التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 29, 2024

العدوان السعودي على اليمن: حين تنقلب المعادلات العسكرية وتدخل الرياض في نفق المجهول 

 قد تتفوق السعودية في التكنولوجيا العسكرية التي تستخدمها في عدوانها على اليمن. لكن إدخال الصواريخ من نوع أرض – أرض، الى الميدان العسكري، يُعتبر من الأمور التي تجعل الرياض في حالة تحدٍ لأزماتٍ جديدة لن تقف عند حدود التحدي العسكري. بل ستتخطاها الى تحدياتٍ أخرى إجتماعية وإقتصادية وسياسية. فكيف تطورت الحرب عسكرياً بين السعودية واليمن؟ وما هي أهداف هذا التطور في استخدام صواريخ سكود؟ كيف يمكن وصف ملامح الوضع الحالي؟

 

أولاً: وصفٌ لمراحل تطور الحرب من الناحية العسكرية:

قد يكون تصريح المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية والذي أعلن فيه عن إطلاق صاروخ سكود على إحدى القواعد الصاروخية السعودية (قاعدة السليل) بالقرب من العاصمة السعودية الرياض يوم الإثنين ٢٩ حزيران، مؤشراً على تحوّلٍ خطيرٍ في الحرب الدائرة حالياً بين السعودية واليمن. فالحرب التي بدأت في ٢١ آذار وما تلاها من غارات جوية بقيادة السعودية، اقتصرت في الأسابيع الأولى على استهداف الطائرات السعودية للمدنيين الى جانب بعض الأهداف العسكرية. وعلى الرغم من أن حركة أنصار الله وقوات الحرس الجمهوري اليمنية شنت بعض العمليات العسكرية عبر الحدود، مستهدفة المناطق السعودية المتاخمة في كل من إمارتي نجران وجيزان، فقد بقي المجهود الرئيسي للحرب منحصراً داخل الأراضي اليمنية خصوصاً في المدن اليمنية المقاتلة مثل عدن وتعز والضالع وصعدة. لكن التحول الحاصل اليوم بدأ بإطلاق صاروخ سكود على قاعدة عسكرية قريبة من العاصمة السعودية الرياض، والذي سبقه في ٥ حزيران، القيام بإطلاق صاروخ على قاعدة خميس مشيط العسكرية السعودية. وهو التطور الذي قد يضيف بُعداً جديداً إلى المواجهة العسكرية وتكتيكات الميدان، يتمثل في استخدام صواريخ أرض أرض، لضرب المدن خصوصاً من جانب اليمن ضد السعودية التي تستخدم تفوقها الجوي لضرب المدن اليمنية.

ولم تعترف السعودية بوقوع هجوم بصاروخ سكود على قاعدة السليل، ونفت أن تكون القاعدة قد تعرضت لأي هجوم من هذا النوع. إلا أن المتحدث العسكري السعودي كان قد إعترف سابقاً وعندما تم إطلاق صاروخ على قاعدة خميس مشيط، بالهجوم وذكر أن بطارية صواريخ باتريوت سعودية اعترضت الصاروخ ودمرته قبل أن يصل إلى هدفه. لكن نفي السعودية لتعرض قاعدة السليل لأي هجوم بصاروخ سكود يمني، يُثير سؤالاً جوهرياً حول قدرة السعودية على مواجهة هذا النوع من التطور العسكري في الحرب، الى جانب أنه يُثبت كفاءة تشغيل صواريخ سكود بواسطة القوات اليمنية وحركة أنصار الله.

ثانياً: تحليل الدلالات والأهداف:

قد تلجأ القوات اليمنية وحركة أنصار الله، إلى زيادة الإعتماد على الصواريخ أرض- أرض، وبالتحديد في حال ضمنت خطاً آمناً للإمدادات الضرورية التي تساعد على استمرار ضم الصواريخ إلى المنطومة القتالية اليمنية في الحرب ضد السعوديين. وتهدف من خلال ذلك الى عدد من الأمور يمكن ذكرها كالتالي:

–         تعويض الضعف الحاصل في القوة الجوية اليمنية والدفاع الجوي في مواجهة السعودية وحلفائها الذين يعتمدون على الجو بشكلٍ كبير.

– تهديد العمق السعودي وإيصال رسالة إلى الرياض مفادها، أن المدن السعودية لن تكون بمنأى عن الضربات العسكرية على الرغم من الفقر في القوة الجوية اليمنية.

– التاثير المباشر على الرأي العام السعودي، وعلى الروح المعنوية للمجتمع بشكل عام، وربما إلى إشعال وزيادة حدة الانقسامات في أوساط العائلة السعودية حول الموقف من الصراع الدائر في اليمن.

ثالثاً: ملامح الوضع الحالي وقوة حركة أنصار الله واللجان الشعبية

تظهر متابعة العمليات العسكرية الجارية في اليمن عدداً من الملامح التالية والتي تدل على قوة حركة أنصار الله واللجان الشعبية. ويمكن سرد ذلك بالتالي:

– تسيطر القوات اليمنية الموالية لحركة أنصار الله على معظم أنحاء البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء وميناء الحديدة. فيما تتركز المقاومة المسلحة في المدن المقاتلة الثلاث، عدن وتعز والضالع، إضافة إلى بعض المدن الأخرى مثل مأرب ولحج والبيضاء.

– يبدو أن نفوذ القاعدة العسكري وكذلك تنظيم داعش الإرهابي، يتزايد وبالتحديد في مناطق الجنوب القبلية وفي مدن شبوة وحضرموت وغيرها. وتعود أسباب ذلك الى الفوضى الموجودة بسبب ما خلفته سياسات عبد ربه منصور هادي، والتي دعت لإنفصال الجنوب عن الشمال وتقسيم اليمن، وهو الأمر الذي أدى إلى إستغلال الإرهاب لذلك.

– تلجأ القوات اليمنية الى جانب حركة أنصار الله إلى اتباع تكتيكات تشتيت قوة الخصم وحرمانه من تركيز مجهوده الرئيسي في عمليات إسناد المدن المقاتلة. وتتضمن هذه التكتيكات التوسع في شن هجمات عبر الحدود مع السعودية وتهديد الإستقرار السعودي على الحدود، خصوصاً في نجران وجيزان. وهو الأمر الذي ترد السعودية عليه بزيادة عدد وقوة الضربات الموجهة إلى المدن اليمنية وقتل المدنيين خصوصاً في صعده وحجة وعمران.

رابعاً: النتيجة

في هذا السياق تبدو خطورة حرب الصواريخ بين اليمن والسعودية، أشد وطأةً على الرياض. فقد يتحول الصراع الحالي الى استهدافٍ للمدن والمنشآت السعودية. ففي وقتٍ تقوم السعودية بكل ما تستطيع من أجل إقصاء اليمن، وليس لديها أكثر من القصف الجوي، يُعتبر التطور النوعي لحركة أنصار الله والقوات اليمنية في إدخال معادلة الصواريخ الى المعركة أمراً جديداً وخطيراً، بالتحديد على السعودية لما قد يعكسه من حالة لن تؤثر فقط على المجتمع السعودي، بل على إستقرار السعودية داخلياً. وهو الأمر الذي سينعكس على المجالات الإقتصادية والإجتماعية في المملكة.

وبالتالي فقد نجح أنصار الله في نقل المعركة الى مستوىً متقدم من ناحية الضغط على الرياض، وهو الأمر الذي جاء بعد فترةٍ طويلة من الصبر على الجرائم السعودية. كما أنه لا بد من الإشارة الى أن الرياض من الناحية العسكرية، قد أفلست إن لجهة السياسات المتبعة أو لجهة الأهداف. فيما يبدو أن مفاجآت حركة أنصار الله لم تبدأ بعد. وبالتالي فقد إنتقلت المعركة الى مرحلةٍ قد يكون لأنصار الله القدرة الأكبر على المناورة فيها، والضغط على الطرف السعودي.

محمد علي جعفر

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق