إخراج المواطنيين الأفغان وغيرهم من الإمارات…من يقف وراء ذلك
اعتمدت سياسة دولة الامارات وفي السنوات الأخيرة على مخطط طرد تجار ومواطنين يعملون على أراضيها من جنسيات افغانية ولبنانية وعراقية وإيرانية وغيرها، وهم بأغلبهم من الطائفة الشيعية، والذين لم يكونوا يوما إلا عامل استقرار ونهوض وتنمية لدولة الامارات وملفاتهم وسجلاتهم تشهد على ذلك، وهم الذين أفنوا زهرة عمرهم وشبابهم فيها وأعطوها عصارة جهودهم في سبيل رفعتها وتقدمها وتطورها. الجدير ذكره أن هذه الحملة شهدت تصعيدا في الآونة الأخيرة وبطلبات مباشرة من محمد بن سلمان في سياق سلسلة من المقابلات التي أجراها مع سفير الإمارات في السعودية.
الامارات وفي تبرير لأفعالها ضخت وعبر وسائل إعلامها مجموعة من الحجج والذرائع الواهية المرتكزة على أسباب امنية باعتبار المبعدين متورطون في أعمال أمنية ونشاطات سياسية والتي لا تثبت على أي من المبعدين، فأغلبية المبعدين هم ممن قضى بين عشرة سنوات وعشرين سنة وبعضهم قضوا مدة أطول في دولة الإمارات وليست لهم علاقة باي عمل سياسي طوال هذه المدة، بل لا توجد لهم أية نشاطات سياسية لانهم كانوا مشغولين بتحصيل رزقهم اليومي وتأمين مصروفات مدارس أبنائهم وحياتهم المعيشية. إذن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو عن الخلفيات التي تقف وراء ما تقوم به السلطات الاماراتية؟
أسباب سياسة الإبعاد وعلاقة السعودية والمحور الغربي
١- التمييز الطائفي في منح الإقامات وإلغائها والتي تمارسها دولة الامارات فضلا عن غيرها من بعض الدول الخليجیة، فهم يأخذون بعين الاعتبار الإنتماء المذهبي كما الإنتماء الطائفي، وقرب وبعد الشخص عن تأييده لحركات المقاومة ومحورها، ولذلك فهم أبعدوا اللبنانيين والفلسطينيين بالدرجة الأولى ثم العراقيين والأفغانيين وغيرهم.
٢- مطالب أميركية وبريطانيا واسرائيلية على لسان السلطات السعودية بضرورة إفراغ دولة الامارات من الشيعة والفلسطينيين، لأن هؤلاء بحسب التصور البريطاني الاسرائيلي الأميركي السعودي يشكلون مانع أمام بناء الامارات مشروعها الأمني العسكري المرتبط بالكيان الاسرائيلي بشكل وثيق، وإعلان علاقات مفتوحة وعلنية مع الجانب الاسرائيلي بعد أن كانت سرية.
٣- تعزيز مشروع سلطات الدول الخليجیة والقائمة على إثارة موضوع الجزر الثلاث الإيرانية، وبدعم وامكانات استراتيجية عسكرية ودعم من تحالف غربي لها عبر اتفاقات ثنائية عسكرية وامنية بين حكومة ابو ظبي وكل من هذه الدول الغربية مثل بريطانيا واميركا والکیان الاسرائيلي وبتنفيذ سعودي.
٤- الضغط على البنية الشعبية المؤيدة للمقاومة في كل من لبنان وفلسطين والعراق وغيرها، من خلال إعطاء طابع أن سبب الإبعاد بشكل أو بأخر مرده إلى دعم المبعدين لخيار المقاومة والكفاح.
٥- الضغط على بعض الذين يراد إبعادهم من خلال إحتجازهم قبل ترحيلهم ومن ثم تخييرهم بين الرحيل او البقاء بشرط التعاون مع اجهزة إستخباراتية لصالح محور الدول الغربية داخل بلدانهم، وبالتالي الإستفادة منهم من جهة وتشكيل ارضية ونفوذ لهم داخل تلك البلدان كالعراق ولبنان وفلسطين وغيرها من جهة أخرى.
٦- سياسة الدول الخليجية والقائمة على قمع ثورة الشعب البحريني، بالإضافة إلى تقديم الدعم المالي والاعلامي والامني للجماعات التكفيرية في كل من العراق وسوريا. مضافا الى تورط الامارات في مشروع أمني واستخباراتي وعسكري مع امریکا وبريطانيا وفرنسا، وبالتالي فإن مجموعة السياسات تلك والمتعارضة مع إرادة من يمثل محور المقاومة دفع بالإمارات ومن ورائها السعودية إلى أبعاد كل من يحتمل معارضته ولو الفكرية لهذه السياسات.
٧- سياسة التطرف التي تحكم عقلية متزعمي بعض دول الخليج ومنها الامارات والمتناسبة مع سياساتها الدعمة لجبهة النصرة التكفيرية بشكل مركز وغيرها من جماعات التكفير بشكل أعم.
مما لا شك فيه أن السياسات العنصرية والطائفية التي تنتهجها الإمارات ومن ورائها السعودية فضلا عن دول خليجية اخرى، والمنهجية القائمة على ربط سياسات تلك الحكومات بحكومات الغرب والكيان الاسرائيلي، والتي تمثلت بجانب منها من خلال أبعاد المواطنين الأفغانيين ومن قبلهم اللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين عن موارد رزقهم وأعمالهم وتجاراتهم في الإمارات، هذه السياسات لها نتائج سلبية كثيرة، وهي بالدرجة الأولى تعميق للإنقسام والشقاق بين أبناء شعوب المنطقة، وهو الأمر الذي يتطلب تحركات ومطالبات من لجان وجمعيات حقوق الإنسان العربية والغربية لوضع حد لهذه السياسات الخاطئة.
ما يجب على حكوماتنا والفعاليات المتحركة شعبيا أن تغادر عقدة النقص والضعف التي تعيشها، والتخلي عن هذا الحرص المفرط على مشاعر بعض الأنظمة العربية، ولقد اثبتت التجربة الماضية ان سياسة الحرص هذه لم ترجع بفائدة على المجتمعات العربية وحکوماتها، فمصلحة الشعوب أهم وأرفع من المصالح الفئوية السياسية الضيقة.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق