السياسات الإسرائيلية في مواجهة المفاوضات النووية
تزامناً مع الحركة المكوكية التي شهدتها العاصمة النمساوية فيينا في اليومين الماضيين للتوصل إلى إتفاق نووي بين طهران والدول الست، أعرب رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلقه العميق من الاتفاق النووي الذي سيبرم بين إيران والغرب، مهدداً بضرب المنشآت النووية الإيرانية.
نتنياهو الذي إعتبر أن هذا الاتفاق يسير من سيء إلى أسوأ، بل إنه يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، بنى سياسة حكومته السابقة والحالية على أصول وسياسات عدة لمواجهة أي إتفاق نووي قبل صدوره ودون الإلتفات إلى فحواه، فما هي السياسات الإسرائيلية تجاه المفاوضات النووية الإيرانية؟
هناك سياسات عدة إعتمدها الكيان الإسرائيلي في مواجهته للمفاوضات، أبرزها:
عدم التوافق
يروّج قادة الكيان الإسرائيلي بشكل مستمر لشعار “عدم التوافق أفضل من التوافق السيء”، لذلك تتركز الجهود الإسرائيلية على إفشال المفاوضات بين ايران ودول الـ٥+١.
زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن هدفت لفضّ أي توافق نووي، حيث سعى حينها لإقناع الكونغرس الأمريكي بنسف “الاتفاق السيء” الجاري التفاوض عليه بين طهران والمجتمع الدولي حول البرنامج النووي الإيراني، ضارباً عرض الحائط موقف الرئيس الأمريكي من المفاوضات.
لم تقتصر السياسة الإسرائيلية على المطالبة بفض التوافق، إنما روج نتنياهو لعناصر “إتفاق جيد” بديلة عن “الإتفاق السيء”، إذ إعتبر أنه بدلاً من السماح لإيران بالاحتفاظ بقدراتها النووية وبتطويرها، سيقوم الاتفاق الجيد بتقليص هذه القدرات بشكل ملموس، على سبيل المثال من خلال إغلاق المنشآت تحت الأرضية وغير القانونية التي أخفتها إيران عن المجتمع الدولي خلال سنوات طويلة، على حد قوله. وتابع، بدلاً من رفع القيود التي فرضت على المنشآت النووية الإيرانية، وعلى برنامجها النووي في موعد حدد مسبقًا، سيقوم الاتفاق الجيد بربط رفع هذه القيود بوقف العدوان الذي تشنه إيران في المنطقة وبوقف الإرهاب التي تمارسه في كل ربوع الأرض وبالكف عن التهديدات التي تطلقها بتدمير إسرائيل، حسب تعبيره.
تحالفات إقليمية
يسعى الكيان الإسرائيلي جاهداً في الفترة الحالية لإيجاد تحالفات إقليمية جديدة بغية مواجهة برنامج ايران النووي مستخدماً سياسة “ايران فوبيا” أو “فوبيا النووي الإيراني”. فمع بدء المفاوضات بين واشنطن وطهران منذ سبعة عشر شهراً بدأت تل أبيب محادثات سرية مع السعودية، والتقت خلالها وفود رفيعة المستوى من الجانبين خمس مرات في الهند وإيطاليا والتشيك وآخرها في واشنطن. وفي هذا السياق نقل موقع “يمني برس” عن مؤسس شبكة “فولتير” الإخبارية الصحافي الفرنسي “تييري ميسان” مضمون المفاوضات السرية بين تل أبيب والرياض قوله في مقال إن “الاتفاقات السرية التي من المفترض أن تُوقّع اليوم الثلاثاء (أول امس)، على هامش الاتفاق بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي الإيراني، ستحدد قواعد اللعبة للسنوات العشر القادمة في المنطقة العربية”.
سياسات مستقلة
تعتبر السياسة الإسرائيلية في مواجهة النووي الإيراني أحادية الجانب، أي إنها لا تدخل في سياق التحالف الإستراتيجي الأمريكي-الإسرائيلي. العلاقات بين أوباما ونتنياهو شابها الكثير من الفتور في الآونة الاخيرة بسبب إعتماد الرئيس الامريكي سياسات مخالفة لسلفه بوش الابن. حيث أظهر أوباما قليلاً من المرونة بعد صعود الرئيس الإيراني حسن روحاني عبر المفاوضات المباشرة للضغط على طهران في ملفها النووي، حيث بنى إستراتيجيته الجديدة على ثالوث: المفاوضات الدبلوماسية-العقوبات الإقتصادية- الضغط المباشر، وهذا ما يرفضه نتنياهو جملةً وتفصيلاً.
القدرات العسكرية والأمنية
يطرح الكيان الإسرائيلي الخيار العسكري دائماً على الطاولة كأحد الحلول تجاه البرنامج النووي الإيراني ويسعى للترويج له حالياً بوتيرة أكبر، خاصةً أن الرئيس الأمريكي تجاهل عنوان “كل الخيارات على الطاولة” في الآونة الأخيرة، مركزاً على المفاوضات والحلول السلمية.
كذلك واحدة من النقاط التي أكدت عليها شخصيات سياسية وعسكرية إسرائيلية هي جمع المعلومات الإستخباراتية حول برنامج طهران النووي. حيث ترى القيادات الإسرائيلية أن أي معلومة عن تفاصيل برامج البحث والتطوير النووي الإيراني سواءً عن طريق القنوات الرسمية مثل (الوكالة الذرية) أو غير الرسمية( التجسس) لتقدير حجم ونوعية التطوير النووي، يخدم في أي قرار مستقبلي يمكن إتخاذه تجاه طهران.
في الخلاصة، رغم كافّة السياسات الإسرائيلية تجاه المفاوضات النووية، طاولة فيينا هي التي تحدد مصير المفاوضات، ففي ظل سياسة الرئيس الأمريكي الحالي تبقى هذه الإجراءات الإسرائيلية عبارة عن “قنابل فارغة” لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا شك في أن قدرات ايران العسكرية هي الرادع الوحيد أمام أي خيار عسكري إسرائيلي.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق