التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

المرأة الفلسطينية … مدرسةٌ في المقاومة والصمود 

أكثر من سبعة وستين عاماً مضت على احتلال فلسطين، أعوامٌ طوال مليئةٌ بقصص الصمود والتحدي، مفعمةٌ بعبق الجراح والشهادة، لم تستطع خلالها آلة القمع الإسرائيلية كسر إرادة الشعب الفلسطيني أو ثنيه عن المطالبة بأرض أجداده أرض فلسطين الطاهرة. شاء القدر لهذا الشعب أن يُسطِّر في صموده ومقاومته أروع الملاحم ويلقن العالم أجمع دروساً في الحرية والمطالبة بالحقوق، طوال هذه السنين كانت المرأة الفلسطينية شريكة الرجل في كل المواقف، فكانت المجاهدة والأسيرة والجريحة والشهيدة، علَّمت أولادها عشق فلسطين، علَّمتهم أن فلسطين هي الأم وهي الحضن الدافئ الذي لا بديل عنه، علَّمتهم أن فلسطين لنا من بحرها إلى نهرها وأن القدس مدينة الأنبياء هي عاصمتنا وقبلتنا ومحط قلوبنا، فحق لها أن يسجل التاريخ اسمها بحروف من ذهب ليقول: “إنها المرأة الفلسطينية”.

مجاهدةٌ واستشهادية:

وفاء إدريس، دارين أبو عيشة، آيات الأخرس، عندليب طقاطقة، ريم الرياشي، هنادي جرادات وغيرهن الكثير.. جميعها أسماءٌ لاستشهاديات فلسطينيات آثرن الشهادة على الحياة تحت نير المحتل، فحولن بأجسادهن حياة الكيان الإسرائيلي جحيماً، والكيان الإسرائيلي يعرف جيداً من تكون هنادي جرادات هذه المجاهدة الفلسطينية التي استطاعت في لحظة واحدة قتل حوالي ٢٠ إسرائيلياً وجرح أكثر من مئة آخرين، عندما نفذت عمليتها الاستشهادية في مدينة حيفا المحتلة بتاريخ ٢٠٠٣/١٠/٤م، لتكون بذلك الاستشهادية الفلسطينية السادسة خلال انتفاضة الأقصى.

وفي إطار العمليات الاستشهادية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة مؤخراً حيث أقدم العديد من الفلسطينيين على تنفيذ عمليات دهس أو طعن ضد الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، كانت المرأة الفلسطينية حاضرة أيضاً، فهذه هي الفتاة أمل طقاطقة ذات العشرين عاماً استشهدت برصاص الجنود الإسرائيليين بعد أن قامت بطعن مستوطن إسرائيلي بالقرب من مستوطنة جوش عتصيون جنوب القدس المحتلة. 

جريحةٌ وشهيدة:

المرأة الفلسطينية كانت دائماً ضحية لأي عدوان يشنه الكيان الإسرائيلي على منطقة من مناطق فلسطين شأنها في ذلك شأن الطفل الفلسطيني، فخلال سنوات الصراع الطويلة مع هذا الكيان سجل التاريخ أسماء آلاف الشهيدات الفلسطينيات اللاتي سقطن إثر اعتداءات الكيان الإسرائيلي وحروبه الوحشية على الشعب الفلسطيني، حيث سُجل استشهاد ٣٠٢ امرأة فلسطينية وجرح أكثر من ٢١٠١ آخرين جراء استهداف هذا الكيان لمنازل الآمنين من سكان قطاع غزة صيف العام ٢٠١٤ وحده.  [٢]

أسيرةٌ معذبة:

يشير تقرير صادر عن وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية أن أكثر من ١٥٠٠٠ امرأة وفتاة فلسطينية دخلت سجون الاحتلال منذ احتلال فلسطين عام ١٩٤٨م، حيث سُجِّل اعتقال أكثر من ٣٠٠٠ امرأة فلسطينية خلال انتفاضة الحجارة عام ١٩٨٧، بينما أقدمت سلطات الکيان الإسرائيلي على اعتقال ٩٠٠ امرأة فلسطينية خلال انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠، وتشير إحصائيات أخرى إلى أن ما مجموعه ١٢٠٠ امرأة فلسطينية اعتقلت على أيدي الكيان الإسرائيلي منذ انتفاضة الأقصى، بقي منهن في سجون الاحتلال ٢١ أسيرة حتى هذه اللحظة.

وتعاني الأسيرات الفلسطينيات في سجون الکيان الإسرائيلي شتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي، حيث تُقدم سلطات الكيان على الإعتداء على الأسيرات الفلسطينيات بالضرب والشتم والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب والتفتيش العاري وتمزيق الملابس وتوجيه الإهانات المختلفة والحرمان من النوم والطعام والزيارات، فيما تقوم هذه السلطات باحتجاز جثامين بعض الشهيدات الفلسطينيات فيما يسمى مقابر الأرقام الإسرائيلية، حيث لا تزال هذه السلطات تحتجز جثامين الشهيدات دارين أبو عيشة، هنادي تيسير عبد المالك ووفاء علي خليل إدريس وتمتنع عن تسليم هذه الجثامين إلى ذويهن حتى يومنا هذا.

ولادةٌ في الأسر:

كثرٌ هن الأسيرات الفلسطينيات اللاتي وضعن مواليدهن في السجون الإسرائيلية، فها هي ميرفت طه المقدسية وضعت مولودها وائل في تاريخ ٨ شباط عام ٢٠٠٣ حتى أطلق سراحها مع مولودها في شباط عام ٢٠٠٥ بعد قضائها فترة محكوميتها البالغة حوالي ٣ سنوات، وطبقاً للقانون الإسرائيلي يحق للأسيرة الفلسطينية الاحتفاظ بمولودها لمدة عامين وبعد انتهاء المدة يتم الفصل بينها وبين مولودها وتسليم المولود إلى أقربائه خارج السجن، وأحياناً تقوم سلطات السجون الإسرائيلية بمعاقبة أمهات هؤلاء المواليد بسبب بكاء الأطفال أو صراخهن.

فصلٌ عنصري وتضييق:

تمنع سلطات الكيان الإسرائيلي لمَّ شمل الأسر الفلسطينية من ساكني الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨ مع أقاربهم من سكان قطاع غزة والضفة الغربية، حيث أصدر الكنيست الإسرائيلي قراراً نص على عدم السماح للنساء الفلسطينيات من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة بالعيش إلى جوار أزواجهن ضمن أراضي عام ١٩٤٨، وأسهم هذا القرار في زيادة معاناة الأسر الفلسطينية وتشتيت أفرادها وحرمانهم حق العيش في مدن آبائهم وأجدادهم، وهنا نستعرض قصة سميرة ابنة مدينة نابلس التي تزوجت من أحد سكان مدينة القدس والتي لم تتمكن من الحصول على تصريح جمع الشمل فسكنت مع زوجها في القدس بصورة “غير قانونية”، تقول سميرة: “كنت أعمل مدرسة، لكن منذ أن تزوجت لم أتمكن من العمل لأنني لا أملك تصريحاً. ولا أستطيع الذهاب إلى أي مكان ولا فعل أي شيء. وفي أغلب الأحيان أخاف كثيراً حتى من مغادرة المنزل لأنني أخشى من أنني إذا صادفت دورية للشرطة وطلبت مني أوراقي، فستلقي القبض علي وتطردني. لا أستطيع زيارة والديَّ أبداً لأنهما موجودان في نابلس ولا أستطيع الدخول إلى القدس والخروج منها ولا يستطيعان زيارتي لأنهما لا يحملان تصريحاً أيضاً”[٢] .

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق