رغم الحصار الشديد .. “الفوعة” و”كفريا” تقاومان الارهاب الطائفي
تقع بلدتا “الفوعة” و”كفريا” السوريتان على بعد ١٠ كيلومترات شمالي شرق مدينة “إدلب”، ويفصلهما عن بعضهما البعض طريق ترابي يبلغ طوله حوالي ثلاثة كيلومترات.
وعندما سيطرت الجماعات التكفيرية – ما يسمى “جيش الفتح” و”جبهة النصرة”- على إدلب في ٢٩ آذار/ مارس الماضي، ظن الكثيرون أن “الفوعة” و”كفريا” ستقعان بيد الارهابيين، لكن وخلافاً لهذه التوقعات، صمدت هاتان البلدتان ولم تكونا لقمة سائغة للارهابيين.
وبعد سقوط المناطق المجاورة لهاتين البلدتين بيد الجماعات الإرهابية ومن بينها “جبهة النصرة” قطع الطريق الوحيد الرابط بينهما وبين مدينة “إدلب”.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد سكان “كفريا” يبلغ حوالي ١٥ ألف نسمة، بينما يبلغ عدد سكان “الفوعة” حوالي ٣٥ ألف نسمة، أي أن مجموع عدد سكانهما يصل إلى ٥٠ ألف نسمة. والى الجنوب من “الفوعة” تقع مدينة “بنش” التي تشكلت بها أولى الجماعات الإرهابية التكفيرية كجماعتي ما يسمى “أحرار الشام” و”جبهة النصرة”. وتعد “بنش” من المناطق المتأزمة والمضطربة في سوريا. وتجاور “كفريا” من الشمال مدينة “معرة مصرين” التي تقع أيضاً تحت سيطرة الجماعات الإرهابية.
وفي أعقاب سقوط “إدلب” قامت الجماعات الإرهابية بمحاصرة “الفوعة” و”كفريا” بهدف السيطرة عليهما. وتعيش البلدتان أوضاعاً بالغة الصعوبة في الوقت الحاضر بسبب الحصار الكامل المفروض عليهما من قبل التكفيريين. كما تشهد بعض مناطق “الفوعة” اشتباكات متفرقة بشكل يومي بين لجان الدفاع الشعبي والإرهابيين، الى جانب القناصين التكفيريين الذين يستهدفون أهالي المنطقة.
وفي “كفريا” لا يختلف الأمر عن “الفوعة “حيث تشهد مناطقها المجاورة لـ “معرة مصرين” اشتباكات يومية عنيفة بين لجان الدفاع الشعبي والعناصر الإرهابية.
ويعد الاعتداء الذي حصل على “الفوعة” و”كفريا” في ٢٥ شباط/ فبراير الماضي هو الأكبر على هاتين البلدتين منذ مطلع العام الحالي، والذي واجه مقاومة شرسة من قبل الأهالي ما اضطر الجماعات الإرهابية إلى الانسحاب.
ويمكن القول بإطمئنان إن الأوضاع الأمنية في “الفوعة” و”كفريا” تقع الآن تحت سيطرة لجان الدفاع الشعبي التي تسيطر أيضاً على كافة النقاط الحدودية المحيطة بهاتين المدينتين، وترصد منها تحركات الجماعات الإرهابية التكفيرية.
ومنذ بداية الأزمة في سوريا أبدى السكان الشيعة في “الفوعة” و”كفريا” مقاومة شرسة في الدفاع عن مناطقهم إلى جانب الجيش السوري، ولعبوا كذلك دوراً كبيراً في الدفاع عن منطقة السيدة زينب عليها السلام بريف دمشق، والتي تعتبر من المناطق المستهدفة بشكل دائم من قبل التنظيمات الوهابية على أساس طائفي بحت.
وشارك أبناء البلدتين أيضاً بكسر الحصار عن مدينتي “نبل” و”الزهراء” في الريف الشمالي لـ “حلب”. ولكون “الفوعة” و”كفريا” قدمتا الإسناد للجيش السوري في مواجهة التنظيمات التكفيرية، قامت الأخيرة بمحاصرتهما للضغط على الأهالي وإجبارهم على الاستسلام انطلاقاً من أسس طائفية يزعم التكفيريون انها تبيح لهم قتل سكان المدينتين جميعاً.
كما قامت الجماعات الارهابية بقطع كافة خطوط نقل الماء والكهرباء والغاز والمواد الغذائية والدواء إلى هاتين المدينتين، وواجه الأهالي في الأسبوع الأول من الحصار نقصاً في الغذاء والدواء والوقود ما اضطرهم للتوجه إلى الزراعة لتوفير احتياجاتهم من المواد الغذائية.
وعلى الرغم من محاولات الجيش السوري لتوفير الغذاء والدواء لـ “الفوعة” و”كفريا” من خلال عمليات الإنزال الجوي، إلا أن العدد الكبير لسكان البلدتين جعل تأثير هذه المساعدات غير ملحوظ.
وبعد دخول التنظيمات الارهابية إلى “إدلب” و”جسر الشغور” و”أريحا” يرجح أن تكون “الفوعة” و”كفريا” الوجهة القادمة للهجمات الانتقامية من قبل النصرة والجماعات الارهابية الموالية لها.
وعلى الرغم من أن أهالي “فوعة” و”كفريا” يتمتعون بروح معنوية عالية، وتأكيدهم على أنهم سيتصدون لهجمات الجماعات التكفيرية بكل ما لديهم من قوة، إلا أنهم لا يخفون قلقهم من الهجمات الانتقامية لـ”جبهة النصرة” التكفيرية.
وبغض النظر عن الحصار الذي تعيشه “الفوعة” و”كفريا” المستهدفتين – كون سكانهما من الشيعة – والذي سينتج عنه كارثة إنسانية في حال استمر، فإن سقوط البلدتين في أيدي التنظيمات التكفيرية الوهابية سيخلف وراءه كارثة إنسانية أكبر بكثير من الكارثة الأولى.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق