الكاتب والابداع الحقيقي
لاشك ان وسائل الاعلان والاعلام تلعب دورا في شهرة هذا الكاتب او ذاك ، وهي ذاتها قد تلعب دورا مغايرا تماما ، لكننا في الحالتين لابد ان نبحث عن ما وراء تلك الوسائل .. لان العملية في المنظور التاريخي تمثل حقيقة الصراع والاسماء التي تبزغ كالشمس او تختفي او تندرس تمثل احد اشكال الصراع ، فالمؤسسة التي تجد في ترويج اداب هذا الكاتب لاتنظر الى الربح بمعزل عن الفوائد او الاغراض غير المرئية او المباشرة ، ففي فترة شاعة المؤلفات الوجودية وغزت الاسواق واستطاعت الى حد بعيد ان تشكل موجة ثم تلتها موجات وتنويعات ثقافية كانت لاتحدث بمحض المصادفة ، او عند رغبات القراء.
كان القراء كمثل من يذهب الى سوق الخضار كي يحصل على مايجد ولا يختار مايريد ، اما الذي يبحث عن كتاب او كتاب محدد فسيعثر عليه في السوق السوداء او بالسعر الذي يحدده البائعين.
ولو عدنا مرة ثانية وتفحصنا اسماء كتبنا فسنلاحظ ان الجودة ليست هي كل مايشكل مغزى الشهرة فثمة عوامل مختلفة تسهم برفع هذا الاسم او تتركه في العتمة ، وهي عوامل لايمكن ان تكون خارج الواقع التاريخي ، ولكن عندما ننظر نظرة متفحصة ودقيقة ونعزل العوامل الزائفة عن الاصيلة ونعيد كتابة تاريخ الادب ووضع الاسماء في موضعها الحقيقي تظهر لنا الحقائق التي لايمكن اخفائها الى الابد .
فالابداع الحقيقي ينبع من ضرورة تاريخية – مادية – وروحية انه الذي يتشكل مع الضمير الحر والمتفاعل مع الحياة والمؤمن بالغد ، ومثل هذا الادب قد لايتوفر كالادب التقليدي او الادب الذي لايمتلك حقيقة ، الا انه لايمكن ان يختفي الى الابد فالقراء الاذكياء الذين يمتلكون وعيا حقيقيا للأبداع سيشكلون صوتا او ثقلا لأعادة طبع او نشر المؤلفات الاساسية ذات القيمة او الجوهر لدى اجيال تدرك ان الجهل والتجاهل وشحة المعلومات ماهي الى عودة الى كهف افلاطون .
ومع ذلك قد لاتنفع هذه المطالبة الا كخطوة تنبهنا الى خطوات مشتركة.. ففي مقدمتها ان يكون الكاتب الى جانب ابداعه على وعي بمشكلات انتشار الكتاب ولانقصد ان يقوم الكاتب بالدعاية لنفسه او يتفنن في اختراع الشهرة .. وانما ان تكون عمليات الانتشار مقترنة بوعي ان المنافسة مشروعة وان قانون العملة الرديئة التي تطرد العملة الجيدة حقيقة واقعة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والثقافية .
فالتنبيه الى الابداعات وتحليلها سيجعل المنافسة اكثر شرعةية او عدالة ، فبدل ان تظهر الاسماء الاقل اهميةوالكتب ذات الاغراء الخاص تختفي الاسماء والمطبوعات الاكثر تماسا مع عملية البناء النفسي والروحي التي تخص عامة الناس .
د. ماجد اسد
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديقفي آراء