التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, نوفمبر 14, 2024

الأحزاب التركية تحبس أنفاسها عشية إنطلاق الانتخابات التشريعية 

يتوجه الناخبون الاتراك غداً الاحد الى صناديق الاقتراع لانتخاب ٥٥٠ نائب في مجلس الأمة التركي وتشكيل البرلمان رقم٢٥ في تاريخ تركيا. وتبدأ عملية التصويت داخل تركيا، الأحد المقبل ٧ حزيران/يونيو، في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، وتنتهي في الخامسة مساءا من اليوم نفسه. ونوضح لكم فيما يلي نظرة عامة على الانتخابات البرلمانية التركية:

آلية العمل

تقسم الجمهورية التركية إلى مناطق يمكنها أن تنتخب عدداً معيناً من النواب على أساس عدد السكان، وتركيا لديها اكبر نسبة للعتبة الانتخابية التي تتطلب ان يحصل الحزب على ١٠٪ من الأصوات على المستوى الوطني التي تمكن ممثليه المنتخبين من دخول البرلمان، حيث يقوم النظام الانتخابي في البلاد بإعادة توزيع المقاعد التي فازت بها الأحزاب الصغيرة إذا لم تحصل على نسبة معينة من الأصوات على المستوى الوطني.

فاذا فاز حزب بـ ٤٠ مقعدا لكنه تلقى ٩.٥٥% فقط من الأصوات على المستوى الوطني، مثلما حدث مع حزب “الطريق القويم” في الانتخابات التركية عام ٢٠٠٢ عندما خسر تلك المقاعد الـ ٤٠، فانه يتم اعادة تخصيصها للأحزاب الكبيرة. وعندها فاز حزب العدالة والتنمية بما يقرب من ٦٠٪ من المقاعد في البلاد، على الرغم من فوزه بـ٣٤.٣% من الأصوات.

أبرز الأحزاب المشاركة

 يتنافس في الانتخابات النيابية التركية ٢٠ حزبا سياسيا، إضافة إلى ١٦٥ مرشحا مستقلا، ويبلغ عدد الناخبين داخل تركيا ٥٣ مليونا و٧٦٥ ألفا و٢٣١ ناخبا، فيما يصل عددهم خارج البلاد إلى مليونين و٨٧٦ ألفا و٦٥٨ ناخبا.

ويمكن ببساطة تقسيم اهم الأحزاب المشاركة الى قسمين القسم الأول يتمثل بحزب العدالة والتنمية الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، ومن فوقه طبعاً الرئيس التركي الحالي رجب طيب اردوغان  والمدجج بأكثر من تسعة ملايين عضو حسب إحصائياته.

وفي الجهة المقابلة تتوزع ثلاثة أحزاب معارضة كبيرة، إضافة إلى تيارات ونقابات ومنظمات، جميعها متناقض المبادئ والأهداف، لا يجمعها إلا معاداة استعلاء اردوغان وتمسكه بالسلطة لدرجة يوصف بانه ديكتاتور تركيا الجديد. وفي هذا القطب يتمركز اليسار العلماني المتشدد المتمثل بـ «حزب الشعب الجمهوري»، واليمين القومي التركي المتطرف المتمثل بـ «حزب الحركة القومية»، والإثني الكردي (شبه الانفصالي) المتمثل بـ «حزب الشعوب الديموقراطي»، وهو وريث «حزب السلام والديموقراطية»، والإسلام المحافظ الرأسمالي المتغلغل المتمثل بـ «حركة خدمة» ومرشدها فتح الله غولن، وبالطبع الطائفة العلوية، والقومية الكردية وبقايا الأتاتوركيين وجنرالات الجيش المتقاعدين، وغيرها من أحزاب وتيارات سياسية متعددة.

بين لغة الأرقام والأهداف

يرغب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أن يحصل “حزب العدالة والتنمية” على ثلثي المقاعد في البرلمان، أي بما يسمح له بتعديل الدستور من دون معارضة وإقرار النظام الرئاسي الذي لطالما أراده.

ويحتاج حزب العدالة والتنمية للفوز بـ ٢٧٦ مقعدا لتشكيل الحكومة، ولكن إذا فاز بـ ٣٣٠ مقعدا يمكن الدعوة الى استفتاء على التعديلات الدستورية المقترحة. وإذا فاز بـ ٣٦٧ مقعدا – أغلبية الثلثين – يمكن تغيير الدستور من دون استفتاء، وإعطاء اردوغان صلاحيات واسعة جدا، وفي هذا السياق أطلق أردوغان وداوود أوغلو (الرئيس الافتراضي للحزب – ورئيس الحكومة) شعار الحصول على ٤٠٠ مقعد لكن استطلاعات الرأي لا ترجّح هذا الأمر، خصوصاً مع اقتراب نسب التأييد لـ”حزب الشعوب الديموقراطي” من نسبة العشرة في المئة. وإذا دخل الحزب البرلمان فإنه قد يحرم الحزب الحاكم من الغالبية الكبيرة ويدفعه إلى الدخول في ائتلاف مع حزب آخر، ما سيضر بخطط زعيم “العدالة والتنمية”.

الى ذلك يوجد هناك حزب الشعب الجمهوري الذي يتوقع ان يحصل على (٢٦%)، وهو يطمح لـ٣٠% أما حزب الحركة القومية فتشير التقديرات إلى ما بين (١٥-١٨%)، ومن ثم فإن دخول المزيد من الأحزاب والشخصيات المستقلة في البرلمان سوف يضعف فرص حزب أردوغان الذي يحتاج في مثل هذه الحالة إلى معجزة كي يتمكن من الوصول للأهداف التي أعلنها، والتي يشير المنطق الرياضي إلى استحالتها تماماً. ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا رفع أردوغان (القرآن) في أحد المهرجانات الانتخابية.[١]

هواجس داخلية وخارجية تسيطر على مجريات الانتخابات 

مما لا شك فيه أن هناك عدة عوامل تسيطر على أهواء الناخبين الأتراك تنقسم بين الموضع الخارجي وما أصبح يعرف بفضيحة دعم حزب العدالة والتنمية للجماعات الارهابية في سوريا، إذ أثبت استطلاعٌ للرأي أن ٧٦٪ من المواطنين الاتراك غير راضين عن سياسات الحكومة حيال الأزمة في سوريا وتحديداً دعمها للمجموعات الارهابية هناك.

ولا يغيب الوضع الداخلي عن مشهد العملية الانتخابية خصوصاً فيما يتعلق بفضائح الفساد التي طالت وزراء وشخصيات كبيرة من الحكومة التركية، حيث يؤكد زعماء المعارضة على ضرورة محاسبة ومحاكمة أردوغان وأفراد عائلته ووزرائه والمقربين منه فيما يتعلق بتهم الارتشاء والسرقة والتزوير وغيره من هذه الاتهامات التي طالتهم جميعا نهاية عام ٢٠١٣.

 أكثر من مليون ناخب في الخارج أدلى بصوته خلال الفترة الماضية

وفي سياق متصل أكد رئيس إدارة أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى التركية “قدرت بلبل” في وقت سابق، أن مليونا و٣٠ ألف تركي في الخارج أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التشريعية الحالية، وأن هذا العدد وصل إلى ضعف عدد من صوّتوا في الخارج خلال الانتخابات الرئاسية التركية التي أُجريت العام الماضي، حيث شارك فيها ٥٣٠ ألف تركي.[٢]

وسُمِح للأتراك المقيمين خارج البلاد بالتصويت في ١١٢ مركزا انتخابيا، تشمل ٥٤ دولة، في الفترة من ٨ إلى ٣١ مايو/ أيار الجاري، في الانتخابات البرلمانية المنتظرة.

وفي النهاية يمكن القول إن الرهان الأكبر غداً سيكون على ١٠٪ من الناخبين الذين بينت استطلاعات الرأي أنهم ما زالوا مترددين وسيقررون في اللحظة الأخيرة لأي من الأحزاب السياسية سيصوتون، وعلى هؤلاء راهن مؤخراً أردوغان حين حاول استقطابهم بأي شكل، عبر إصدار قرارات حكومية، مثل قرار توزيع ٥٣ ألف ليرة تركية (نحو ١١ ألف دولار) للمخاتير بمنزلة «مكافأة» لهم “لتعبهم خلال الإعداد للانتخابات.”

هوامش:

[١] فخر الدين، باتر، الانتخابات التركية ومستقبل الأردوغانية السياسية، جريدة السفير اللبنانية،   http://assafir.com/Article/٤٢٣٦٠٠

[٢] وكالة الاناضول التركية http://www.turkey-post.net/p-٥٠٣٠٧/

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق