجية للقاء الأسد – بروجردي .. شكلاً مضموناً وتوقيتاً 

حمل اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد مع رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي أمس الأربعاء، رسائل عدّة من ناحية الشكل والمضمون والتوقيت. فزيارة بروجردي تأتي بعد سلسلة من الشائعات التي شكّكت في صدقية وفعالية تحالف دمشق طهران مع إقتراب إستحقاق الإتفاق النوويّ الإيرانيّ في شهر حزيران المقبل.

 

 

للوهلة الأولى تبدو زيارة بروجردي إلى دمشق لا تختلف عن نظيراتها السابقة، لكن المطالعة الدقيقة لظروف الزيارة وتوقيتها، تؤكد أنها تأتي في مرحلة فائقة الحساسية، وتحمل في طياتها رسائل عدّة على مختلف الصعد لا يمكن التغافل عنها، أبرزها التالي:

 

شكلاً

 

من ناحية الشكل، بعث الرئيس الأسد برسائل مهمّة خلال لقائه رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني تمثّلت بحضور مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك، ما يدحض حملة الشائعات التي تعرّض لها الرجل في الآونة الاخيرة من قبل بعض الوسائل الإعلامية حول “تخطيطه لانقلاب على الحكم، وفتح قنوات اتصال مع المعارضة السّورية، ما أدى إلى وضعه في الإقامة الجبرية”.

 

الظهور الأول لمملوك الذي غاب عن الإعلام لسنوات طويلة مع مسؤول ايراني بالتحديد، يكشف زيف الإدعاءات التي نقلتها صحيفة الغارديان البريطانية منذ يومين في إحدى مقالاتها عندما اعتبرت أن “رئيس جهاز المخابرات السّورية تحت الإقامة الجبرية بسبب اعتراضه على دور إيران في سوريا، التي تعتبر من أقرب حلفاء دمشق” من ناحية، ومدى ثقة سوريا بحليفها الأقوى الجمهورية الإسلامية الإيرانية من ناحية أخرى.

 

كذلك يدحض حضور اللواء مملوك الرجل الأقوى في المخابرات السورية، متبسماً وبصحة جيّدة على يسار الرئيس الأسد مباشرة، إشاعات أخرى مفادها “نقله إلى المستشفى في ظروف غامضة”، لا بل يؤكد صحة ما كشفته مصادر سورية رفيعة بأن “اللواء مملوك على رأس عمله يزاول كافة مهامه بشكل اعتيادي.”

 

مضموناً

 

أما من ناحية المضمون، فلم تختلف هذه الزيارة كثيراً عن زيارات بروجردي السابقة، حيث جدّد خلالها دعم بلاده “المبدئي” للشرعية التي يتمتّع بها الرئيس الأسد، إلا أنها تبعث برسائل محلية وإقليمية ودولية مفادها: تحالف طهران-دمشق متين في وجه الهجوم السعودي العام في المنطقة والتركي في الشمال السوري. إيران ملتزمة بتعهداتها تجاه دمشق والرهان على تراجع الدعم في سياق التفاهم على الملف النووي الإيراني رهان خاطئ.

 

كذلك يعتبر وصول مسؤول إيرانيّ على هذا المستوى إلى دمشق مؤشراً قوياً علي بقاء طهران على الأرض، لدعم معركة الجيش السوريّ في جسر الشغور، وفي القلمون، وأيضاً علي استمرار انخراط محور المقاومة بكامله في مختلف الجبهات السورية.

 

توقيتاً

 

تأتي زيارة بروجردي في هذا الوقت بالتحديد لرفع الصوت عالياً في وجه الحملات الإعلامية الكاذبة، والتأكيد على أن طهران كانت وما زالت وستبقى إلى جانب سوريا حكومة وشعباً. كذلك تسقط هذه الزيارة الحملة الإعلامية التي تسوقها بعض الأبواق الإعلامية حول كون “حليف سوريا غير قادر على إتخاذ موقف لأنه مقيّد بشروط ضرورية لإنجاح الإتفاق”، لأنها تأتي قبل فترة ليست ببعيدة عن موعد الإتفاق النووي المقرر عقده الشهر المقبل.

 

ولا يمكن التغافل عن أن زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني في مجلس الشورى الإسلامي أتت قبل يوم واحد من قمّة كامب ديفيد سيئة الذكر، ذلك المنتجع السياحي الذي-وكما يشهد التاريخ- تتآمر من داخله أمريكا بالتعاون مع بعض العرب على العرب أنفسهم. لذلك تؤكد زيارة بروجردي على أن سوريا لا تزال قلب محور المقاومة، والمعركة القائمة هي معركة محاور وليست دول.

 

اذاً يبدو واضحاً أن تأجيج الحرب على السوريين “من قبل الإرهابيين وداعميهم واستخدام الكذب والحملات الإعلامية لتحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه على الأرض، لم ولن ينال من صمود وعزيمة السوريين وتصميمهم على القضاء على الإرهاب بمساعدة الدول الصديقة، وفي مقدمتها إيران”، حسب الرئيس الأسد. 

 

وفي الخلاصة، تقطع الزيارة الأخيرة للمسؤول الإيراني إلى دمشق الشكّ باليقين حول جوهرية وإستراتيجية العلاقة بين إيران وسوريا، وتؤكد زيف كافة الإدعاءات التي ساقتها وتسوقها وسائل الإعلام الممولة من أعداء سوريا، ولكن تطبيقاً للمثل الشعبي المعروف “إلحق الكذاب لحد باب الدار”، أخبروني متى تركت إيران حلفائها، أخبركم متى ستترك الرئيس الأسد.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق