التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

القدس زهرة المدائن 

إنها القدس المدينة التي أجمعت الأديان السماوية على قدسيتها، فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين عند المسلمين، إليها أٌسري بنبي الرحمة محمد (ص) ومنها عُرج به (ص) إلى السماوات العلا، هي مدينة عيسی المسيح (ع) وهي مدينة داوود النبي وسليمان عليهما السلام، هي مدينة الصلاة ومدينة السلام.

 

تاريخ القدس:

القدس مدينة غارقة في القدم يعود تاريخها إلى أكثر من ٥٠٠٠ سنة، فلقد عثر في القدس على أوانٍ خزفية تعود في قدمها إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، وبذلك تعتبر القدس واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، هاجر إليها الكنعانيون خلال الألف الثالثة قبل الميلاد وأطلقوا عليه اسم “أورساليم” أي مدينة السلام، سماها اليونانيون “إيلياء” بمعنى مدينة الله، سكنها اليبوسيون وهم أحد فرق الكنعانيين العرب في عام ٢٥٠٠ قبل الميلاد وأطلقوا عليها اسم يبوس. حكمها النبي داود (ع) لمدة أربعين عاماً حتى عام ٩٧٠ ق.م، وبعد وفاته خلفه ولده النبي سليمان (ع) الذي حكمها لمدة استمرت ٣٣ عاماً، بعد وفاة النبي سليمان انقسمت المدينة المقدسة إلى قسمين شمالي وجنوبي إثر تمرد الأسباط العبرانيين الشماليين على الأسباط  الذين يعودون في نسبهم إلى النبي دواد (ع) في جنوب المدينة.

لم تعرف مدينة السلامِ؛ السلامَ طوال عمرها فتعرضت للتدمير مرتين، وحوصرت ٢٣ مرة، وهوجمت ٥٢ مرة، وتم احتلالها واسترجاعها ٤٤ مرة، حيث احتلها البابليون والفرس والمقدونيون البطالمة والسلوقيون والرومان والرومان البيزنطيون ومن بعدهم حكمها الفرس مرة أخرى ثم الرومان ومن بعدهم دخلت القدس مرحلة الحكم الإسلامي عام ٦٣٦ م وتناوب الأمويون والعباسيون والأتراك السلاجقة والفاطميون على حكمها، بقيت القدس في أيدي المسلمين حتى عام ١٠٩٩، في ذاك العام تمكن الصليبيون من احتلال المدينة بعد حصارها لمدة شهر كامل، ولدى دخولهم مدينة القدس أقدم الصليبيون على قتل أكثر من ٧٠ ألف مسلم ويهودي من سكان المدينة المقدسة. في عام ١١٨٧م تمكن صلاح الدين الأيوبي من استرداد القدس بعد معركة حطين، لتعود القدس وتسقط في أيدي الصليبيين مرة ثانية بعد وفاة صلاح الدين، وبعد ١١ عاماً تمكن الملك “الصالح نجم الدين أيوب” من استرداد المدينة من أيدي الصليبين.

احتل التتار القدس عام ١٢٤٤م وعاثوا فيها خراباً وفساداً، ومن بعدهم سيطر عليها المماليك عام ١٢٥٩م ثم الأتراك العثمانيون، استمر حكم العثمانيين في القدس حتى عام ١٩١٧م، حيث تمكن الجنرال البريطاني إدموند ألنبي  في تاريخ يوم الجمعة ١٧ أكتوبر / تشرين الثاني عام ٢٠١٧ من احتلال القدس وإخضاعها للاحتلال البريطاني.

وعد بلفور المشؤوم:

في تاريخ ٢ نوفمبر تشرين الثاني عام ١٩١٧، أطلق رئيس الوزراء البريطاني آرثر جيمس بلفور وعده المشهور “بوعد بلفور” تعهد من خلاله بدعم بريطانيا إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق هذا الهدف. وفعلاً نفذت بريطانيا وعدها وبدأت الهجرات اليهودية إلى فلسطين وبدأ اليهود بالتسلح وتشكيل عصاباتهم الإرهابية. في تاريخ ١٥ أيار عام ١٩٤٨م أعلنت بريطانيا إنهاء انتدابها في فلسطين وسحب قواتها من الأراضي الفلسطينية، ليعلن الكيان الإسرائيلي قيام دولته المزعومة في نفس اليوم، سارعت يومها أمريكا لتسجل اسمها كأول دولة تعترف بالكيان الإسرائيلي ولتشرع وجود هذا الكيان على أراضي فلسطين المحتلة.

القدس بين حربي ١٩٤٨ و ١٩٦٧:

بعد حرب عام ١٩٤٨ تمكن اليهود من احتلال القسم الغربي من مدينة القدس، فيما بقي القسم الشرقي من المدينة تحت سيطرة الجيش الأردني حتى عام ١٩٦٧م، حينما شن الكيان الإسرائيلي عدوان حزيران عام ١٧٦٧ وتمكن من احتلال كامل مدينة القدس.

القدس اليوم:

تعيش القدس اليوم آلام الاحتلال الإسرائيلي، لا يزال سكانها المقدسيون وعلى الرغم من كل ما يلاقوه من سلطات الاحتلال الإسرائيلي متمسكون بترابها المقدس، لا يختارون سواها موطناً وسكناً، تتعرض القدس لمحاولات تهويد مستمرة من شأنها تغير ملامح المدينة والعبث بتاريخها، حيث قامت سلطات الاحتلال بإنشاء جدار الفصل العنصري داخل القدس، هذا الجدار جعل القدس تخسر أكثر من ٩٠ % من أراضيها، حيث قام هذا الجدار بضم المستوطنات الإسرائيلية إلى مدينة القدس فيما استثنى أحياء عربية كاملة وأخرجها خارج حدود القدس، وبذلك أصبح أكثر من ١٢٠ ألف فلسطيني من سكان القدس يعيشون خارج حدود المدينة. [١]

القدس اليوم تنتظر العرب وتنتظر المسلمين لكي يحرروها ويعيدوا لها وجهها العربي الإسلامي الأصيل، تنتظر أن ينفذ العرب الوعد الذي قطعوه لها في يوم من الأيام، ذاك الوعد وذاك الحلم الذي وصفه الشاعر إلياس فرحات القروي بقوله:

لبيك لبيك يا ريحانة العرب                             يا بنت عدنان يا معصوبة النسب

النيل يزحف والعاصي ليشتركا                           والرافدين مع الأردن في الغَلب

والرمل أو مثله عدَّا ستقذفه                            من الجزيرة ريح الحقد والغضب

يا من طغوا وتمادوا عاقدين على                         وعد سخيف بناء شامخ القبب

ستعلمون متى حاق البلاء بكم                       كم في الوعود وفي الآمال من كذب

سنغسل القدس من أوساخ أمتكم                         يا أمة الوسخ  المطلي بالذهب

والتل تل أبيب سوف نتركها                            تلّاً من الردم  في بحر من اللهب

بنيتموها بمال السُّحت عاصمةً                        وليس يعصمكم  منا سوى الهرب

 

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق