جيش الفتح وصعوبة العمل في جنوب سوريا
لم يمض كثير من الوقت على انشاء جماعة “جيش الفتح” في جنوبي سوريا حتى اعلنت الجماعات المسلحة الناشطة في جنوبي سوريا عدم تعاونها مع جيش الفتح بأي شكل من الاشكال بسبب الافكار التكفيرية لهذه الجماعة وهذا ما سيعرقل المخططات التركية والقطرية والسعودية في القسم الجنوبي من سوريا ويضع هذه المخططات امام تحديات.
وتفيد التقارير الاعلامية الواردة ان المؤشرات على حدوث الخلافات والانشقاقات بين الجماعات المسلحة في سوريا قد تزايدت وان السبب الاهم لذلك هو حضور تنظيم “جبهة النصرة” التكفيري بين صفوف الائتلاف الاكبر للمعارضين في سوريا.
وقد اكدت الجماعة المسماة بـ “الجبهة الجنوبية للجيش الحر” من خلال بيانات متعددة نشرتها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بانها سوف لن تتعاون مع ائتلاف جيش الفتح بسبب وجود اشخاص تكفيريين في هذا الائتلاف.
وقد تكتلت فصائل اساسية في الجبهة الجنوبية للجيش الحر وهي “الجيش الأول” و”اليرموك” و”الفيلق الأول” و”حركة المثنى” و”ألوية العمري” وغيرها فيما بينها رافضة الإنخراط في “جيش الفتح” على إعتبار انه قوة مشبوهة، الكتائب تلك تمترست خلف “جبهتها” على إعتبار انها من يمتلك الارض والقوة، وقالت انها ترى في “جبهة النصرة” إطاراً مستجداً على المنطقة لا يحظى بما تحظى به من قوة، وعليه فإن القراءة للامور تتمحور حول نوايا لدى النصرة للاستئثار بالميدان وتعميم ثقافة جيش الفتح ذات قيادتها الخاصة، والهيمنة على القوى الاخرى.
الفصائل أصدرت عدة بيانات متشابهة من حيث الصياغة والمضمون، أكدت فيها أن فصائل الجبهة الجنوبية هي صاحبة الإنجازات الأكبر على الأرض، مضيفة “نرفض أي تقارب أو تعاون عسكري أو فكري مع أي فصيل يحمل فكراً تكفيرياً أو متطرفاً”.
ويعتبر جيش الفتح ائتلافا من الجماعات المسلحة وقد تشكل في شهر مارس من العام الحالي بدعم من تركيا والسعودية وقطر، ويضم هذا الائتلاف الجماعات السلفية والتكفيرية ومنها احرار الشام وجبهة النصرة (الفرع السوري لتنظيم القاعدة) وقد حقق تقدما ميدانيا خلال الشهرين الماضيين في المناطق الشمالية من سوريا ومنها محافظة ادلب، وقد اعلن جيش الفتح مؤخرا ايجاد فرع له للمنطقة الجنوبية للقتال في محافظتي درعا والقنيطرة.
ومن الممكن ان يتسبب اعلان الجبهة الجنوبية للجيش الحر (الذي يقول بأنه علماني ويسميه الغرب بالمعارضة المعتدلة) بأنه لن يتعاون مع جيش الفتح باثارة غضب تركيا والسعودية وقطر وهم الداعمون الرئيسيون لجيش الفتح والذين يقدمون له الدعم المالي والتسليحي والعسكري والسياسي.
ويعتقد المحللون ان احد اسباب اعلان الجيش الحر عدم تعاونه مع جيش الفتح هو المجزرة التي حصلت ضد الدروز على يد مسلحي جبهة النصرة في محافظة ادلب كما ان الجيش الحر يسعى الى الاقتراب من الدروز الذين يقطنون محافظة السويداء.
وتأتي معارضة الجيش الحر لجيش الفتح في وقت تسعى فيه تركيا وقطر والسعودية عبر وسائل اعلامهم الادعاء بأن جبهة النصرة التي تقود ائتلاف جيش الفتح هي جماعة معتدلة، وقد فسر المحللون المقابلة التي اجرتها قناة الجزيرة مع قائد جبهة النصرة ابي محمد الجولاني في هذا السياق.
وتحدثت بعض وسائل الاعلام عن قيام تركيا بممارسة الضغط على جبهة النصرة لاعلان الانفصال عن تنظيم القاعدة في اطار تسريع مشروع تبييض وجه جبهة النصرة واعلانها جماعة معتدلة وغير تكفيرية، وقالت جريدة الحياة اللندنية التي تؤيد السياسات السعودية نقلا عن مصادر مطلعة ان النقاشات داخل صفوف جبهة النصرة آخذة في التزايد وان تركيا ايضا تضغط عليهم من اجل اعلان الانفصال عن تنظيم القاعدة الارهابي.
ويعتقد المحللون انه في حال قيام جبهة النصرة باعلان الانفصال عن تنظيم القاعدة فإن مصداقية الجبهة لدى عناصرها ستتزعزع وان الكثير من اعضائها سينفصلون عنها وسينضمون الى تنظيم داعش الارهابي ما يضع جبهة النصرة امام اوضاع صعبة.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق