التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

القمة الأفغانية الباكستانية: قرارً بالشراكة ومحاربة الإرهاب 

قد يكون من حسنات عدم الاستقرار، سعي الدول لضمان أمنها وعدم الاعتماد على الخارج. هكذا يمكن باختصار وصف ما تسعى العلاقة الباكستانية الأفغانية، الارتقاء إليه. فالدول اليوم تعيش بأسرها، حالة من صراع الوجود، الأمر الذي دفعها للتغاضي عن الماضي والبحث عن سبل التقارب من أجل مستقبلٍ أفضل. ولعل الحاجة لذلك تُعد كبيرة بين البلدين باكستان وأفغانستان، لما تعانيه الدولتان من عدم الاستقرار الداخلي وخطر الإرهاب. فماذا في زيارة رئيس الوزراء الباكستاني لأفغانستان؟ وما هي دلالاتها؟

 

أولاً: القمة الأفغانية الباكستانية:

اصطحب رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف قائد الجيش الجنرال راحيل شريف ومدير الاستخبارات العسكرية الجنرال رضوان أختر في زيارته الثانية للعاصمة الأفغانية كابول منذ توليه رئاسة الوزراء قبل أقل من سنتين. وتهدف الزيارة الى زيادة تطمين الأفغان الى تعاون إسلام آباد في محاربة الجماعات المسلحة والعمل علي استقرار أفغانستان. وجاءت الزيارة بعد أيام على انتهاء مؤتمر عقدته منظمة “باغواش” الكندية في العاصمة القطرية الدوحة، وضم ممثلين عن كل الفصائل والشرائح الأفغانية، إضافة إلى ممثلين لباكستان وإيران وبقية دول جوار أفغانستان.

وفي تلميح الى الدعم الذي تتلقاه حركة طالبان الأفغانية من إسلام آباد، أبلغ الرئيس الأفغاني اشرف غني رئيس الوزراء الباكستاني الزائر أن “البلدين يجب أن يعملا معاً لمحاربة الإرهاب”، مضيفاً: “لا يوجد إرهابي جيد وإرهابي سيء، والحكومة الأفغانية ستفعل كل ما بوسعها لمواجهة الحرب المفروضة على الشعب”. وكان قائد الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف قد أكد عشية الزيارة ضرورة الاتفاق على عدم سماح أي طرف باستخدام أراضيه لتهديد أو شن غارات على الطرف الآخر، ما يشير الى استعداد إسلام آباد لمنع (طالبان) الأفغانية من العمل من أراضي باكستان، في مقابل منع استخدام عناصر الإستخبارات الهندية أراضي افغانستان في تنفيذ نشاطات عدة بينها تمويل جماعات مسلحة في باكستان خصوصاً في إقليم بلوشستان المضطرب. وأكد الجنرال شريف أن “أعداء أفغانستان هم أعداء باكستان أيضاً”.

ثانياً: قراءة في الدلالات:

لا شك أن العلاقات الباكستانية الأفغانية قد شهدت فتوراً في الفترة الأخيرة، وهناك العديد من الأسباب لذلك. لكن الواضح أن البلدين يسعيان للتغلب على الصعوبات التي تواجههم. فكيف يمكن تبيان ذلك؟

– بعدما أعلنت حركة طالبان الأفغانية بدء عمليات الربيع، أجبرت حينها الرئيس غني على تأجيل زيارته للهند قبل أيام، والإدلاء بتصريحات أثناء هذه الزيارة بأن أفغانستان قد تمنع مرور البضائع الباكستانية إلى دول وسط آسيا، إذا أصرّت إسلام آباد على منع وصول بضائع هندية الى افغانستان عبر باكستان. لكن الواضح أن الطرفين أدركا أن المصالح بينهما يجب أن تكون أقرب من الاختلافات. بل يجب جعل ملف مكافحة الإرهاب، القاسم المشترك للبلدين، وبالتالي محاولة الاستفادة من الحوار للقيام بذلك.

– تشكل الزيارة بحد ذاتها أمراً مهما لما يمكن أن تولده مما يسمى “البيئة الأمنية” وهي الأمر الذي يحتاج له البلدان على الصعيد الداخلي والقومي. ولعل الالتفات لذلك أصبح اليوم ضرورة في ظل التهديدات الكبيرة التي تطال الدولتين.

– أصبح الطرفان على قناعة بأن السبيل الوحيد للاتفاق بينهما هو الجلوس معاً وعدم الارتهان للخارج. وهذا ما تؤكده الزيارة. فالصراعات الحاصلة اليوم والتي أصبحت تهدد أمن كيانات الدول، تفرض بحد ذاتها اللجوء الى موارد القوة المتاحة والتي يمكن من خلالها العمل على تقوية مبدأ الارتهان للداخل أكثر من الخارج.

– إن تقارب البلدين أمرٌ يجعل حركة طالبان الإرهابية، بعيدة عن الاحتضان السياسي. وبالتالي فإن الاتفاق على التعاون في ملف الإرهاب يجعل الحركة تعيد حساباتها، وهي التي تعمل وفقاً للسياسة الأمريكية، لزيادة الفوضى الخلاقة في الدول. وهو ما يؤكده ارتفاع وتيرة العمل الإرهابي منذ أن تراجع الدور الأمريكي المباشر في المنطقة. فأمريكا تعتمد على هذه الحركات، من أجل التأثير غير المباشر على الدول. ولعل محاولات الاستقلال بالقرار للدولتين باكستان وأفغانستان، هو بطبيعة الحال، عكس ما يشتهيه الأمريكي، الذي يسعى دوماً لإبقاء الدول تحت سيطرته.

لعل باكستان وأفغانستان، اتخذتا قراراً بالشراكة الحقيقية. فإرهاب طالبان لم يعد يهدد فئةً دون أخرى، بل أصبح يهدد أمن الكيانين الأفغاني والباكستاني. كما أن البلدين لا شك أنهما يدركان أكثر من أي وقتٍ مضى، أن الزمن اليوم للقوي القادر على تحصين ساحته الداخلية.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق