الحرب الالکترونیة بین حزب الله والکیان الإسرائیلی
ما تعرفه شعوب المنطقة التي ترى ابشع المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطينى بأيدٍ اسرائيلية وتغطية دولية، أن هذا الکیان لا يمكن مواجهته ورد اعتداءاته عن المنطقة بل والقضاء عليه، إلا من خلال تعزيز القدرات بكافة وسائلها، ليست العسكرية فحسب بل حتى التكنولوجية والخبرات الأمنية، وهو بالتحديد ما جسدته المقاومة في لبنان التي يعمل مجاهدوها في الليل والنهار على تعزيز القدرات والإمكانات بكافة أشكالها. فالمقاومة في لبنان لها باع طويل وتجربة عميقة في اساليب مقارعة الکیان الإسرائیلي، وهي التي تعرف وترصد قدراته بشكل دائم ومستمر، والمقاومة في لبنان والتي تملك اليوم الكثير من الصواريخ والأسلحة ووسائل القتال المتعددة، هي تعمل ايضا على تعزيز قدراتها الإلكترونية خاصة وأن امتلاك الکیان الإسرائیلي للتقنيات المتطورة التي تمده بها أمریکا، قد زاد من مستوى التحديات.
وتشير تقارير أمنية ومصادر مطلعة، إلی أن جزءاً كبيرا من الحرب الدائرة بين المقاومة في لبنان والکیان الإسرائیلي هي حرب الكترونية خفية باردة. فمن جملة الإعتداءات الإسرائيلية التي تنفذ داخل الأراضي اللبنانية وتوضع ضمن إطار الحرب الإلكترونية، نذكر ما یلي:
١ – تثبيت الکیان الإسرائیلي ابراجاً لرصد الداتا بما في ذلك كل الاتصالات التي يجريها اللبنانيون على كامل الارض اللبنانية.
٢ – فجر الکیان الإسرائیلي جهاز تنصت في وادي الزرارية زرعه على شبكة اتصالات حزب الله.
٣ – قيام الکیان الإسرائیلي بزرع اجهزة تنصت على شبكة المقاومة للاتصالات في الحلوسية ودير قانون النهر وبدياس، وقد عمل بعد اكتشافها من الأجهزة المعنية، على تفجيرها خلال الليل جوا بواسطة الطائرات الاستطلاعية من نوع “ام ك”.
٤ – في الاشهر الاخيرة من العام ٢٠٠٩ فجرت طائرة استطلاع اسرائيلية جهاز تنصت على شبكة حزب الله في قناة مياه في وادي الغار بين صريفا ودير كيفا وسبق ذلك قيام طيران الاستطلاع الاسرائيلي قبل سنتين بتفجير جهاز تنصت على الشبكة السلكية للحزب في واديي القيسية والعنق.
٥ – زرع جهاز تنصت كبير على جبل صنين الباروك كان مزودا بنظام تشغيل، عمد الجيش اللبناني الى تفكيكه قبل تفجيره من قبل طائرة استطلاع اسرائيلية كانت تلازم الاجواء في تلك المنطقة، مشيرة الى ان الجهاز المذكور كانت مهمته نقل وتخزين المعلومات وبثها الى طيران الاستطلاع الاسرائيلي خلال تحليقه.
إلا أن الإعتداءات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية تبقى محدودة وضعيفة إلا أنها تقتصر باعتمادها على العمل اللوجستي والجواسيس المتواجدة داخل الأراضي اللبنانية مضافا إلى توفر التقنيات التي تمدها بها أمریکا. في مقابل ذلك تكثر انجازات المقاومة في لبنان والتي ترتكز في اعتمادها على العمل الإبداعي وتخطي الحواجز، ومن جملة ذلك أمثلة نذكر بعضاً منها كالتالي:
١ – اعتراض المعلومات التي تنقل من طائرات دون طيار لمحطات سيطرة ورقابة في الکیان الإسرائیلي، وقد كشف بعض من ذلك الإنجاز خلال خطاب تلفزيوني للسيد حسن نصرالله حول عملية الأنصارية في العام ١٩٩٧.
٢ – یثير الاختفاء الغامض لطائرة تجسس من دون طيار والتي اختفت عن شاشة رادار الكتيبة الفرنسية التابعة لقوات اليونيفل في الجنوب اللبناني على موقع دايلي ستار اللبناني، فرضية أنّ حزب الله وجد طريقة لتشويش الروبوتات الجوية لدى الجيش الإسرائيلي بشكل إلكتروني وتعطيلها. هذا وتشاع معلومات كثيرة منذ أعوام بشأن خبرات حزب الله في هذا المجال، وفي حال الوثوق بالخبر، يحتمل أنّ الحزب قد تمکّن هذه المرة من استخدام وسائل لتشويش نقل المعلومات بين الروبوت الجوي ومحطة المراقبة الأرضية التي تسيطر عليها.
٣ – نشر “ذبذبات مستحدثة” لاختراق الشبكة الاسرائيلية او على الاقل لارباكها في محاولات رصد الاتصالات الخاصة بالمقاومة الذي لم يعد يكتفي بشبكة الاتصالات الارضية، والتي يتعذر رصدها الكترونيا الا اذا تمت السيطرة على الاسلاك او التسلل اليها.
٤ – تطوير وسائل خاصة للاتصالات وهي محمية بصورة يتعذر اختراقها، وان كان ما من جدار الكتروني خارج مجال الاختراق.
٥ – كشف أجهزة التنصت التي يزرعها الکیان الإسرائیلي يعد إنجازا بحد ذاته، ويشير إلى إمكانية المقاومة في لبنان على رصد أي تحرك إلكتروني لهذا الکیان داخل الأراضي اللبنانية.
٦ – كشف المقاومة في لبنان لكل تحركات العملاء الاسرائليين بالإضافة إلى كشف الأجهزة الإلكترونية التي بحوزتهم، يشير إلى مدى التفوق لدى أجهزة المقاومة إن كان على الصعيد الإستخباراتي أو التقني أو اللوجستي.
هذه الإنجازات بمعظمها تشكل انجازا كبيرا للمقاومة ونقلة نوعية في العمل الاستخباراتي التقني الذي بات يتفوق على الإمكانات الاسرائيلية في الاداء والرصد والاستطلاع.
وقد برزت هذه الانجازات بشكل أقوى وأكبر بعد تطورين بارزين الاول تمثل بتفكيك شبكات العملاء الاسرائيلية وتوقيفهم وهو الذي يحتاج إلى امكانات إلكترونية كبيرة وعقول مبدعة فضلا عن إمكانات لوجستية، والثاني بعد اكتشاف حزب الله جهازين متطورين زرعهما الکیان الإسرائيلي في أحد الأودية على مقربة من قرية حولا القريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية للتجسس والتنصت على الاتصالات التابعة لحزب الله وفجرهما بعد أن اكتشف أن الحزب علم بأمرهما. والحرب بين المقاومة والکیان الإسرائيلي مستمرة إلا أن التجارب تشير وتؤكد على أن عقل المقاومة الإبداعي یسیر حثیثاً نحو مزيد من تحقيق الانتصارات في مقابل مزيد من الهزائم للکیان الإسرائيلي.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق