العدوان السعودي وقوات حفظ السلام اليمنية
في اواخر شهر اذار من العام ٢٠١٥ للميلاد توصل الافرقاء اليمنيون إلى صياغة اتفاق على تشكيل مجلس وطني يضم البرلمان بصورته التي عليه مع تشكيل مجلس للشعب من الاطراف السياسية المختلفة، إلا أن الحملة السعودية على اليمن والتي لا زالت مستمرة جاءت كعامل معقد للأزمة. واليوم وبعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على بدء الحملة السعودية أطلقت الجامعة العربية مشروعها الهادف إلى إرسال قوات حفظ سلام لليمن، ليطرح هذا المشروع مجموعة من الاسئلة لدى المتابعين للشأن اليمني حول العديد من جوانب القضية الملخصة بالتالي، فما هي وظيفة هذه القوات داخل اليمن؟ وضمن أي إطار من الشروط سترسل؟ وبالتالي دور الجامعة العربية في ذلك والمقدمات التي ينبغي أن تسبق إرسالها ؟ وفي أي سياق يمكن أن يوضع الحديث السعودي حول شرط الإرسال ثم قرار وقف العدوان؟
في إطار الحديث عن ارسال قوات حفظ السلام ومطالب اليمنيين بحكومة شراكة وطنية لا بد من ذكر مجموعة من النقاط التالية:
– حفظ السلام اليمني هو مطلب اليمنيين الأول والآخر الذي تجمع عليه كل الأطياف اليمنية، وعليه يأتي ضرورة تشكيل حكومة شراكة وطنية وبيئة سياسية شفافة في إطار حفظ السلام اليمني.
– لا بد أن يكون القرار الأول بالضغط على السعودية لإيقاف عدوانها على الشعب اليمني ومن ثم يتلوه إرسال قوات حفظ السلام، وإلا فإن إستمرار العدوان وقوات حفظ السلام أمران متناقضان، فمشاهد القصف والدمار الذي يتعرض له اليمنيون بشكل يومي وأعداد الشهداء والجرحى وتدمير البنى التحتية هو مظهر عدو السلام والأمن.
– جامعة الدول العربية مطالبة اليوم بإعلان موقف واضح وصريح من العدوان السعودي على اليمن لأن ذلك من شأنه أن يرسم مخطط السلام لليمن والمنطقة، وبالتالي يضع حدا لهكذا إعتداءات في المستقبل.
– قوات حفظ السلام لا بد أن يكون مشروعها قائما على الحيادية وأن لا يكون عملها لصالح جهة دون أخرى، وبالتالي العمل ضمن البنود والإتفاقات التي سترسل لأجلها والملخصة بحفظ أمن اليمنيين ومنع اي شكل من أشكال الإعتداء عليهم.
قوات حفظ السلام والتي تعد أمرا ضروريا أمام معاناة الشعب اليمني تستغلها السعودية ومن خلال الضغط على المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية ليكون لها اليد الطولى في ذلك، فالسعودية وبعد فشلها في عدوانها على اليمن وعدم قدرتها على الإستمرار من دون تحقيق أي من أهدافها تعمل على الإستفادة من مشروع قوات حفظ السلام في إطار إستمرار وصايتها وتدخلها في الشأن اليمني الداخلي، ويعزز هذا الطرح جملة من النقاط التالية:
– جامعة الدول العربية وقراراتها وحكومات الدول العربية هي بشكل أو بآخر خاضعة للسلطة والإرادة السعودية، ومن خلال إعمال السعودية ضغوطاتها على الدول العربية وجامعة الدول العربية تدفع بالأمور لتشكيل هذه القوات ضمن رؤيتها وسياستها ومطامعها.
– السعودية والتي فشلت في فرض مشروعها على اليمنيين بعد عدوان عليهم قارب الثلاثة أشهر، وبهدف فرض غطاء المشروعية لتجاوزاتها على الشعب اليمني وسيادته تلجأ اليوم إلى طرح مشروع القوات بشدة، وفي الإطار ذاته ترى في ذلك مخرجاً للأزمة التي ألقت نفسها فيها.
– العدوان السعودي وبعد مضي ثلاثة أشهر لم يتمكن من تحقيق أي من أهدافه إن كانت المعلنة أو الخفية، بل على العكس من ذلك وضعت السعودية نفسها أمام الشعوب كحاضنة للإرهاب من خلال دعمها لجماعات القاعدة في اليمن، وصورت نفسها كقاتلة للشعوب وهادمة للحضارات وهو ما يشكل هزيمة كبيرة بالنسبة لها، وبهدف تعويض الخسارة تعمل اليوم على إظهار نفسها على انها حاضنة للأمن والسلام من خلال القوات المشتركة.
– السياسة السعودية في المنطقة والقائمة على التدخل في شؤون الدول ومصير الشعوب والتي تظهر إحدى معالمها من خلال القوات السعودية المحتلة للأراضي اليمنية وسيادة الشعب اليمني، وضمن الإطار ذاته، تسعى اليوم إلى ارساء الفكر والمنهج ذاته في اليمن.
– السعودية والتي تتقاطع مصالحها مع المحور الغربي الإستعماري بشكل كامل ينظر إليها في هذا الإطار على أنها إحدى الأدوات المنفذة لسياسات هذه الدول الاستعمارية في منطقتنا، وعليه فهي من عدوانها على الشعب اليمني إلى دعم التكفير ومن ثم مشروع القوات المشتركة ما هي إلا أداة خاضعة لإرادة الخارج.
إذن بحث الشعب اليمني ليس في أصل إرسال قوات حفظ سلام بل الهدف من إرسال هذه القوات التي تعمل السعودية ومن معها للإستفادة منها لما يخدم مصالحها ومنافعها. إلا أن التجارب وعلى مر السنوات أثبتت أن الشعب اليمني شعب صامد صابر صاحب بصيرة وهو يتعامل مع القضايا بحكمة وروية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق