مبادرة علي ناصر محمد لحل الازمة في اليمن .. منطلقاتها ومآلاتها
من الشخصيات التي عرفها اليمن خلال العقود الماضية هو الرئيس السابق علي ناصر محمد الذي حكم البلاد لدورتين رئاسيتن بين عامي ١٩٧٨ و١٩٨٦. فمن هو علي ناصر محمد وما هو موقفه من العدوان السعودي – الامريكي المتواصل على بلاده منذ اكثر من شهرين ؟
نبذة مختصرة عن حياته
ولد علي ناصر محمد الحسني عام ١٩٣٩، وكان رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لفترتين رئاسيتين. حيث عمل كرئيس مجلس الرئاسة من ٢٦ يونيو ١٩٧٨ حتى ٢٧ ديسمبر من نفس العام. وكرئيس للجمهورية في أبريل ١٩٨٠ بعد استقالة الرئيس السابق عبد الفتاح إسماعيل وذهابه للمنفى في موسكو.
وفي يناير ١٩٨٦، أدت أعمال عنف مسلحة في عدن بين مؤيدي علي ناصر ومؤيدي إسماعيل الذي عاد من منفاه طالبًا استعادة الحكم، أدت إلى اندلاع حرب أهلية استمرت لمدة شهر أدت بدورها إلى إصابة الآلاف وإبعاد علي ناصر من السلطة ومقتل إسماعيل، وهروبه هو و ٦٠٠٠ شخص إلى الجمهورية العربية اليمنية. ودامت فترة رئاسته للجمهورية من ٢١ أبريل ١٩٨١ وحتى ٢٤ يناير ١٩٨٦. وخلفه في المنصب علي سالم البيض.
وأصبح علي ناصر أحد شخصيات المعارضة في الاحتجاجات اليمنية عام ٢٠١١، وشارك في المجلس الانتقالي اليمني الذي أنشئ لمعارضة حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
مبادرته لحل الازمة في اليمن
تقدّم علي ناصر بمبادرة لإيقاف العدوان السعودي على بلاده تضمنت عشر نقاط، منها الوقف الفوري للحرب من قبل جميع الأطراف، والانسحاب غير المشروط لوحدات الجيش والميليشيات المسلحة المتحالفة معها من محافظة عدن ومن جميع المحافظات على أن يتزامن هذا الانسحاب مع تسليم المحافظات لقيادات عسكرية وأمنية من أبنائها تقوم بحفظ الأمن فيها، والشروع بإنشاء قوة عسكرية وأمنية لحماية المواطنين.
وشددت المبادرة على البدء الفوري في تقديم الإغاثة للمواطنين في كافة المحافظات المتضررة وسرعة حل مشكلة العالقين في البلدان المختلفة. كما نصت على الإفراج عن جميع المعتقلين وإيقاف كل الحملات الإعلامية المتبادلة بين جميع الأطراف المتصارعة وتهيئة الوضع لبدء حوار سياسي لبناء اليمن.
المبادرة دعت أيضاً الى عودة كل القوى السياسية اليمنية من دون استثناء ومن دون شروط إلى حوار وطني شامل تحت إشراف الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وطالبت كافة الأطراف الإقليمية والدولية القيام بواجبها نحو اليمن بما يعزز الأمن والاستقرار فيه وكذلك الأمن الإقليمي والدولي وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الشأن.
وحول دوافعه الرئيسية لإطلاق المبادرة أكد علي ناصر في حوار صحفي أن تجارب الحروب والصراعات التي لا تسبب سوى المآسي والمشاهد الدامية وما رآه من صور القتل والدمار على مستوى المنطقة كلها وفي اليمن بشكل خاص وشعوره بالمسؤولية الوطنية والإنسانية هو الذي دعاه لإطلاق هذه المبادرة والبحث عن حلول سلمية وسياسية لوضع حد للحرب الدامية الجارية الآن ضد بلاده وإنقاذها من ويلاتها.
وعن مدى الاستجابة لمبادرته من قبل الأطراف اليمنية وغير اليمنية أوضح علي ناصر أنه لمس اهتماماً كبيراً بالأفكار التي تضمنتها المبادرة على المستويات اليمنية والإقليمية والدولية، مشيراً الى أنها أثارت ارتياحا على مستوى الشعب وأغلب القوى السياسية اليمنية، متمنياً من الأطراف ذات الصلة بالأزمة أن تنظر إلى المبادرة بتجرد لوضع نهاية لكارثة الحرب.
وأضاف أنه لا توجد عنده مشكلة في التوجه إلى الرياض إذا كان ذلك يسهم في إنهاء الحرب ويحقق مصلحة اليمن والمنطقة واستقرارهما.
وعن الهجوم الذي تشنه السعودية والدول الحليفة لها على بلاده أوضح علي ناصر أنه طالب منذ البداية بوقف هذه الحرب والاحتكام إلى لغة الحوار حرصاً على أمن اليمن والمنطقة واستقرارهما وعلى دماء الأبرياء من أبناء الشعب اليمني الذي اكتوى بنيران الحروب والصراعات الدموية المدمرة لحياته ومقدراته.
وأضاف: كنا نأمل أن تحل محل الحرب إستراتيجية تنموية للقضاء على الفقر والمرض والإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة. مؤكداً انه لو حدث ذلك لما كانت هناك حاجة إلى الحروب.
وعن رؤيته إلى بلاده بعد الهجوم السعودي أشار علي ناصر إلى أنه أحدث دماراً كبيراً في البنية التحتية ما يتطلب القيام بعمل كبير لمعالجة آثاره في كافة المجالات. كما اشار الى أن اليمن يواجه منذ فترة طويلة خطر إرهاب القاعدة، داعياً إلى تنفيذ خطة محكمة لقتال العناصر الارهابية المرتبطة بالخارج والتي ليس لها اية أجندة وطنية.
السؤال المطروح الآن: هل سيكتب النجاح لهذه المبادرة؟ ام ستفشل كما فشلت المبادرات السابقة التي تقدمت بها اطراف اخرى بينها ايران وروسيا وسلطنة عمان بسبب تعنت الجانب السعودي واصراره على مواصلة العدوان بدعم امريكي واضح والذي ادى حتى الآن الى ازهاق الارواح واصابة الآلاف من اليمنيين وتدمير البنى التحتية لبلدهم بما فيها المستشفيات والمدارس ومحطات الكهرباء والوقود ومستودعات الاغذية والادوية. هذا ما ستكشفه الايام القادمة من خلال التطورات التي تشهدها المنطقة وتشابك ملفاتها والتعقيدات التي تكتنفها والتي زادت حدتها بشكل ملحوظ جراء تدخل القوى الاجنبية في شؤونها ومحاولة فرض اجنداتها التي لا تخدم سوى هذه القوى وخططها الرامية الى تمزيق دول المنطقة للسيطرة على مقدراتها والتحكم بمصيرها.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق