التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

الفكر البدوي الصحراوي في ظل الجاهلية القديمة والحديثة 

تعيش منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات عدّة على وقع أحداث عنوانها “كسر محرّمات” تؤسس فعلياً لمرحلة “الجاهلية الحديثة”. والسابقة الخطيرة التي تُرتكب من بعض دعاة الإسلام( والإسلام منهم براء) هي أنها لم تبقِ لأمريكا والكيان الإسرائيلي أو لأي جيش غازٍ أي محرمات يمكن مراعاتها خلال الحروب.

 

ما تشهده دولنا العربية حالياً بدءاً من سورياً مروراً بالعراق وصولاً إلى اليمن من مذابح ومجازر، لا تختلف كثيراً عن تلك التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي منذ العام ١٩٤٥ حتى يومنا هذا من قتل وتهجير وبقر لبطون النساء و..، لا بل كسر الإرهاب البدوي الصحراوي في بعض الأحيان محرّمات عمل الكيان الإسرائيلي على مراعاتها في الفترة السابقة.

الإرهاب الحالي في المنطقة ينحصر بعاملين الأول داعش وأخواته في سوريا والعراق والآخر السعودية من خلال عدوانها على الشعب اليمني، هذا لو صرفنا النظر عن الكيان الإسرائيلي المستفيد الأكبر من ظهور وأفعال هذه الجماعات. والغريب أن الإرهاب وإن اختلفت وسائله بين السعودية وتنظيم داعش الإرهابي ما يجمعهم هو القتل والدمار و..”كسر المحرمات”، وهو ما دفعنا إلى إجراء مقاربة سريعة للتشابه الحاصل في أفعال كلا الطرفين على الساحة الإقليمية. 

بصرف النظر عن آلاف الشهداء الذين سقطوا جراء العدوان السعودي كما هو حال نظيره الداعشي، وكذلك هتك حرمة الأشهر الحرام، هناك مشتركات عدّة بين الجانبين سوف نقتصر على ذكر بعضها.

نبش القبور

إلتقت السعودية في كسر أهم المحرمات “نبش القبور” مع تنظيم داعش الإرهابي الذي نبش قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي وغيره من قبور المسلمين، عندما شنّت حوالي الـ١٤ غارة جويّة على ضريح القائد السابق لحركة أنصار الله السيد حسين الحوثي في جبل مران بمحافظة صعدة شمالي اليمن ما أدى إلى تدميره بالكامل. فالسعودية لحقت بتنظيم داعش الإرهابي الذي عرف بهدم الأضرحة في المرحلة السابقة -لأن ذلك من بدع الكفر وعبادة الأصنام-، عندما استهدفت مسجد الامام الهادي التاريخي الذي يعود بنائه لسنة ٢٩٠ هجرية (عمر المسجد حوالي ١٢٠٠ عام) مع إدراكها المسبق أن المسجد يضم مقام مؤسس الدولة الزيدية الإمام يحيى، وكذلك استهداف مسجد حمرا علب (مسجد وضريح الامام الصنعاني المتوفي سنة ٢١١ للهجرة بقرية دار الحيد في محافظة صنعاء(.

تدمير الآثار 

الإرهاب السعودي كنظيره الداعشي الذي دمّر آثار حضارة بلاد الرافدين بعد احتلاله لمتحف الموصل وها هو اليوم يقترب من آثار تدمر في سوريا، لم يستثنِ المواقع الأثرية في اليمن. فقد قام طيران التحالف بقصف عدد من المواقع الأثرية منها مدينة صعدة التاريخية وحصن القشلة التي يعود تاريخ بنائها الى القرن الثالث الهجري، وكذلك موقع صرواح الأثري، ومدينة براقش الأثرية في محافظة مأرب، قلعة صيرة الأثرية بمحافظة عدن والتي بنيت في القرن الحادي عشر الهجري، معبد أوعال بمديرية صرواح محافظة مأرب الذي يعود تاريخه الى عهد الدولة السبئية قبل الإسلام، مدينة زبيد التاريخية بمحافظة الحديدة التي كانت ولازالت تعتبر منارة علمية معتدلة يشع نورها في جميع أنحاء العالم ويعود تاريخ بنائها الى القرن الثالث عشر الهجري، دار الحسن الأثرية بمديرية دمت محافظة الضالع وتعود أهمية مدينة دمت إلى عصور ما قبل الإسلام، حصن فج عطان التاريخي بجبل عطان أمانة العاصمة صنعاء وهو أحد أهم الحصون الأثرية في أمانة العاصمة. هذا غيض من فيض هذا الإرهاب الذي كسر محرمات البشر والحجر.

إختلاف ولكن!

الإختلاف الوحيد حالياً بين السعودية وتنظيم داعش الإرهابي يكمن في الوسائل فقط، ففي حين ينبش التنظيم الإرهابي القبور بالمعول والمتفجرات أحياناً، تقوم السعودية المسلحة بالتكنولوجيا الأمريكية بنبش القبور مستخدمةً الطائرات.

هذا الإختلاف في الوسائل يشير إلى أن المرجع واحد لكلا الطرفين، ولو راجعنا كتب التاريخ القريب لوجدنا أن الوهابيين أي أتباع عبد العزيز آل سعود الملك المؤسس في بلاد الحجاز، قاموا انطلاقاً من ثقافتهم ومن فكرهم، بتهديم كل الآثار الدينية والتاريخية لرسول الله (ص): المنازل، آثار الصحابة، الأضرحة، القبور، الآثار التاريخية، القلاع، ولم يتركوا شيئاً باستثناء القبر. بعدها كانوا سينطلقون إلى هدم قبر النبي (ص)، ولكن خرجت الصرخة في العالم الإسلامي حينها فمنعتهم من ذلك. 

وفي الخلاصة، يبدو أن هناك نوعين من الجاهلية حالياً الأولى جاهلية حديثة تتمثل بالسعودية، والأخرى جاهلية قديمة بحلة جديدة تتمثل بتنظيم داعش الإرهابي، لكن الجاهلية الحديثة كما القديمة (بشقيها الجاهلي والحالي) تأتي من الفكر الصحراوي البدوي مع اختلاف ان الجاهلية الحديثة مجهزة للاسف بسلاح العلم والمعرفة وهي بالتالي اخطر بكثير.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق