التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

القيادة العسكرية الإسرائيلية: بين دعم الإرهاب والخوف من الخطر الإشعاعي 

 يجري الحديث اليوم عن قيام الكيان الإسرائيلي بإجراء تجارب حول الخطر الإشعاعي وذلك في مفاعل ديمونا. وقد أشارت الصحف الإسرائيلية لذلك على الرغم من محاولة القيادة الأمنية الإسرائيلية إبقاء ذلك سرياً. لكن الغريب هو التخوف الإسرائيلي من قيام المنظمات الإرهابية التكفيرية باستخدام ذلك، في وقتٍ تقوم به القيادة العسكرية الإسرائيلية بدعم تمدد الإرهاب التكفيري في المنطقة. فماذا في التجارب الإسرائيلية؟

 

أولاً: الإعلام الإسرائيلي يفضح قيادته:

عرضت القناة العاشرة الإسرائيلية قبل أسبوعين، تقريرين وثائقيين عن الإشعاعات الصادرة من الفرن الذريّ في ديمونا. كما وأجرت القناة خلالهما سلسلة من اللقاءات والمُقابلات مع عاملين سابقين في الفرن، ومع عائلات أشخاص ماتوا بسبب مرض السرطان الذي أُصيبوا به نتيجة الإشعاعات التي كان مصدرها الفرن. فيما قال أحد الأشخاص، المُصاب بداء السرطان للتلفزيون الإسرائيلي: “أخجل من أن أكون إسرائيلياً، أخجل من كوني مواطناً في هذه الدولة”.

وعلى الرغم من خطورة ما ورد في تقرير القناة، تجاهل الإعلام الإسرائيلي ذلك، كما تجاهلت السلطات الرسمية الإسرائيلية هذا التقرير. على الرغم من إدانته للمسؤولين عن الفرن الذريّ في ديمونا. لكن هذا الموضوع الذي لم تنجح تل أبيب في إبقائه سرياً، بالرغم من العمل على ذلك منذ أعوام.

ففي العام ٢٠٠٨ نشر محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل، تقريراً جاء فيه أنّ المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة بدأت لأوّل مرّةٍ بالإستعداد لمواجهة عملية تخريبيّة يتّم استخدام القنابل الإشعاعيّة ضدّ المدنيين الإسرائيليين خلالها. وأوضح المُحلل، نقلاً عن مصادر أمنية وصفها بأنّها رفيعة المستوى، أنّه ليس من المُستبعد بتاتاً أن يتحقق هذا التخوف الإسرائيلي. كما أضاف نقلاً عن مصدر رفيع المستوى في المنظومة الأمنيّة قوله، إن الحكومة قررت قبل عدّة سنوات تحسين الإستعدادات لمُواجهة تهديد الإشعاعات من قبل التنظيمات الإرهابيّة، إلى جانب الإستعداد لتهديدات غير تقليديّة مثل السلاح الذري، البيولوجي والكيميائي، وإطلاق صواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي، وأوضح المسؤول أنّه لا معلومات مؤكّدة عن هذا التهديد، ولكنّ القيادة العسكرية تتعاطى مع هذا الموضوع بجدية، من منطلق إيمانها بأنّ التنظيمات الإرهابيّة في العالم تسعى للحصول على هذه الأسلحة غير التقليديّة، على حدّ تعبيره.

ومن جديد عادت وفضحت صحيفة هآرتس الإسرائيليّة في عددها الصادر بتاريخ ٨/٦/٢٠١٥ ذلك، لتكشف النقاب عن أن السلطات الإسرائيلية قامت بإجراء سلسلة تجارب بهدف فحص التأثير والضرر من استخدام قنابل إشعاعية في إطار مشروع أطلقت عليه إسم “الحقل أخضر”. كما أكّدت الصحيفة، أنّ التجارب استمرّت على مدار أربع سنوات، من العام ٢٠١٠ وحتى العام الماضي ٢٠١٤. وبررت الصحيفة قيام السلطات بذلك، نتيجة توجّسها من استخدام هذا النوع من القنابل، والتي يُطلق عليها إسم “القنابل النتنة”، الى جانب خشيتها من لجوء التنظيمات الإرهابية لإستخدام هذه القنابل.

ثانياُ: كيف تبرر القيادة الإسرائيلية تجاربها وماذا كانت النتائج؟

حاولت الصحيفة تبرير التجارب الإسرائيلية من خلال تعميم الخوف والقلق من هذا السلاح موحيةً أن القلق بدأ في جميع أنحاء العالم بعد تفجيرات الحادي عشر من شهر أيلول من العام ٢٠٠١، في كلٍّ من نيويورك وواشنطن، وكذلك في أعقاب تهديد تنظيم القاعدة الإرهابي باستخدام قنابل كهذه ضد أهداف أمريكية. وقد لفتت الصحيفة في تقريرها إلى أنّ وزارة الصحة في الكيان الإسرائيلي كانت قد أصدرت في العام ٢٠٠٦ تعليمات حول التعامل مع مواد إشعاعية، وهو جاء من باب التوعية المدنية في حين أنّ تعليمات مشابهة جداً تتواجد لدى ما يُطلق عليها قيادة الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة، التابعة لجيش الإحتلال الإسرائيلي.

وبحسب الصحيفة، فإنّ الدولة العبريّة باشرت في العام ٢٠١٠ بتنفيذ تجارب في مفاعل ديمونا الذريّ، بهدف فحص تأثير تفعيل شحنة متفجرة إشعاعيّة على الكيان الإسرائيلي. وأكّدت على أنّ مشروع تجارب “الحقل الأخضر” انتهت في العام ٢٠١٤، وتم بعدها نشر نتائج هذه التجارب في مؤتمرات علميّة ومجمعات معلوماتية لعلماء نوويين في العالم. وقد أشار التقرير الى إحصاءات مفادها أنه ضمن تجارب “الحقل الأخضر”، وخلال أربع سنوات، تمّ تفجير ٢٠ قنبلة إشعاعية تراوح وزنها ما بين ربع كيلوغرام و٢٥ كيلوغرام، واستخدمت فيها مادة إشعاعية تعرف باسم (تخنيتسيوم ٩٩M) التي تُستعمل في الأبحاث الطبيّة. مشيرةً الى أنه تمّ استخدام ما أسمته بأكثر التقنيات تقدّماً وتطوراً، والمُتوفرّة في المفاعل الذريّ في ديمونا. وتبينّ من التجارب عبر قياس الإشعاعات، الى انتشار كمية صغيرة من الإشعاعات بواسطة جزئيات تحملها الرياح. كما وتوصل باحثون أشرفوا على النتائج، إلى استنتاج مفاده أنّ الخطر الرئيسيّ الناجم عن هذه القنابل هو تأثيرها النفسيّ على الجمهور، مُشيرةً إلى تخوف ثانٍ يتعلّق بتفجير إشعاعيّ في مكانٍ مغلقٍ ويستوجب إغلاق المكان لمدّة طويلةٍ حتى تطهيره، على حدّ تعبيرها.

إضافةً الى ذلك، قالت الصحيفة إنّه تمّ إجراء تجربة إضافيّة، تحت اسم “بيت أحمر”، تمّ خلالها محاكاة سيناريو وضع مواد إشعاعية في منطقة مزدحمة من دون أن تنفجر. وأوضحت الصحيفة أنّ هذه التجربة الأخيرة “بيت أحمر”، تمّ إجراؤها بالتعاون مع الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة، حيث تمّ نشر مواد إشعاعيّة في قاعدة تابعة للجبهة الداخليّة، محاكاةً لمُجمع تجاري، مؤلّف من طابقين، وتبينّ من نتائج البحث والإختبار أنّ هذه الطريقة غيرُ فعالّةٍ لأنّ القسم الأكبر من الإشعاعات تبقى في فلترات مُكيّفات الهواء.

إذن، تٌعبِّر القيادة الإسرائيلية عن خوفها الحقيقي من وصول الخطر الإشعاعي الى كيانها، مما يهدد أمنها. لكن الغريب هو أنه وعلى الرغم من معرفة الكيان الإسرائيلي بخطورة المنظمات الإرهابية على المنطقة، وعدم إتقانها لقواعد الصراع، ما تزال قيادة العدو الإسرائيلي تدعم تمدد الإرهاب التكفيري. فهل تعجِّل سياسة تل أبيب من نهاية عمر كيانها؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق