التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

انقسام اليونانيين بشأن الاستفتاء المصيري وتسيبراس يدعو إلى رفض حزمة الإنقاذ 

 مع اقتراب موعد الاستفتاء الذي قد يقرر مستقبل اليونان في منطقة اليورو وفيما أظهرت استطلاعات الرأي أن الناخبين منقسمون بالتساوي تقريباً بشأن هذا الموضوع شهدت أثينا مظاهرتين متنافستين شارك فيهما ما لا يقل عن ٢٠ ألف شخص في أعقاب رفض الحكومة اتفاقا للمساعدات مع المقرضين الدوليين وإغلاق البنوك اليونانية.

 

وأظهر استطلاع للرأي أن ٤١.٧% ممن شاركوا في الاستطلاع سيصوتون بـ “نعم” في الاستفتاء بينما قال ٤١.١% إنهم سيصوتون بـ “لا”.

واعتبر رئيس وزراء اليونان “أليكسيس تسيبراس” في خطاب تلفزيوني إن تحليل صندوق النقد الدولي الذي يظهر أن ديون اليونان لا يمكن تحملها، يبرر قرار حكومته رفض حزمة مساعدات من الدائنين لا تشمل أي تخفيف للديون. وجدّد تسيبراس دعوته لليونانيين إلى التصويت برفض حزمة الإنقاذ وأن يقولوا “لا” لما وصفه بالابتزاز والإنذارات. 

في هذه الأثناء حذر نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، من أن فوز “لا” في الاستفتاء اليوناني، لن يعزز قدرة اثينا على التفاوض مع دائنيها بل سيضعفها.

وقال دومبروفسكيس في مقابلة اجرتها معه صحيفة دي فيلت الالمانية: “من الخطأ الافتراض بأن فوز لا، في الاستفتاء سيعزز موقع اليونان التفاوضي، بل على العكس”، معتبراً أن الوضع في اليونان “اسوأ بكثير من الأسبوع الماضي”، حيث قطع رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس المفاوضات مع الجهات الدائنة ليعلن تنظيم الاستفتاء.

وتعتبر حكومة أثينا التي لا تنوي الخروج من منطقة اليورو، أن الإجابة بـ”لا” ستخدمها وتجعلها “مسلحة في شكل أفضل” لدى مواصلة التفاوض مع الدائنين. لكن الدائنين يرون أن “لا” تعني خياراً مناقضاً لمنطقة اليورو، ما يضغط على اليونانيين القلقين جداً إزاء الوضع. حتى أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رأى أن فوز “لا” يعني الدخول “في نوع من المجهول”، فيما نبّه رئيس منطقة اليورو يورين ديسلبلوم إلى أن الوضع يتدهور بسبب ما اسماه سلوك الحكومة اليونانية.

من جانبه استبعد رئيس وزراء ايطاليا “ماتيو رينزي” أن تخرج اليونان من منطقة اليورو، وقال: “مهما يكن من أمر فسيكون على اليونان العودة إلى طاولة المحادثات للتفاوض حول برنامج مساعدة”، فيما توقع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، تعيين حكومة تكنوقراط في اليونان في حال فوز “نعم” في الاستفتاء واستقالة الحكومة الحالية، لافتاً إلى أن انتخابات جديدة تفرض نفسها في حال صوّت الشعب اليوناني لبرنامج الإصلاحات وبالتالي للبقاء في منطقة اليورو.

ومهما كانت صيغة الحل لأزمة الديون اليونانية يتوجب على أثينا إصلاح مشكلات البنى الضريبية واستقطاب الاستثمارات الخارجية وتعزيز نشاطات التصدير كي يبدأ اقتصادها بالانتعاش مجدداً.

واضطرت اليونان في السابق إلى مواءمة سياساتها المالية مع سياسات التقشف التي فرضتها الجهات الدائنة في إطار برنامج الإنقاذ، لكن الخبراء الاقتصاديين لاحظوا أن الاقتصاد اليوناني لا يزال يعاني من ضعف هيكلي. ولن يحدث أي نمو مستدام إلا بعد نزع فتيل قنبلة معاشات التقاعد، ومكافحة التهرب الضريبي بتقوية الأنظمة الضريبية، واستقطاب الاستثمارات الخارجية عبر تبسيط نظامها الإداري الخانق، وتنويع الاقتصاد خصوصاً أن في اليونان قطاعات تنافسية، مثل السياحة والزراعة وتشغيل الموانئ، لكن شركات كثيرة عاملة في هذه القطاعات قد أفلست. يضاف الى ذلك زيادة الصادرات، والحد من هجرة العقول بعدما بلغت البطالة ٢٦.٩ في المئة، وتجاوزت في فئة الشباب معدل ٥٠ في المئة.

ويمارس الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي ضغطاً شديداً على اليونان حول خطة الدائنين. واعتبر الناطق باسم الحكومة اليونانية غابرييل ساكيلارديس أن “الكأس نصف فارغة” مشيراً إلى أن تقرير الصندوق يعطي الحق تماماً للحكومة في شأن الديون.

ويتصور الخبراء الاقتصاديون سيناريوهات عديدة لليونان في حال خروجها من منطقة اليورو والتحول من العملة الأوروبية إلى “الدراخما”، حيث يرى الكثيرون أن تخفيض سعر صرف “الدراخما” سيسمح لليونان بزيادة الصادرات وإنعاش قطاعات حيوية في الاقتصاد كالسياحة، كون العملة ذات سعر صرف متدنٍ ستغري السياح في العالم باختيار اليونان كوجهة سياحية.

كما أن تراجع قيمة سعر صرف “الدراخما” سيساعد في زيادة القدرة التنافسية للبضائع اليونانية على البضائع الأوروبية، حيث تشتهر اليونان بزيت الزيتون الأمر الذي قد يخلق منافسة حادة لزيت الزيتون الإيطالي والإسباني.

وبالتالي، فإن العودة إلى “الدراخما” من الممكن أن تنعش الاقتصاد اليوناني، بعد ما اضطرت اليونان في السابق إلى ملائمة اقتصادها مع سياسات التقشف التي فرضتها الجهات الدائنة في إطار برنامج الانقاذ. كما أن خروج اليونان من منطقة اليورو سيؤدي إلى ازدهار سوق العقارات في البلاد بسبب تراجع القيمة السوقية للعملة المحلية.

من جهة أخرى، فإن عودة “الدراخما” سيكون له آثار سلبية بسبب ارتفاع التكلفة المنتظرة للواردات، وفي مقدمتها النفط والغاز والصناعات الثقيلة والسيارات.

وتتصرف اليونان في مفاوضاتها مع الأوروبيين كـالغريق الذي لا يخشى البلل، مستغلة رعب تبعات قادة الاتحاد من خروج أثينا من منطقة اليورو، وما يترتب عليه من لحاق آخرين متعثرين بها كإيطاليا وإسبانيا.

يشار هنا إلى أن الميزان التجاري اليوناني سجل العام الماضي عجزا بمقدار ٢٠.٥ مليار يورو. ويتوقع مراقبون أن تغلق الكثير من المصانع والشركات أبوابها نتيجة عجزها عن الوفاء بالتزاماتها بسبب تراجع قيمة العملة الوطنية “الدراخما” والمتوقع أن يبلغ ٤٠%. 

ومن المخاطر المتوقعة في حال خروج اليونان امتناع المستثمرين عن إقراض اليونان وارتفاع كلفة الاقتراض، بالإضافة إلى خفض وكالات التصنيف الائتماني العالمية تصنيف السندات السيادية اليونانية إلى درجات متدنية أو غير استثمارية.

وفيما يتعلق بالديون السيادية لليونان، يرجح العديد من الخبراء الاقتصاديين أن اليونان المدانة بـ ٢٤٠ مليار يورو لصندوق النقد الدولي ستتخلف عن سدادها أو ستدفعها بالعملة الجديدة في أحسن الحالات.

كما يتوقع ارتفاع معدلات الهجرة إلى الدول الأوروبية للعثور على فرص عمل أفضل، ورغم أن الهجرة تساعد في تخفيف الضغوط الاجتماعية التي تتسبب بها البطالة على المدى القصير، إلا أنها تؤذي البلاد على المدى الطويل من خلال خسارة المهارات القيمة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق