التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

أمن الخليج الفارسي وكيفية استتبابه 

 هناك قلة من المناطق في العالم التي ترتقي اهميتها الاستراتيجية الى مستوى اهمية الخليج الفارسي لكن هذه المنطقة تقع اسيرة للحروب والأزمات منذ فترة طويلة كما ان هناك تواجداً للقوى الاستعمارية في هذا الخليج والتي تؤجج الخلافات بين ضفتيها لتحقيق مكاسب سياسية لنفسها، فما هي اسباب تدهور الاوضاع في الخليج الفارسي وكيف يمكن تجنيب هذه المنطقة المشاكل التي تعاني منها ؟

 

تحتوي منطقة الخليج الفارسي علي ٦٠ بالمئة من الثروات النفطية في العالم واكثر من ٤٠ بالمئة من ثروة الغاز في العالم كما ان هذه المنطقة تؤمن ٤٠ بالمئة من النفط المستهلك في العالم والذي يعبر نصفه مضيق هرمز نحو الاسواق الدولية ولذلك نرى ان بريطانيا ومن ثم امريكا قد اهتمتا بهذه المنطقة وادت تدخلاتهما الى زيادة حدة التوترات فيها.  

ان القرب الجغرافي بين دول هذه المنطقة والتعامل السياسي والاقتصادي بينهم جعل الأمن والاستقرار في هذه المنطقة مسألة مشتركة حيث يمكن للأزمات ان تنتقل بين دول هذه المنطقة وتتأثر اية دولة من هذه الدول بالأزمة الموجودة في دولة اخرى تقع بالقرب منها كما ان امن اية دولة يمكن اعتباره امنا للدولة الأخرى، ومن جهة أخرى لا يمكن لدول هذه المنطقة حل مشاكلها الامنية بعيدا عن المشاكل الأمنية الاقليمية.

الدور الامريكي في زعزعة الأمن في الخليج الفارسي

بعد انسحاب بريطانيا من منطقة شرق قناة السويس في عام ١٩٧١ عمدت امريكا الى بناء نظام امني في الخليج الفارسي كما عمدت بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران الى تشكيل مجلس التعاون في الخليج الفارسي بهدف ايجاد نظام امني عربي يعادي ايران في المنطقة وتدخلت امريكا مباشرة في المنطقة تحت ذريعة حماية ناقلات النفط اثناء الحرب التي شنها النظام العراقي السابق على ايران وبعد ذلك قامت بالتدخل العسكري المباشر لطرد العراق من الكويت ورسخت تواجدها العسكري في المنطقة ومن ثم اعلنت تنفيذ سياسة الاحتواء المزدوج وعرفت ايران بأنها تهديد لدول المنطقة وان التواجد العسكري الامريكي هو لمواجهة ايران وهكذا استقرت القوات الامريكية في الكويت والبحرين وقطر وعمان وازدادت تجارة الاسلحة في المنطقة حيث عمدت الدول العربية الى شراء الاسلحة بمئات المليارات من الدولارات ويقال ان بيع الاسلحة للدول العربية في الخليج الفارسي قد ازداد بنسبة ٣٨ بالمئة بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠٠٩.   

ولم تجلب هذه السياسة لدول المنطقة سوى تزايد حالة العداء وعدم الثقة بينها كما ان الحضور الامريكي لم يمنع وقوع الازمات في المنطقة مثل غزو الكويت وتزايد تهديد الجماعات التكفيرية والارهابية كما ان التواجد الامريكي لم يجلب الامن للزعماء العرب في المنطقة داخل دولهم وخارجها أيضاً.  

السياسات الخاطئة للدول العربية

تدرك القوى الكبرى انها بحاجة لتخويف الدول العربية من عامل خارجي للبقاء في منطقة الخليج الفارسي ولذلك عمدت الى اظهار ايران كتهديد لهذه الدول ومن جهة اخرى ترى بعض الدول العربية ان امنها سيكون مستتبا في ظل التواجد العسكري الاجنبي في المنطقة كما تتباعد هذه الدول عن ايران دوما. وبالاضافة الى ذلك تحرض هذه الدول وعلى رأسها السعودية القوى الكبرى على ايران في محاولة لإبعاد ايران عن المشاركة في اية منظومة اقليمية تفيد أمن واستقرار دول المنطقة، كما تعاني هذه الدول من مشاكل داخلية وتحمل ايران المسؤولية عن ذلك.   

أنموذج الأمن الاقليمي المستقل بمشاركة كافة بلدان المنطقة

لقد اتضح من خلال ما ذكرناه ان امن الخليج الفارسي يخص جميع دولها وان امن اية دولة هو امن لدولة اخرى ولا يمكن التصور بأن هناك امناً لدولة دون ان يكون الامن مستتبا في الدول الاخرى كما ان هناك مواضيع اخرى تدخل في موضوع الأمن مثل الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية، وهنا يمكن القول انه لا يمكن بناء نظام امني في الخليج الفارسي دون مشاركة ايران، ولذلك نرى ان ايران تسعى الى احترام سيادة دول المنطقة لارساء الاستقرار فيها دون التدخل الخارجي.

 وتؤكد ايران ان ارساء الامن في الخليج الفارسي يجب ان يكون ضمن اطار امني يقوم على التعاون المشترك وبالاستفادة من سياسة التقليل من الأزمات والسعي المتقابل لبناء الثقة والبدء بخطوات في المجالات غير السياسية اولا مثل الاقتصاد والبيئة وغيرهما ومن ثم الانتقال الى مرحلة التعاون السياسي والامني.

وفي النهاية يجب القول بأنه لا يمكن ارساء نظام امني في الخليج الفارسي في ظل حالة التفرقة وعدم الاهتمام بمتطلبات الأمن الجماعي وعدم رفض التدخلات العسكرية الاجنبية وعدم التوجه نحو ارساء الثقة المتبادلة وتعزيز التعاون المشترك بين كافة دول المنطقة.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق