زعماء حكومات عربية والكيان الإسرائيلي في الأردن… التوقيت والدلالات
لم يعد مستغربا لدى الرأي العام العربي الإجتماعات واللقاءات بين الكيان الإسرائيلي والحكومات العربية إن كان السري منها أو العلني، سواء الدول التي أعلنت التطبيع مع هذا الكيان أو تلك الرافضة للتطبيع شكليا وليس عمليا، وآخر هذه اللقاءات ما أعلنت عنه إذاعة الكيان الإسرائيلي من أن اجتماعا عقد مؤخرا في الأردن بين ممثلين عن حكومة الكيان الإسرائيلي وآخرين من دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الكيان وبحضور أمريكي وأوروبي، والجدير بالذكر أن دولتين عربيتين فقط تربطهما والكيان الإسرائيلي بإتفاقيات ما يسمى بسلام وهما مصر والأردن، فيما لم يصدر أي تعليق فوري من قبل حكومة الكيان او الأردن أو أمريكا والإتحاد الأوروبي حول ما ذكرته الإذاعة الإسرائيلية.
وسائل الإعلام الإسرائيلية تكشف بين حين وآخر عن إجتماعات لمسؤولين عرب وإسرائيليين في عواصم اوروبية وعربية دون الكشف عن أسماء العواصم ومن دون أي رد مقابل من قبل زعماء الحكومات العربية نفيا أو تأكيدا، لكن ما لا يخفى على احد وما لا يحتاج لنفي وتأكيد، سياسة زعماء الحكومات العربية المتماشية مع الكيان الإسرائيلي بل والداعمة له وأدلة ذلك كثيرة وتؤكدها الوقائع. فزعماء هذه الحكومات شكلت سياستها في المنطقة على هذا الأساس لتتقاطع مصالحها مع مصالح وأطماع هذا الكيان، وما اللقاءات التي تعقد إلا في إطار المزيد من التنسيق فيما بينهم، ليأتى هذا اللقاء الأخير الذي لم يلق نفيا وتعليقاً فورياً إلا بعد حين، في ظروف صعبة تعيشها المنطقة والشعوب العربية وفي مزيد من تقاطع المصالح بين الكيان وزعماء الحكومات العربية. وفيما يمكن تسجيله من مجموعة نقاط في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة واللقاء المعلن نعرض ما يلي:
١ – تقدم ملفت وواضح لمحور المقاومة إن كان في سوريا على جبهة القلمون أو سوريا ككل التي صمدت بعد أكثر من أربع سنوات من العدوان عليها، شكل ضرورة لدى الكيان الإسرائيلي وبعض الداعمين المنسقين معه في المنطقة لتكثيف الإجتماعات في الآونة الأخيرة.
٢ – الإتفاق الإيراني مع مجموعة الخمسة + ١ والذي في حقيقة الأمر أوجد عامل تخوف اضافي لدى الكيان الإسرائيلي وحلفائه والذين قامت سياستهم على إضعاف أي فرصة في المنطقة للتطور والإزدهار واكتساب التكنولوجيا، وما الإتفاق النووي المزمع عقده إلا انتصار يسجله محور المقاومة وضربة قاسمة للمحور المعادي في المنطقة، خاصة أن الكيان الإسرائيلي متخوف من أن يتيح الإتفاق النووي فرصة لتحالفات بين إيران ودول عربية أخرى.
٣ – إن الوضع اليمنى المستجد يدفع بالكيان الإسرائيلي وبهدف الحفاظ على أطماعه ومصالحه في البحر الأحمر، إلي إجراء مزيد من التعاون مع زعماء الحكومات العربية للتتوفر إمكانية العمل داخل مياهه الإقليمية بشكل أكثر من السابق، فكما هو معلوم من أن الإستجداء لتشكيل محور الشعب اليمني، دق جرس الإنذار ليس فقط عند زعماء الحكومات العربية، مثل السعودية المجاورة لهم، وإنما الكيان الإسرائيلي أيضاً.
٤ – مما لا شك فيه أن الأعداء المشتركين للأطراف المجتمعة وبالتالي المصالح المشتركة تحتم هذا النوع من اللقاءات وهو ليس بالأمر البعيد.
٥ – زعماء الحكومات العربية الذين بدأوا يشعرون بشكل أو بآخر بالخطر المحدق بهم، إن كان على مستوى الرفض الشعبي لسياسة حكوماتهم أو من خطر الجماعات التكفيرية التي قاموا بتغذيتهم، وبالتالي فهناك الرغبة المشتدة لدى زعماء هذه الدول لتعزيز التعاون الأمني والإستخباراتي مع الكيان الإسرائيلي، ولا شك أن هذا التعاون يصب في مصلحة الكيان بشكل أكبر.
٦ – مفتاح فهم الكثير من الأمور التي تجرى في المنطقة هو الأخذ بعين الاعتبار الهدف الذي يعمل عليه زعماء الدول لتعزيز الانقسام بين المسلمين.
٧ – ضمن المسلسل الذي يقوم به الكيان الإسرائيلي لإجراء التطبيع مع باقي الدول العربية والتي لا تقيم معها علاقات دبلوماسية بشكل علني صريح، فإن الكيان الإسرائيلي يطمح لتوسعة هذه العلاقات الدبلوماسية مع باقي الدول العربية، وهذا ما يمكن أن يستشف من تحركات الكيان في المنطقة أو من خلال بعض التصريحات التي يدلي بها زعماء هذا الكيان، فقد جاء ذلك على لسان رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي في زيارة له لإحدى الدول الأوروبية مؤخراً حيث قال فيها: وقعنا اتفاقات سلام مع اثنتين من الدول العربية، مصر والأردن، لكن ثمة حاليا قوى جديدة في المنطقة قد تطالنا تهديداتها، ويتيح هذا الواقع فرصة لتكوين تحالفات مع دول عربية أخرى.
إلا أن الواقع يقول إن شعوب المنطقة انتفضت ولم تعد ترضى بالهزيمة والانكسار، وإن الدول التي قررت التآمر على شعوبها هي اليوم تلفظ انفاسها الأخيرة، والتاريخ يعيد نفسه.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق