مؤتمر جنيف ٣ … أهدافه ونتائجه المستقبلية ؟
تشكّل المؤتمرات الدولية فرصة مناسبة لحل الأزمات في أي بلد ما، وسوريا ليست عن هذا ببعيد في ظل الحديث مؤخراً عن مؤتمر جنيف ٣. السؤال الذي يتبادر لذهن القراء دائما هل سيحل جنيف ٣ الازمة السورية حقا؟ وماذا كان في جنيف ١ و كذلك جنيف ٢ ومن كان وراء انعقاد جنيف وما هي اهدافهم؟ وما مصداقية مخططي مؤتمر جنيف حول سوريا لحل الازمة؟
لنبدأ اولا من جنيف ١ حيث عقد في ٣٠ يونيو/حزيران من عام ٢٠١٢ بناء على دعوة المبعوث الأممي إلى سوريا كوفي أنان. وضمّ الاجتماع كلا من الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء خارجية الاتحاد الروسي وتركيا والصين وفرنسا وقطر (رئيسة لجنة جامعة الدول العربية لمتابعة الوضع في سوريا) والعراق (رئيس مؤتمر قمة جامعة الدول العربية) والكويت(رئيسة مجلس وزراء الخارجية التابع لجامعة الدول العربية) والمملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية وامريكا وممثلة الاتحاد الأوروبي السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. ومن اهم نقاط بيان المؤتمر دعوة الدول المشاركة في مؤتمر جنيف بشأن سوريا جميع الاطراف الى وقف العنف واستئناف الحوار من اجل التوصل الى حل سلمي ووقف عسكرة الأزمة.
اما جنيف ٢ المنعقد في ٢٢ يناير ٢٠١٤ بدعوة مبعوث الأمم المتحدة للسلام في سوريا انذاك الأخضر الإبراهيمي، فتم فيه تحديد قائمة الدول المشاركة في المؤتمر من قبل الأخضر الإبراهيمي في ٢٠ ديسمبر ٢٠١٣. وكان من اهم الاحداث قبل انعقاد المؤتمر سحب دعوة ايران للحضور حيث اعترضت كل من امريكا وما يسمي بـ”الجيش السوري الحر” على مشاركة الجمهورية الاسلامية الايرانية. اما النتائج فلم تكن تختلف كثيرا عن مثيلتها في جنيف ١.
ومن نتائج المؤتمرين السابقين نود توضيح نقطتين مهمتين، الاولى تتعلق بالدول المشاركة في المؤتمر، حيث من بين الدول المشاركة هناك دول مثل تركيا وفرنسا وامريكا وقطر هم الداعم الرئيسي والاكبر بتلك الفترة والى الآن للمجموعات المسلحة المختلفة. فكيف يكون ثمة دور لهذه الدول المشاركة بمؤتمر(سلام) لو صح التعبير وهم يدعون الى نسف وحذف احد اطراف النزاع وهو النظام السوري ليلا ونهاراً؟ الا يجب عند الدعوة الى مؤتمر من اجل الحلول اللازمة، الاعتراف بالنظام الذي كان وما يزال متواجداً على الارض وهو صاحب القوة الاكبر؟! والنقطة الثانية: وهي نتائج هذه المؤتمرات التي تدعو الى الحل السلمي وترك الحل العسكري، فكيف يكون ذلك وهي كما اشرنا تدعم بشكل مباشر عسكريا وامنيا ولوجستيا جميع الجماعات المسلحة والارهابية؟ الا يجب الكف عن دعم تلك الجماعات عملياً بدلا عن الدعوة عبر مثل هذه المؤتمرات الى الحلول السياسية بالقول فقط ؟!
وقبل انعقاد جنيف ٣ أيضاً نرى كيف تقوم الدول ذاتها بالعمل على تدريب وتسليح اكثر من خمسة الآف مقاتل فيما يسمى المعارضة المعتدلة (١٥٠٠ الى ٢٠٠٠ مقاتل في الاراضي التركية). اي معارضة معتدلة هذه التي لم نر الى الان اي مواطن سوري يستطيع ان يعيش تحت كنف هذه المجموعات الارهابية او ان يعبر عن رايه بالانتماء لاي فصيل اخر والا لكان مصيره القتل؟ وعن اي حرية تتكلم هذه المعارضة المسلحة وعن اي مطالب محقة تتكلم تلك الدول الغربية؟ الى متي ستبقى هذه الازدواجية في المعايير حيث تقوم الدول بالمطالبة بحل سلمي وبالوقت نفسه تدعم و تدرّب المقاتلين وتعلن ذلك علناً ؟
وهذه المرة ايضا كما مثيلتها الاخيرة تمت دعوة الجمهورية الاسلامية الايرانية للمشاركة في مؤتمر جنيف ٣. فما هو الهدف الان من هذه الدعوة؟ هل هو اعتراف من هذه الدول بقوة ايران في هذه المنطقة ؟ ام إنهم ايقنوا انه لا يمكن حل مشاكل المنطقة الا بوجود الجمهورية الاسلامة الايرانية؟ وهل ستبقى هذه الدعوة ام على حسب الضغوط سيتم سحبها واعادة افشال المؤتمر من جديد ؟
للاجابة على هذا السؤال يجب ان نعرف مدى مصداقية كل من تركيا والدول الغربية الحليفة معها في حل الازمة السورية. فحينما تدعم تركيا المسلحين للإستيلاء على مدينة جسر الشغور فلا نعتقد ان لدى هذه الدول النية الحقيقية لحل الازمة وانما الابقاء على الجبهات ساخنة، وذلك من اجل خدمة الحليف الاستراتيجي لها في المنطقة أي الكيان الإسرائيلي. والا فلماذا تسعى هذه الدول دائما الى اسقاط الاسد وما الهدف من التدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى؟ اليس من الاولى ترك القضية السورية للسوريين انفسهم من اجل حل ازمتهم؟ واليس من الاولى طلب النصيحة والتشاور مع الجمهورية الاسلامية الايرانية من اجل حلول سلمية والتي دعت اليها مرارا؟
النتيجة التي نخلص إليها هي ان هذه الدول تتذرع بحجج واهية مثل المطالبة بحقوق الانسان للتدخل في شؤون دول العالم. فقد تناست تركيا كيف تعاملت في قضية قمع التظاهرات التي بدأت كحركة احتجاجية بيئية لانقاذ حديقة جيزي. وامريكا هي الأخري حين خرجت المظاهرات في فيرغسون وفي نيويورك. ثم تدعو هذه الدول عبر مؤتمرات دولية للسلام الى الحل السلمي وهي تقوم بتدريب وتسليح المقاتلين واشعال نار الحروب وتقسيم الدول الى طوائف واقليات صغيرة متناحرة، والهدف هو ابقاء التبعية الدائمة لها بما يخدمها و يخدم حليفها الكيان الإسرائيلي دون النظر الى حال الشعوب وما لحقها من دمار وآلام وصعوبات معيشية هائلة.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق