التفجيرات السعودية في مساجد اليمن.. رسائل وأهداف
يبدو أن العدوان السعودي على الشعب اليمني انتقل إلى مرحلة جديدة عنوانها “إستهداف المساجد” وذلك بعد 3 أشهر على فشل العمليات الجوية. المرحلة الجديدة ظهرت معالمها من خلال تفجيرات إجرامية طالت العديد من المساجد – في مسجد الكبسي ومسجد القبة الخضراء ومسجد الحشحوش ومسجد قبة المهدي – خلال الأيام الأولى من هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك وأوقعت العديد من الشهداء والجرحى المدنيين الصائمين، وإتضحت أبعادها عبر عملية الاغتيال الآثمة التي استهدفت فضيلة الشيخ العلامة حسين عبدالباري العيدورس إمام وخطيب جامع الحزم وهو ذاهب لأداء صلاة العشاء مساء الجمعة بمدينة شبام حضرموت.
المرحلة الجديدة للعدوان القديم، والتي لم تراعِ حرمة شهر الله، كما فعل مع عباده، اختيرت أهدافها بدقّة، وحملت رصاصاتها وتفجيراتها رسائل عدّة تبدأ من حدود اليمن، ولا تنتهي إلى طاولة جنيف، ما يدفعنا لطرح الأسئلة التالية: ما هي الرسائل التي أرادت السعودية إيصالها من خلال استهداف بيوت الله في اليمن، وما هي أبرز الأهداف والدلالات؟
رسائل التفجيرات
لا شك في أن السلطات السعودية أرادت من خلال التفجيرات الأخيرة إيصال حزمة من الرسائل، التي يصعب عليها إرسالها عبر القنوات الدبلوماسية أو عبر لغة الحوار الذي لا تفقه، أو من خلال طاولة جنيف التي لا تريدها.
يعتبر عدم الإكتراث السعودي بالأمم المتحدة ومساعيها من أبرز الرسائل التي أنشدتها مزامير السعودية على آذان أنصار الله، إذ أن هذه التفجيرات أتت في ظل الحوار القائم بين مختلف المكونات اليمنية على طاولة جنيف، وهي أيضاً دلالة واضحة على رفضها المسبق لأي نتائج لا تراها في صالحها.
ولا تقف الرسائل السعودية عند هذا الحد، بل تتعداه إلى التلويح بضرورة “رضوخ” حركة أنصار الله للمطالب السعودية في حال أرادت الأمن والإستقرار، والتهديد بتفتيت اليمن عبر حرب طائفية مقيتة في حال الفشل النهائي لعدوانها الجوي، ولكن ما هي الأهداف التي تقف وراء هذه الأحداث؟
أهداف ودلالات
يبدو واضحاً أن فشل العدوان الجوي على الشعب اليمني، من أبرز دلالات هذه التفجيرات الإجرامية والإغتيالات الإرهابية، إلا أن جميع هذه الأعمال الإجرامية إنما تأتي بهدف إخضاع الشعب اليمني ووضعه تحت الوصاية الخارجية كما نؤكد بأنها إنما تسعى من خلال هذه الأعمال الإجرامية لإحداث الفوضى وإثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب اليمني تنفيذا لأجندات أمريكية وسعودية تستهدف الشعب اليمني وأمنه واستقراره، وفق ما رأت حركة أنصار الله في بيانها الأخير.
وتسعى الإستخبارات السعودية من خلال هذه الأعمال لضرب هيبة أنصار الله لدى شعبه والمجتمع الدولي في آن واحد، حيث أن نجاحاته على الصعيد الأمني ما خلا الغارات الجوية، لا تخدم الأجندة السعودية التي يروّج لها هادي وحكومته المستقيلة. لذلك عملت الأدوات السعودية على إستهداف المساجد، وبالتالي سلب هذه النجاحات من حركة أنصار الله، والضغط على الشعب اليمني في شهر الصيام. هنا تجدر الإشارة إلى أن الإستهدافات الأخيرة تختلف عن الغارات السعودية الحالية، إذ أنها لم تكن عبثية في الزمان والمكان، فالمساجد حالياً من أهم أماكن تجمّع الشعب اليمني في هذا الشهر الفضيل.
كذلك، يعتبر تركيع الشعب اليمني وكسر إرادته، من أبرز أهداف هذه الأعمال الإجرامية، ويوضح أحد المصلين في مساجد صنعاء المستهدفة أن “ما يجري في العراق من تفجيرات للمساجد وفي الأسواق، وكذلك ما يجري في سوريا، وما يجري في اليمن وراءه السعودية وآل سعود… لأنهم عجزوا من أن يكسروا أو يركعوا الشعب اليمني”. وأما إستهداف إمام وخطيب جامع الحزم بمدينة شبام حضرموت الشيخ العلامة حسين عبدالباري العيدورس أثناء ذهابه لأداء صلاة العشاء فيأتي في ظل الاستهداف الممنهج للأصوات المعتدلة والرافضة لثقافة الغلو والتكفير.
إن كافّة هذه الأفعال الإجرامية تشير إلى حقيقة وحيدة، مفادها أن آل سعود الذين يحكمون باسم الإسلام هم أبعد الناس عنه، حيث أنهم لم يحفظوا حرمة الله في هذا الشهر، بل هم أداة طيّعة بيد الحليف الأمريكي المباشر، والإسرائيلي غير المباشر.
ما التفجيرات الأخيرة إلا فصل جديد من فصول العدوان السعودي على الشعب اليمني، إلا أن نتائج هذه الأعمال التخريبية لن تكون بعيدةً عن الغارات الجويّة، وبالتالي لن تنال من إرادة وعزيمة الشعب اليمني وإصراره على تحقيق تطلعاته في حياة كريمة وآمنة ومستقلة.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق