التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

المعتقلون السياسيون في سجون السلطة الفلسطينية، والقضية مستمرة 

تشهد سجون السلطة الفلسطينية وبالتحديد منذ اندلاع الإنتفاضة الفلسطينية عام ٢٠٠٠ تزايد أعداد المعتقلين السياسيين فيها، ويسرب المعتقلون ضمن اللقاءات التي تجري مع ذويهم أنه خلال فترات سجنهم يتم نقلهم ولمدة تتراوح في بعض الأحيان الأشهر إلى سجون الكيان الاسرائيلي، إذن السجن واحد وإن تغيرت ملامح السجان، والتهمة واحدة ما بين المحتل والمتعاونين معه، ألا وهي الوقوف بوجه المحتل للأرض. هي المفارقة العجيبة في زمن أصبحت فيه حماية أمن المحتل مشروعاً وطنياً، وأصبح عمل المقاومة والدفاع عن الأرض وعزة الشعب عملا يجرم عليه الإنسان ويعاقب. السلطة الفلسطينية وفي تبرير للمعاملة القاسية مع المعتقلين وأمام المسائلة من قبل الجمعيات الحقوقية، تبرر ذلك بأنها تريد حماية المعتقلين من خطر الإحتلال وأن المعتقلين في ضيافتها، فما هي مبررات الإعتقال الحقيقية؟ وما هي الظروف القاسية التي يواجهها المعتقلون؟ وهل يؤثر ذلك على خيارات المعتقلين في الدفاع عن الأرض والكرامة والعزة؟

 

 

أسباب الإعتقال:

هناك العديد من المبررات التي تستخدمها السلطة الفلسطينية في دوافع اعتقالها لأبناء الشعب الفلسطيني السياسيين منهم أو غيرهم، هذه الإعتقالات التي شهدت تصعيدا غير مسبوق منذ إنطلاق الإنتفاضة الفلسطينية بوجه المحتل، تعود لمبررات كثيرة يمكن تسجيل بعضا منا كالتالي:

١- الفلسطينيون الذين عملوا في السلك العسكري والأمني لأجهزة السلطة الفلسطينية وكان لهم مبادرات متناغمة ومتناسقة مع الجماهير الفلسطينية الثائرة بوجه المحتل عام ٢٠٠٠، كـ “اسلام حامد” الشاب الفلسطيني الذي قام وفي محاولات عديدة بالمشاركة مع المنتفضين في القيام بعمليات ضد الکيان الإسرائيلي، وتوجه السلطات الفلسطينية التهمة له بتنفيذ عملية إطلاق نار على الکيان الإسرائيلي عام ٢٠٠٨ أدت لإصابة اثنين من مستوطنيه.

٢- من كان لهم مواقف سياسية متعارضة مع السياسة الخاضعة للکيان الإسرائيلي، وكان لهم التأثير في تنظيم وتفعيل التحركات بوجه هذا الکيان.

٣- العاملون في السلطة الفلسطينية ممن لهم تعاون مع حركات المقاومة سواء فتح أو حماس، وهو ما صار يعتبر لدى السلطة الفلسطينية وللأسف جرماً يعاقب عليه.

 

ظروف المعتقلين السياسيين داخل السجون الفلسطينية:

التعذيب والتنكيل الممارس بحق المعتقلين السياسيين في سجون السلطة، ما زال ضمن معدلات الوحشية والشراسة، وهو ما يدفع بالمعتقلين السياسيين بين الحين والآخر إلى الإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على التعذيب والتنكيل الممارس بحقهم.

١- التعذيب الجسدي: والذي يشمل الضرب المباشر شبه المتواصل بأشكاله المختلفة، التعريض للمياه أو التيارات الهوائية الساخنة والباردة، الخنق، الكي بالسجائر أو بصهر مادة بلاستيكية، الحرمان من الطعام والشراب والنوم، وأشكال غريبة أخرى مثل طلي جسم المعتقل بالمربى في يوم حار وتركه لفترة طويلة تحت الشمس، إلى ما هنالك من أساليب وحشية تقشعر منها الأبدان ولا مجال لذكرها.

٢- التعذيب النفسي والذي يشمل الحبس الانفرادي لفترات طويلة وعزل المعتقل عن العالم الخارجي، التهديد بالاعتداء على شرف الأخت أو الزوجة على سبيل المثال، والترهيب والتخويف بأنواعه، مثل استخدام المحققين لآلات تسجيل تصدر أصوات صراخ من غرفة مجاورة، أو ضرب معتقل بقسوة لتصدر عنه أصوات ترهب المعتقلين الآخرين.

٣- الحرمان من الخروج من حجراتهم الإنفرادية مدة طويلة ومنعهم عن كثير من الاحتياجات وبعد كل ذلك يقولون لهم أنت لدينا ضيوف، ولا يحصلون على حصتهم من فترة الاستراحة ويبقونهم في حجراتهم الانفرادية لأتفه الأسباب. كما حرمانهم نصيبهم من الهاتف للحديث مع ذويهم.

٤- خضوعهم للإنتقام الجماعي في مناسبات عدة، فكلما حدث حادث أو صدر موقف من حركات المقاومة لا يعجب إدارة السجن تعرض المعتقلون لوسائل تعذيب وترهيب إضافية.

 

تقارير منظمات حقوق الإنسان:

تشير تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى أنه ما بين العامي ٢٠٠٧ و ٢٠١٥ قامت السلطة الفلسطينية بإعتقال ١٣٢٧١ مواطنا فلسطينيا قسم كبير منهم سياسيون باعتبارهم من العاملين في السلك الحكومي، تعرض ٩٦% منهم لمختلف صنوف التعذيب أودى بحياة ستة معتقلين، وتسبب لبعضهم بأمراض مزمنة، كما أن ٩٩% من المعتقلين جربوا الإعتقال لدى الکيان الإسرائيلي وأنهم اعتقلوا لدى السلطة على نفس التهم التي اعتقلوا عليها لدى الکيان الإسرائيلي(١). كما شهدت هذه الفترة مداهمات للجامعات والمشافي والمنازل لاعتقال عدد من المطلوبين شاركوا باحتجاجات ضد الکيان الإسرائيلي ولم تميز السلطة في حملاتها بين المواطنين، فحملات الإعتقال شملت النساء والرجال ومنهم كبار السن. والجدير بالذكر أن القسم الأكبر من المعتقلين هم ممن يشغلون وظائف لدى السلطة الفلسطينية.

المؤسف أن الشعب الفلسطيني الذي يعاني من أبشع المجازر التي يرتكبها بحقه الکيان الإسرائيلي، يعاني في الوقت عينه من الإجراءات نفسها من قبل السلطة الفلسطينية، فأمام مشاهد القتل في غزة والضفة على أيدي الكيان الاسرائيلي، تقوم السلطات الفلسطينية بالتنسيق الأمني معه بكافة أشكاله، وحتى في العدوان الأخير على قطاع غزة والذي يعد جزءاً من الحرب على الفلسطينيين سجل عدد كبير من الإعتقالات على الرغم من حركة تضامن الشعب الفلسطيني بكل شرائحه ضد العدوان، لكن الشعب الفلسطيني المعتقل منه وغيره أبى إلا أن يكمل المسيرة ويدحر المحتل من أرضه ويعيد كرامة وعزة الشعب الفلسطيني مهما كبرت التضحيات.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق