التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

اللجان الشعبية في القطيف بين المطالب الشعبية والمعارضة السياسية 

 تتوالى التقارير الصادرة عن اوضاع حقوق الإنسان في السعودية سواء من جمعيات حقوقية داخل السعودية أو خارجها خاصة في الأعوام الأخيرة، حيث تشهد المنطقة الشرقية اهمالاً واضحاً دفع بأهالي تلك المنطقة إلى التظاهر السلمي للمطالبة بحقوقهم المشروعة والتي يكفلها دستور السعودية، وفي مقابل ذلك نرى وعوداً لم تلقَ ترجمة فعلية على أرض الواقع حتى الان. ومما زاد الأمر تفاقما موجة من الإعتداءات الإرهابية التي شهدتها المنطقة الشرقية كان آخرها تفجير وقع في مرآب مسجد الإمام الحسين (ع) بمدينة الدمام شرقي السعودية والذي راح ضحيته ٣ شهداء وجرحى آخرين، وسبق هذا التفجير استهداف لمسجد الإمام علي (ع) قبله بأسبوع في مدينة القديح، بالإضافة إلى العمل الإجرامي الذي نفذته جماعة ارهابية العام الماضي في حسينية المصطفى ببلدة الدالوة بمحافظة الاحساء، والتي استشهد خلالها ٨ من المواطنين وأصيب عدد اخر بجروح.

 

أمام سلسلة التفجيرات هذه التي طالت المنطقة الشرقية، ومع تصاعد المطالب السلمية بضرورة توفير الأمن وحقوق المواطن المشروعة، وفي ظل الإهمال المتكرر والمتصاعد من قبل النظام الحاكم للمنطقة الشرقية، اتجهت المطالب لدى أهالي تلك المنطقة ومن خلال تنظيم المسيرات بضرورة تشكيل لجان شعبية لحماية المساجد والمواطنين بشكل عام، وجاء ذلك بدعم من علماء وشيوخ وفعاليات المنطقة. يشار إلى أن الآلاف من المتطوعين أعلنوا انضمامهم لقوى اللجان الشعبية خلال فترة وجيزة بهدف إحباط اي عمل إرهابي. فيما أعلن مسؤولو النظام رفضهم القاطع لتشكيل هذه اللجان الشعبية، جاء ذلك على لسان الامير محمد بن نايف ولي العهد السعودي، والمسؤول عن الملف الامني والسياسي في البلاد، ووزير الداخلية. وفي ترجمة للخلفيات التي تقف وراء هذا الرفض مع وجود إهمال واضح للمنطقة الشرقية يمكن تسجيل النقاط التالية:

١ – تخوف لدى السعودية من تشكيل لجان شعبية أثبتت التجارب فعاليتها في حل المشكلات وصد أي إعتداء، وبالتالي من شأنه أن يكشف فشل النظام السعودي في كبح التوترات وحل المعضلات الأمنية، وهو ما سيسجل علامة سلبية في سجل الجهاز الامني السعودي.

٢ – موجة التفجيرات التي تشهدها المنطقة الشرقية تعد ضربة لوزير الداخلية محمد بن نايف والذي يشغل منصب ولي العهد، وهو ما يثير التساؤلات وسط حديث عن مخطط لدى الملك سلمان بعزل محمد بن نايف وتنصيب ابنه محمد بن سلمان ولياً للعهد، وبالتالي فإن المطالب بتشكيل اللجان الشعبية هو تأكيد على مزيد من الفشل لمحمد بن نايف الأمر الذي دفعه للمسارعة بمعارضة تشكيل هذه اللجان.

٢ – فكر النظام السعودي التقليدي والذي لا تطيق المبادرات والمشاركات الشعبية في الإسهام بإيجاد حلول للمشكلات الموجودة، وهذا الفكر هو ما تدعمه طبيعة الحكم السعودي العائلي والذي يتعارض مع قوانين الديمقراطية وحقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة.

٣ – تعاني السعودية من موجة انتقادات شعبية عامة وعارمة في اسلوب ادارتها للبلاد خاصة في ظل تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وشكلت هذه الإنتقادات تخوفا لدى السلطة الحاكمة من أي مطالب شعبية في أي منطقة سعودية خشية تمدد هذه المطالب إلى مناطق أخرى.

٤ – أوهام التقسيم التي تلاحق النظام الحاكم والذي يفسر أي مطلب شعبي محق على أنه مخطط للتقسيم والإنفصال، وهي المزاعم التي ينفيها وجهاء المنطقة الشرقية مؤكدين أن مطالبهم تنحصر بضرورة الإصلاح.

٥ – أهمية المنطقة الشرقية والتي تحتوي على أكبر مخزون بترولي في العالم (٢٥% من أجمالي الاحتياط العالمي) إلى جانب وجود كميات هائلة من الغاز الطبيعي، وهو ما يشكل عامل قوة يتعارض مع فكر النظام السعودي القائم على قمع أي قوة شعبية.

٦ – الحملة الإعلامية التي تشنها مواقع إلكترونية بشكل منظم ومدروس في ظل وجود غطاء من قبل النظام السعودي الهادف إلى نشر طابع الغلظة عن سكان المنطقة الشرقية وعدم رغبتهم الإنصياع تحت أطر القانون، إلا أن المظاهرات السلمية والمطالبة بتشكيل لجان شعبية لحماية المنطقة خير دليل وشاهد على التوجه السلمي لأبناء تلك المنطقة ومطالبهم المحقة بضرورة الإصلاح.

٧ – التخوف لدى السلطات من أن تشكيل الجان الشعبية قد يجر الأمور إلى حرية سكان المنطقة الشرقية من ممارسة شعائرهم الدينية بشكل افضل وهو ما تقف السلطات حائلا بوجهه.

٨ – تخوف من توسع الصلاحيات الإدارية لأهالي المنطقة والتي تعد حقا طبيعياً يكفله الدستور حرم منه سكان المنطقة على مدى الأعوام المنصرمة.

يبقى الاهم من كل هذه الأسباب التي تقدم ذكرها في وقوف النظام السعودي حائلا امام تشكيل اللجان الشعبية وفعاليتها، هو التزام النظام الحاكم بوظيفته التي تلزمه بضرورة الحفاظ على أمن شعبه وأن لا تتخذ السجالات السياسية والمطامع الفئوية العائلية وسيلة على حساب الشعب.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق