التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

أسباب إنتقال الحرب الأفغانية من الجنوب الی شمال البلاد 

تلعب العديد من العوامل الإقليمية والدولية دوراً بارزاً في إنتقال ساحة الحرب في إفغانستان من جنوب البلاد الی شمالها، حيث أنه بالاضافة الی الدور الذي تلعبه الدول الغربية وعلی رأسها أمريكا في هذا السياق، فإن هنالك لبعض الدول الاخری مثل تركيا وقطر وباكستان ايضا دوراً مهماً في نقل الصراع الأفغاني من المناطق الجنوبية الی المناطق الشمالیة.

لا شك أن حركة طالبان الأفغانية تسعی من خلال تأجيج نیران الصراع في شمال أفغانستان، كسب ساحة أوسع للمناورة خلال مفاوضاتها المرتقبة مع الحكومة الافغانية في اعقاب الإنذار الذي وجهته باكستان لطالبان حول ضرورة بدء محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية، لتتمكن من خلال هذا فرض رغباتها وإملاءاتها علی الحكومة المركزية الأفغانية في حال بدأت محادثات السلام. لذلك تعتبر مساعي طالبان في مجال فرض إرادتها علی الحكومة الأفغانية خلال المحادثات المرتقبة أحد المحفّزات التي تشجع هذه الحركة علی تأجيج الحرب الأفغانية في شمال البلاد.

وفي هذا السياق قامت باكستان بالتضييق علی العناصر المتطرفة في البلاد مما أدی الی خروجهم من باكستان وإنتقالهم الی شمال أفغانستان، بحيث إنضم العديد من هؤلاء الافراد الی ساحة المعركة في شمال هذا البلد ویعتبر هذا ایضا أحد الأسباب المهمة الاخری في زیادة حدة الصراع في شمال أفغانستان.

كما ينبغي أن لانغفل هذه الحقيقة أن حكومة الوحدة الوطنية الأفغانية بزعامة «أشرف غني» لها دور بارز في إشعال نيران الحرب في شمال البلاد أيضاً ويأتي ذلك من خلال التصريحات التي أدلی بها غني عندما تساءل عن أسباب بقاء الحرب في المناطق الجنوبية من أفغانستان فقط مما يؤدي حسب زعمه إلی خلق أعباء ثقيلة علی عاتق القومية «البشتوية» دون غيرها من القوميات الأفغانیة الاخری.

وفي سياق متصل يمكن القول إننا لم نجد رغبة كبيرة لدی الحكومة ولجنة الأمن القومي الافغانية لمقاتلة زعماء حركة طالبان في شمال البلاد، مما ساهم هذا التساهل في تعزيز قدرات طالبان في هذه المناطق وظهور الفتن والصراعات فيها. ومما لا شك فيه أنه في حال تم قمع التصرفات العدائية لحركة طالبان من قبل الحكومة الافغانية في مراحلها الإبتدائية فانه كان من المستحيل أن تشتد المعارك في شمال البلاد كما هي علیه الحال في الظروف الراهنة.

وأما دولة قطر ايضا فلم تكن بعيدة عن الازمة في شمال أفغانستان، حيث أننا نعرف أن قطر تملك كميات كبيرة من الغاز الطبيعي وتسعی الی تسويق هذه المادة لدول العالم. وفي هذا السياق تحاول الدوحة منع تدفق الغاز من تركمنستان الی الأسواق الباكستانية عبر إشعال نيران الحرب في شمال أفغانستان، وعندما تصبح شمال أفغانستان منطقة غير آمنة فإن باكستان ستضطر لشراء الغاز من قطر حيث ستكون هي البديلة عن تركمنستان.

و ايضا لتركيا نفس الاهداف التي تحاول قطر الوصول الیها من خلال خلق الازمات وإشعال الصراعات في شمال أفغانستان، حیث تسعی أنقرة عبر مرور إمدادات غاز تركمنستان عبر الاراضي التركية لتصل الی الأسواق الاوروبية، وسيكون ذلك ممكنا في حال فشلت تركمنستان في بيع غازها الی باكستان عبر مروره من شمال أفغانستان ليصل الاراضي الباكستانية. إذاً فان تركيا أيضا تسعی الی ضرب الامن والاستقرار في شمال أفغانستان كما تقوم قطر بذلك ايضا.  

الدول الغربية ايضا لم تكن بعيدة عن مجريات الاحداث وتأزم الاوضاع في شمال أفغانستان، حيث يری العديد من المراقبين أن لواشنطن مصالح عديدة في آسيا الوسطى لاينبغي التضحية بها من خلال إستمرار الحرب في أفغانستان، بل علی العكس من ذلك يجب التضحية بأفغانستان إن لزم الأمر ذلك، ونقل الصراع الأفغاني الی مناطق الشمال لكي يكون قريبا من الحدود الروسية وذلك لتهديد الأمن القومي الروسي.

وبناء علی ذلك فان واشنطن تحاول أن تجعل من شمال أفغانستان وآسيا الوسطی ساحة حرب مستقبلية كما قلنا سلفا تؤدي الی زعزعة الامن والاستقرار في الحدود الروسية.

وفي النهایة نقول إنه بعد ما أصبحت أفغانستان الیوم ساحة مفتوحة تلعب فیها مختلف دول العالم بدءاً من امریکا وصولا إلی قطر وترکیا حیث تتبع فیها هذه الدول سیاساتها الخاصة للوصول إلی مصالحها، فعلی الحکومة الأفغانیة إذاً أن تبدي حزما أکبر لحسم الصراعات العسکریة والإرهابیة في البلاد التي تشعلها حرکة طالبان والدول الأجنبیة، وأن لا تسمح بانتقال الحرب من نقطة إلى اخری.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق