قتل المدنيين الأفغان بطائرات بلا طيار، جريمة امريكية مع سبق الاصرار
زادت في الآونة الاخيرة الهجمات التي تشنها الطائرات الامريكية بدون طيار في أفغانستان والتي أدت إلى مقتل وجرح الكثير من الافغانيين، غالبيتهم من المدنيين لاسيما في صفوف النساء والاطفال.
وطبقاً للتقارير المتوفرة في هذا المجال فإن عدد ضحايا هذه الهجمات وصل إلى أكثر من ٤٠٠ قتيل خلال النصف الاول من العام الجاري، اضافة إلى تدمير المئات من المنازل والمؤسسات الحكومية والمدنية والبنى التحتية للشعب الافغاني.
ورغم هذه الهجمات التي تتعارض تماماً مع القوانين الدولية وسيادة الدول على أراضيها لازالت حكومة الوحدة الوطنية في أفغانستان تلوذ بالصمت، في وقت تتسبب فيه هذه الهجمات بخسائر استراتيجية كبيرة للشعب الافغاني من بينها توسيع نطاق الارهاب، وزيادة أعداد الافغانيين المعارضين للحكومة الملتحقين بالجماعات الارهابية.
ورغم المطالبات المتكررة للشعب الافغاني ومنظمات المجتمع المدني المقدمة لحكومة أشرف غني بالتدخل لإنهاء هجمات الطائرات الامريكية بدون طيار التي تستهدف المدنيين بدعوى ملاحقة الجماعات المسلحة، إلاّ ان هذه الحكومة لم تتخذ حتى الآن أي اجراءات عملية لوقف هذه الهجمات أو الحد منها، في حين ان الاتفاقية الأمنية الموقعة بين افغانستان وأمريكا لاتسمح للأخيرة باستخدام هذه الطيارات دون التنسيق مع الحكومة الافغانية.
وتشير التقارير الواردة من افغانستان إلى ان القوات الامريكية شنت أكثر من ٤٠ هجوماً جوياً بطائرات بلا طيار خلال النصف الاول من العام الجاري، وتركزت هذه الهجمات على الولايات الجنوبية والشرقية من البلاد لاسيما ننغرهار وبکتیا وبکتیکا وکونر ونورستان وخوست وفراه وهلمند ولوكر.
وذكرت هذه التقارير ان بعض هذه الهجمات أدت إلى مقتل أسر أفغانية بكاملها كما حصل في منطقة “علي شير” بولاية خوست خلال الايام الماضية.
وفي حال استمرار صمت الحكومة الافغانية والمنظمات الدولية لاسيما الامم المتحدة، فمن المرجح ان تتواصل هذه الهجمات، في وقت تتكرر فيه المطالبات بضرورة تدخل الهيئات الدولية الحقوقية والانسانية لمنع تكرار هذه الهجمات، كما وُجهت نداءات كثيرة من قبل أعضاء البرلمان الافغاني إلى الحكومة الافغانية لاتخاذ اجراءات عاجلة لمنع الطائرات الامريكية “بدون طيار” من شن هذه الهجمات والتي تؤدي إلى مقتل وجرح المدنيين وتدمير منازلهم وممتلكاتهم تحت ذريعة محاربة الارهاب.
ويتساءل المراقبون عن سبب استهداف هذه الهجمات للمدنيين والبنى التحتية في افغانستان؟ وهل يُعقل ان الطائرات الامريكية غير مجهزة بأنظمة دقيقة حتى يمكن تصديق مزاعم المسؤولين الامريكيين السياسيين والعسكريين بأن قتل المدنيين الأفغان ينجم عن أخطاء غير متعمدة سببها خلل أو نقص فني في أجهزة الاستمكان لدى الطائرات؟ واذا كان من الممكن تبرير مثل هذا الخطأ في حال حصوله مرة أو مرتين، فكيف يمكن تبرير هذا العدد الكبير من الأخطاء والاعداد المتزايدة من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين جراء هذه الهجمات؟!
للاجابة عن هذه التساؤلات الموجهة ليست للمسؤولين الامريكيين وحدهم، بل هي موجهة أيضاً إلى السلطات الافغانية، يجب القول ان مثل هذه التبريرات لا يمكن أن تنطلي على الشعب الافغاني وممثليه في البرلمان، ويجب مصارحة الشعب بأن أمريكا تشن هذه الهجمات دون مراعاة للقوانين الدولية وحقوق الانسان ودون التشاور مع الحكومة الافغانية، وعلى المسؤولين الافغان الاسراع بإتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار هذه الهجمات بإعتبارها تتعارض مع سيادة الدولة ومع الاتفاقية الأمنية الموقعة بين كابول وواشنطن، فضلاً عن تعارضها مع مصالح الشعب الأفغاني ومطالباته المتكررة بضرورة وقف هذه الهجمات.
وهناك مطلب آخر لابد للحكومة الافغانية أن تحمله على محمل الجد، وهو ضرورة تعويض ضحايا هجمات الطائرات الامريكية التي تستهدف المدنيين بين الحين والآخر، كما ان من حق الشعب الافغاني أن يعرف حقيقة ما يجري في بلاده ولماذا يُطلق العنان لأمريكا بارتكاب هذه الجرائم بحق أبنائه، وإلى متى يستمر هذا الوضع في وقت تدّعي فيه واشنطن بأنها تحترم ارادة الشعب الافغاني وسيادة حكومته واستقلال قرارها. فهل تنسجم هذه الادعاءات مع الحقائق والوقائع الميدانية التي تحدث يومياً في هذا البلد؟ وهل يمكن إخفاء هذه الحقائق عن الشعب الافغاني والرأي العام العالمي؟ أم أن دماء الافغانيين لاقيمة لها عند الادارة الامريكية ويحق لهذه الادارة أن تتصرف مع هذا الشعب كما يحلو لها دون رادع من الامم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي بإعتبار أن الغاية تبرر الوسيلة وليس لأحد حق الاعتراض على ما تقوم به أمريكا سواء في أفغانستان أو العراق أو أي بلد آخر لأننا بتنا نعيش في الزمن المقلوب وتحكمنا شريعة الغاب التي يأكل فيها القوي الضعيف ولم يعد هناك أي مكان للقيم الانسانية التي يتشدق الغرب بالدفاع عنها لكنه يتحالف مع مَنْ يرتكب هذه الجرائم أو يغض الطرف عنها ولا يحرك ساكناً طالما ان الذي يُقتل هو الشعب الافغاني المسكين الذي أصبح ضحية المؤامرات الدولية منذ عقود من الزمن ولازال يدفع ضريبة هذه المؤامرات من دماء أبنائه وخيرات بلاده حتى الآن.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق