التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

الفراغ الرئاسي، منشأه وتداعياته على الوضع اللبناني 

 مرة جديدة وبعد أكثر من عام على الفراغ في منصب رئاسة الجمهورية، تم تأجيل جلسة انتخاب الرئيس الى الخامس عشر من تموز/يوليو القادم لعدم اكتمال النصاب، مع عدم وجود بوادر حلحلة في ملف الرئاسة حيث لا يزال الوضع السابق على حاله من الأزمة السورية الى ملف التعيينات الأمنية الى الخلافات الجوهرية بين الأفرقاء اللبنانيين حول مواضيع مصيرية كمشاركة حزب الله في المعارك ضد الارهابيين والفيتو المسبق من قبل ١٤ آذار على شخص العماد ميشال عون ومبادراته لحل الأزمة، كما لا يزال البعض ينتظر وصول كلمة السر من الخارج والتي يبدو أنها لن تصل قريبا مع ازدياد الوضع الدولي والاقليمي تعقيدا وتأكيد الدول الكبرى على أن الحل في ملف الرئاسة لن يأتي من خارج لبنان.

بالنسبة الى فريق الثامن من آذار فان العماد ميشال عون بات المرشح الرسمي لهذا الفريق، وقد أعلن حزب الله صراحة أن مرشحه الأوحد لملف الرئاسة هو الجنرال عون، كما يدعمه باقي حلفاء الحزب. ومع بداية الأزمة لم يكن عون يعلن ترشحه بهذا الوضوح، كما أن حزب الله وباقي الحلفاء لم يعلنوا مرشحهم بشكل واضح كما يعلنوه اليوم. 

في المقابل يرى فريق ١٤ آذار أن انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية أمر لا يمكن أن يمر، فحصول عون على الرئاسة معناه انتصار سياسي لقوى ٨ آذار تخشى من ورائه أن يخل بالتوازنات السياسية وهو ما يرفضه تيار المستقبل لأسباب عديدة منها:

أولا خلافه التقليدي مع عون الذي كان يهاجم التيار ويحاول الغوص في ملفات الفساد منذ عهد الحريري الأب الذي تربع على عرش الحكومة اللبنانية لسنوات عديدة. 

ثانيا لا يرى تيار المستقبل من عون رئيسا توافقيا حتى لو انفتح على المستقبل في الفترة الأخيرة، فبالتالي وصوله للحكم يعد انتصاراً لـ٨ آذار بل لحلف دمشق طهران حزب الله وهو أمر غير مقبول لا إقليميا ولا دوليا.. وفقا لرؤية المستقبل.

كما أن مسيحيي قوى ١٤ آذار وخاصة حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع وحزب الكتائب اللبنانية برئاسة الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل يرفضون وصول عون للرئاسة ليس فقط بسبب الخلافات التاريخية بينهم، ولكن أيضا لأن وصول عون معناه اعتراف بزعامته للوسط المسيحي في لبنان، مما سينعكس عليهم سلبا، إضافة إلى الخلافات حول ملفات عديدة منها الموقف من الأزمة السورية وسلاح حزب الله.

وعلى الرغم من الحوار القائم بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية وإعلان ورقة النوايا، فإن هذا الحوار لم يتطرق الى عمق المشاكل الموجودة بين الفريقين بل اكتفى بالتفاهم على ما هو متفق عليه من وجوب تعديل قانون الانتخابات ليراعي مصلحة المسيحيين وغيره من الأمور التفاهمية، وأن الحوار لم يقترب حتى من موضوع الرئاسة خوفا من نسفه في بدايته.

ولا بد من الاشارة الى أن المادة ٦٢ من الدستور اللبناني تنص على توكيل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء الذي يجمع ممثلين عن جميع الطوائف، ولكن ما أكدته التجربة أن إناطة مهام رئيس الجمهورية الى الوزراء عبر التصويت لم تكن حلا ناجحا في ظل وجود الخلافات الجوهرية عند القوى المختلفة، وقد بدأ التلويح بفرط عقد الحكومة اذا استمرت الخلافات على حالها خصوصا في الآونة الأخيرة مع بروز ملف التعيينات الأمنية وخلاف الوزراء بين التمديد والتعيين.

اقتصاديا قد لا يتأثر الوضع اللبناني بأزمة الفراغ الرئاسي بشكل ملحوظ بل إن الحالة الاقتصادية في لبنان تعاني من أمور أكثر تأثيرا كالحرب في سوريا والتي أغلقت على لبنان حركة التصدير البرية بعد أن كان لبنان مركز الترانزيت من أوروبا الى الدول الخليجية. كما أن الوضع الأمني الداخلي أثر بشكل ملحوظ على السياحة التي يعتمد عليها الاقتصاد اللبناني بشكل كبير خصوصا في موسم الاصطياف وغيرها.

وفي النهاية يبقى لبنان من دون رئيس للجمهورية كبيت من دون أب، يستطيع الاستمرار وتقطيع الوقت، لكن ستكثر فيه الخلافات بين الإخوة، ويبقى السؤال الذي يحتاج الى تأمل، هل بات الدستور اللبناني بحاجة الى تعديل حيث لم يفلح في إجبار اللبنانيين على انتخاب رئيس؟ أم هل أن الخلافات بين الأفرقاء اللبنانيين باتت بهذا العمق الذي لا يسمح بالالتقاء حول كلمة موحدة لمصلحة لبنان؟

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق