واقع حقوق الإنسان بأمريكا من منظار المنظمات الدولية
أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان في العالم، وأشار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في تعليق حول تقرير وزارته الى أن التقرير أخذ بعين الإعتبار مشكلة تهريب البشر، بالإضافة الى حقوق المثليين جنسياً، واعتبر كيري أن “الظلم في أي نقطة من العالم هو تهديد للعدالة في كل العالم”، تصريحات كيري تأتي خلاف الواقع الذي تعيشه امريكا والذي تؤكده الهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان.
ما أشار اليه كيري من الاهتمام الخاص الذي توليه أمريكا بالنسبة للعدالة وحقوق الانسان يخالف ما تكشفه المنظمات الدولية، فلقد وجهت منظمة العفو الدولية في بيان لها انتقادات للسياسة الأمنية الأمريكية، واتهمت المنظمة واشنطن بأنها تنتهك حقوق الانسان والقوانين الدولية والانسانية بحجة تثبيت الأمن في البلاد، كما طالبت العفو الدولية الحكومة الأمريكية بايقاف الاعدامات السرية والاعتقال والتعذيب، ونوهت المنظمة في اجتماعها الذي جرى في واشنطن الى ضرورة فتح تحقيقات شفافة وحيادية حول مقتل العشرات من المدنيين في اليمن وباكستان نتيجة هجمات طائرات التجسس الأمريكية، كما انتقد تقرير المنظمة العنف الذي تمارسه الشرطة الأمريكية تجاه المتظاهرين.
امريكا تشهد وضعاً متأزماً لحقوق الإنسان، فتصريحات كيري لا يمكن أن تغطي الممارسات الأمريكية تجاه مواطنيها، فبينما كيري يتحدث عن حقوق الانسان بعد تقرير وزارته الذي صدر في ٢٥ من الشهر الجاري، كانت وسائل الإعلام الأمريكية تتحدث عن مقتل رجل بـ١٩ عيار ناري على يد الشرطة الأمريكية، كما أن تصريحات كيري وشعاراته تخالف ما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية حول مجريات العام المنصرم ٢٠١٤، حيث اعتبر الأمين العام للمنظمة، “ساليل شتي”، في مؤتمر صحفي عقده في مكسيكو أن “عام ٢٠١٤ كان على الأرجح إحدى أسوأ السنوات في تاريخ حقوق الإنسان في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن الأمريكيتين، بما في ذلك امريكا وكندا تواجهان تحديات كثيرة في هذا المجال”.
إنتهاكات حقوق الانسان التي تشهدها أمريكا والتي توثقها المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ليست ببعيدة عن تصريحات المسؤولين الأمريكيين أنفسهم، فلقد اعتبرت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون أن المذبحة التي وقعت بكنيسة تاريخية للسود في ولاية “ساوث كارولاينا” تشير الى استمرار العنف المؤسسي العنصري في امريكا، وقالت كلينتون “إنه لمن قبيل المخادعة ان نصف مأساة كهذه على انها واقعة فردية وان نصدق انه في أمريكا اليوم تركنا التعصب خلفنا الى حد كبير وان العنصرية المؤسسية لم يعد لها وجود”.
هذه الأحداث ليست جديدة على امريكا، ففي العام المنصرم قتل شاب أسود في مدينة “سان لويس” بولاية “ميسوري” على يد الشرطة الأمريكية، الأمر الذي تسبب باندلاع احتجاجات ضد الحادثة استخدمت الشرطة الأمريكية العنف مرة أخرى لتفريق هذه الاحتجاجات، وهذا ما انتقدته منظمة العفو الدولية آنذاك حيث وجهت مديرة المنظمة في أمريكا “إيريكا جيفارا روزيز” في بيان حول الاحتجاجات انتقاداً لاستخدام العنف المفرط والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي من قبل الشرطة ضد المتظاهرين سلمياً، واصفة الأحداث التي اندلعت بعد مقتل الشاب بـ”الحساسة للغاية”، وحذرت من تأجيج الأمور.
وقالت مديرة المنظمة “لا يمكن القبول أبداً باستخدام العنف المفرط لقمع الاحتجاجات، وينبغي على أمريكا التصرف بشكل يتوافق مع الدستور والقوانين الدولية، كما يجب عليها أن تسمح للمواطنين بممارسة حقوقهم في حرية التعبير بشكل سلمي، إضافة إلى عدم إعاقة عمل الصحافيين”، هذا وأرسلت المنظمة بعثة مراقبين لأول مرة إلى أمريكا للوقوف على الأوضاع، وقال “ستيفن هوكينز” المدير التنفيذي للمنظمة في امريكا، والذي رافق البعثة المؤلفة من ١٣ مراقباً، “إن الشرطة استخدمت العنف المفرط، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين دون التفريق بين الأطفال والمسنين، وهذا يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان”.
إن العنف والتمييز العنصري وغير ذلك من انتهاكاتٍ لحقوق الانسان، ليست جديدة في الساحة الأمريكية فهي متأصلة في جذور هذا البلد منذ نشأته، وتشكل هذه الظواهر مصدر قلق للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وخاصة أن المسؤولين الأمريكيين يرفعون شعارات حقوق الانسان والدفاع عنها ولا يعترفون بوجود هذه المظاهر في بلادهم تاركين شعبهم يعاني من العنف الممنهج والتمييز العنصري المؤسساتي.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق