التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

التشكيلة الهشة لحكومة نتنياهو… الأسباب والنتائج والخيارات 

 نجح نتنياهو في تشكيل الحكومة الرابعة في تاريخه السياسي بعد الإتفاق الذي توصل له مع البيت اليهودي، ليخرج بذلك من المأزق الذي وضع نفسه فيه عندما أعلن رفضه بشكل قاطع تشكيل حكومة مع المعسكر الصهيوني. هذه الحكومة التي تستند الى تأييد أغلبية هشة (٦١ مقعدا من أصل ١٢٠ مقعدا) والتي لا تتلائم مع نتائج الإنتخابات الأخيرة التي فاز بها معسكره بـ ٦٧ مقعدا، تطرح الكثير من التحليلات التي تشير إلى المشكلات التي ستواجه حكومة نتنياهو، لانه سيكون تابعا لأهواء نفتالي بينت، وخاضعا لابتزاز حزبه البيت اليهودي وغيره من أحزاب الائتلاف الحكومي. فكيف ولماذا لم يتمكن نتنياهو من تثمير فوز معسكر اليمين عامة، وتقدم حزب الليكود خاصة، على المستوى الحكومي؟ وبالتالي هل سينجح نتنياهو في الحفاظ على حكومته؟ وما الخيارات المتاحة أمامه؟

 

تعود اسباب التركيبة الهشة لحكومة نتنياهو الجديدة لعوامل عدة يمكن ذكرها في مجموعة نقاط كالتالي:

١ – الخلافات المتراكمة داخل معسكر اليمين نفسه جعلت نتنياهو رهينة كل عضو كنيست من الأعضاء الـ ٦١.

٢ – الموقف المفاجئ لرئيس “إسرائيل بيتنا”، افيغدور ليبرمان، الذي عزف عن المشاركة ردا على أداء نتنياهو في تشكيل الحكومة عندما بلور اتفاقات ائتلافية خضع فيها للأحزاب الحريدية وتحديدا ما يتعلق بتجنيدهم للجيش. والسبب أن ليبرمان رأى في الاتفاقات التي توصل إليها نتنياهو إحراجا وصفعة له في حال وافق على المشاركة في حكومة تراجعت عن إنجازات ينسبها لنفسه مع آخرين.

٣ – نتنياهو قد التزم في وقت مبكر، قبل وبعد اعلان نتائج الانتخابات، بأنه سيتوجه الى تشكيل حكومة مع شركائه الطبيعيين الممثلين بأحزاب اليمين والحريديم. وهو ما أدى عمليا الى استبعاد اشراك “المعسكر الصهيوني” المحسوب على اليسار الوسط، الذي يترأسه يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني، إضافة الى حزب “ييش عتيد/ يوجد مستقبل” الذي يترأسه يائير لابيد. ونتيجة هذه الاستراتيجية ألزم نتنياهو نفسه بمعسكر اليمين حصرا، وهو ما جعله رهينة لأطرافه الذين يتنافسون فيما بينهم.

وبناء على تركيبة الحكومة الجديدة، رأى المتتبعون للشأن السياسي الإسرائيلي من أن الحكومة الجديدة ستكون بداية لمرحلة يسودها المزيد من التوتر سواء داخل الكيان أو على صعيد علاقتها مع الجانب الفلسطيني، ويرد اصحاب نظرية الفشل المتوقع إلى عوامل أساسية يمكن ذكر بعضها كالتالي:

١ – تحالفات الحكومة مكونة من أحزاب متنوعة ما بين محافظة ودينية قومية ومتطرفة، ما يقودها إلى الاحتكاكات والصراعات الدائمة، ذلك ان كل طرف سيسعى إلى فرض برامجه، وهو ما سيعني المزيد من التوتر داخل الكيان الإسرائيلي، ما سيؤدي لاحقا إلى انهيار هذه الحكومة.

٢ – التركيبة المشتتة للحكومة قد يجعلها عرضة لطلبات وابتزازات الأحزاب، التي من المرتقب أن تهدد بتفكيك هذه الحكومة إذا لم يستجب نتنياهو لشروط القوى المنضوية فيها وبالتالي ستكون هذه الحكومة غير متوازنة كونها فرغت حزب الليكود من معظم ممتلكاته، وبات الخاسر الأكبر من الائتلاف الحكومي.

٣ – مواجهة نتنياهو معارضة حقيقية من داخل الائتلاف اليميني الضيق، خلال سعيه للعمل في المجال السياسي خلال الأيام المقبلة وخصوصا في ما يتعلق بالملفات الخارجية العالقة، كالملفين الإيراني والفلسطيني، ما قد يدفع إلى تفكيك الائتلاف الحكومي، أو يجعله مضطرا إلى إدخال حزب آخر، والتنازل عن وزارات أخرى.

٤ – إقدام الحكومة الجديدة على زيادة وتيرة الاستيطان والتهويد التي انتهجتها الحكومات السابقة على نحو غير مسبوق، يكشف نيات الائتلاف المتطرفة، لا سيما بعد انضمام وزراء من الأحزاب المتشددة إلى الحكومة، وحصولهم على حقائب وزارية مهمة، حيث سيكون من الصعب على نتنياهو الصمود أمام الضغوطات، ما قد يؤدي إلى تكريس الأزمة السياسية التي تعيشها دولة الكيان الإسرائيلي.

نتنياهو الآن وبعدما تشكلت الحكومة، يقف أمام مجموعة من الخيارات وهي كالتالي:

١ – التكيف مع واقع حكومته التي تتمتع بغالبية هشة. ولا يشكل هذا المسار خيارا ابتدائيا بالنسبة لنتنياهو، وانما نتيجة يضطر الى التعامل معها بفعل فشل خياراته البديلة.

٢ – مواصلة الاتصالات مع ليبرمان لإعادة إقناعه بالمشاركة في الحكومة.

٣ – فتح قنوات تواصل سرية، مع المعسكر الصهيوني إن لم يكن قد بدأ بها، كما تؤشر بعض التقارير الاعلامية الاسرائيلية، من أجل التوصل الى صيغة مشتركة تسمح بمشاركة الاخير في الحكومة.

٤ – سعي نتنياهو إيجاد انشقاقات داخل بعض الكتل عبر إغرائهم بالمشاركة في الحكومة. وهو ما بدأ يحصل كما تحدثت تقارير اعلامية عن محاولة فاشلة حتى الان لشق كتلة “إسرائيل بيتنا”.

عليه يصح القول إن نتنياهو شكل حكومة ضيقة تتمتع بغالبية هشة، يمكن لأي عضو كنيست أن يعرضها لأزمة وجودية بناء على أية قضية تافهة، بانتظار ما ستؤول إليه مساعيه لتوسيع قاعدتها البرلمانية عبر إدخال من يستطيع إقناعه أو إغرائه بالمشاركة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق