التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

الشرطة الأمريكية وسياسات القتل… أسباب ونتائج 

ليس من المستغرب والمستهجن لدى القارئ والمتابع من أن أمريكا التي تتباهى بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعمل على تقسيم الدول إلى محاور خير وشر واعتدال وتطرف وتضعهم على لوائح سوداء وملونة على اساس احترام حقوق الإنسان بمفهومها، هي الدولة المصنفة بالدرجة الأولى بالتنكر لحقوق مواطنيها واضطهادهم، والتمييز بينهم على اساس اللون والعرق والدين، فبإجراء لمحة مقتضبة عن التاريخ الأمريكي القصير نسبيا والحوادث والإنتهاكات تتضح لديه الرؤية، فهو تاريخ مليء بحكايات الرق والعبودية والتمييز العنصري والقتل وإراقة الدماء للسكان الأصليين. والتقارير الصادرة عن بعض الصحف والمنظمات الحقوقية الأمريكية وحتى بعض التحقيقات التي تجريها الدوائر الرسمية تشير إلى الموجة المتصاعدة لأعمال القتل التي ترتكبها الشرطة الأمريكية بحق شعبها.

 

تشير صحيفة واشنطن بوست الامريكية وبإستنادها إلى سجلات مكتب التحقيقات الإتحادي أنه على مدى السنوات العشر الاخيرة تسببت الشرطة بمقتل نحو ٤٠٠ شخص سنويا، اي بمعدل ١.١ حالة وفاة يوميا(١). موجة القتل هذه تصاعدت في العامين الأخيرين حيث سجلت الإحصاءات خلال الأشهر الخمس الاولى من العام ٢٠١٥ مقتل ٣٥٨ شخصا على يد الشرطة الأمريكية أي ما معدله ٢.٦ شخص يوميا(١)، وترجح التقديرات إرتفاع العدد إلى ألف شخص أواخر هذا العام. وبالتالي فإن هذا المعدل يزيد مرتين عما سجلته الحكومة الاتحادية على مدار العشر سنوات الأخيرة وهو إحصاء يعترف مسؤولون بأنه غير كامل، حيث اقتصر الإحصاء علي الحالات التي تم الإبلاغ عنها، وتتراوح أعمار الضحايا ما بين ستة عشر وثمانية وثلاثين عاما، حيث تلجأ السلطات في تقاريرها إلي القول بأن الضحايا إما مختلون عقليا أو كانت لديهم نوايا عدائية وهو ما ينفيه اهالي الضحايا.

هذه السياسة العدائية التي تنتهجها الحكومة الأمريكية إتجاه شعبها فضلا عن شعوب الدول الأخرى تدفع للتساؤل حول الخلفية والأسباب التي تقف وراء ذلك، وفي عرض موجز لبعض هذه الاسباب نعرض التالي:

– تعود جذور المشكلة إلى ظروف تشكل الدولة الامريكية حيث قام العرق البريطاني الابيض بشن حملة إبادة شاملة ضد سكان القارة الاصليين من الهنود الحمر ومن سكنها من الأفارقة وهو ما رسخ عقلية العنصرية لدى المستوطنين الجدد.

– بهدف تعمير الدولة الجديدة عمل المستوطنون الجدد على جلب أكبر عدد ممكن من الشعوب الافريقية وتحويلهم إلى عبيد وتسخيرهم لتحقيق مطالبهم ونمو الدولة.

– تسمح القوانين الأمريكية لأفراد الشرطة بإطلاق النار على المشتبه بهم إذا خافوا على حياتهم أو على حياة الآخرين، لكن لا توجد حاليا طريقة موثوق بها لرصد حالات إطلاق النار التي تؤدي إلى الموت.

– الروح الفكرية التي يحملها النظام القائم في امريكا له أهمية اساسية وما تلك الممارسات إلا ثمرة مرة يصبغها لون الدم لتلك الفكرة الباطلة التي تحملها.

– الإعلام سبب رئيسي لتفشي العنصرية في أمريكا.

– النزعة الاستعمارية لدى الجنس الجديد وزعامته لبقية الأجناس ووصايته عليها، كما مرت موجة الاستعمار الأوروبي للشعوب الأخرى.

– النزعة القومية المعتدة بجنسها، والداعية إلى وحدة شعوبها التي تنتمي إلى جنس واحد على حساب بقية الاجناس.

– التطور الصناعي والحاجة إلى الأيدي العاملة في المصانع وسوق الآلاف من العمال لخدمة الرأسماليين واستعبادهم وجلبهم من الأجناس الأخرى والأمم المختلفة، وإعطائهم أجورا قليلة دون اعتراف لهم بحقوق تحفظ كرامتهم. 

– اكتشاف أمريكا والحاجة إلى استغلال خيراتها، الأمر الذي خلق تجارة الرقيق وجلبهم من أفريقيا للعمل في مزارعها ثم في مصانعها.

هذه السياسة المتبعة من قبل النظام القائم والمغذي بأعماله وإجراءاته لروح العنصرية والقتل لها تداعياتها البارزة بشكل واضح داخل المجتمع الامريكي، نعرض بعضا منها كالتالي:

– التقارير المتواترة عن أعمال القتل التي تقوم بها الشرطة بحق المواطنين كان لها السبب الأساس والرئيسي في فضح المزاعم والإدعاءات التي يحاول النظام إبرازها أمام شعوب العالم من أن تدخلاته في الدول ومصير الشعوب تهدف إلى حماية حقوق الشعوب واستتباب الامن.

– الصراعات الداخلية التي تنجم عن اعمال القتل والتي تؤدي بمفعولها إلى إفشال الحركة السياسية، ولعل النسبة المتدنية نسبيا للمشتركين بالإنتخابات الرئاسية وغيرها في أمريكا شاهدة على اللامبالاة الشعبية نتيجة الأداء السياسي لحكوماتهم.

– فقدان حس المواطنة لدى الكثير من الشعب الأمريكي وما ينتج عنه من مشاكل الفقر والبطالة وروح المبادرة وغيرها.

لا شك أن الجو المتصاعد للمخالفات الحقوقية والإنسانية التي ترتكبها الشرطة الأمريكية بحق مواطنيها دفع المؤسسات الحكومية وفي الفترات الاخيرة بالتحديد لإجراء تحقيقات بهذا الشأن، وهو ما يشير بوضوح إلى القلق لدى صانعي السياسة الأمريكية جراء أعمالهم غير العادلة بحق مواطنيهم، ورغم ذلك فإن المحاكم الأمريكية تشهد وعلى الدوام تبرئة رجال الشرطة الذين ثبت ارتكابهم أعمال القتل بحق المواطنين.

 

المصادر:

١-  ٣٨٥  شخصا حصيلة القتلى رميا بالرصاص على يد الشرطة الأمريكية خلال الخمسة أشهر الأولى من هذا العام، حسبما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” ٣١ مايو/أيار ٢٠١٥.

http://arabic.rt.com/news/٧٨٤٤٨٨

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق