التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

الدكتور عدنان ابراهيم.. صوت حقٍ في زمن الفتنة 

هو ابن فلسطين وابن غزة هاشم تحديداً، مفكرٌ وداعيةٌ إسلامي، قارئٌ وكاتبٌ من الطراز الأول، عُرف باعتداله ووسطيته فتعرض جراء ذلك لكثير من الانتقاد واللوم اللاذعين، حاولوا عبثاً كتم صوته ومحاصرته، لكنه أبى ذلك فتابع مسيرته على رغم كل الصعوبات ليرفع صوته عالياً في زمنٍ عزَّ فيه الخطاب، اختار الكلام حينما اختار الجميع الصمت وبقي في الساح حينما لاذ الجميع بالفرار، حارب الفتنة وحارب هتك الدماء والأعراض، قالها بصوتٍ عالٍ الإسلام دين الرحمة ودين السلام لا دين الذبح وإراقة الدماء. إنه الدكتور عدنان ابراهيم صاحب المنبر وصاحب القلم، الرجل الذي بهر العالم الإسلامي بصراحة وجرأة خطابه، فحقَّ له أن نتناول مسيرة حياته في بضع سطور علنا بذلك نرفع شيئاً من الظلم الذي لحق به، فمن هو الدكتور عدنان ابراهيم؟ أين درس؟ ما هو أسلوبه الفكري والدعوي؟ ولماذا لاقت خطبه كل هذا الانتقاد؟

مولده ونسبه:

ولد الدكتور عدنان ابراهيم في مخيم النصيرات إلى الجنوب من مدينة غزة عام ١٩٦٦م في عائلة متوسطة الحال، والده الشيخ ابراهيم سليل آل الشنطي والذين يرجع نسبهم إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني (الفقيه الحنبلي المعروف) والذي يتصل نسبه بدوره بالإمام الحسن بن علي عليهما السلام.

تحصيله العلمي:

عرف الدكتور عدنان منذ صغره بذكائه ونبوغه ونهمه لتحصيل العلم، ظهر ذلك جلياً من خلال حرصه على اتمام تعليمه النظامي على رغم الظروف القاسية والصعوبات التي تعرض لها، فدرس المراحل الإبتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس الأونروا في قطاع غزة، ثم سافر إلى يوغسلافيا لدراسة الطب البشري، اضطر إلى قطع دراسته هناك بسبب ظروف الحرب التي كانت تعيشها يوغسلافيا أثناء حرب البلقان، فانتقل في بداية التسعينات إلى العاصمة النمساوية فيينا ليتابع دراسة الطب هناك، وبعد تخرجه وحصوله على شهادة الطب البشري، انتسب الدكتور ابراهيم إلى كلية الإمام الأوزاعي في لبنان وتخرج منها بدرجة ممتازة، ثم عاد إلى فيينا ليكمل دراسته فيها وليحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية فيها.

حفظ الدكتور ابراهيم القرآن الكريم مذ كان طفلاً صغيراً كما اشتهر بارتياده المسجد ومشاركته في حلقات الذكر والدروس الدينية، أظهر اهتماماً ملحوظاً بالعلوم الشرعية والفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس والفيزياء والتاريخ وعلم الأديان المقارن، يتقن اللغات العربية والإنكليزية والألمانية والصربوكرواتية، تسلم إمامة مسجد الهداية في فيينا منذ عام ١٩٩١م حتى عام ٢٠٠٠، حيث تم إقصاؤه عن إمامة المسجد لأسباب سياسية ولما حوته محاضراته من أفكار تدعو الناس إلى الصحوة.

في عام ٢٠٠٠م تمكن بمساعدة بعض إخوانه من تأسيس جمعية لقاء الحضارات في فيينا والتي انبثق عنها لاحقاً مسجد الشورى، يتصدى الدكتور ابراهيم حالياً لمسؤولية خطيب مسجد الشورى حيث يلقي هناك محاضراته ودروسه التي استهوت الكثير من أبناء العالم الإسلامي بالإضافة إلى كونه رئيساً لجمعية لقاء الحضارات.

منهج الدكتور عدنان ابراهيم الفكري:

يعتبر الدكتور عدنان ابراهيم من أصحاب الخطاب الديني المنفتح، يعتمد في نقاشه وخطابه على الحجج والبراهين العقلية والنقلية، كما يتبنى الدكتور ابراهيم فكراً إسلامياً وحدوياً؛ يدعو من خلاله إلى نبذ الفرقة بين المسلمين وإلى تطهير الإسلام مما أدخله إليه المتعصبون والمتطرفون وعلى رأسهم الوهابية، يسعى الدكتور ابراهيم من خلال محاضراته ودروسه إلى إظهار الوجه الحضاري والإنساني المتسامح لدين الإسلام، ونبذ كل ما علق بالإسلام من شوائب وضعها الحكام وعلماء السلاطين، يحارب الشيخ عدنان ابراهيم التطرف والإرهاب وإراقة الدماء ويدعو في محاضراته إلى اعتماد العقل سبيلاً لحل الخلافات، كما يدعو الدكتور ابراهيم إلى مراجعة سيرة صحابة رسول الله (ص) حيث لا يرى الدكتور ابراهيم في جميع الصحابة أناساً مقدسين، بل يرى أن بعضهم أساء للإسلام وللمنهج المحمدي، وارتكب من الأفعال ما من شأنه تدمير الإسلام وكسر شوكته. هذا الأمر خلق للدكتور ابراهيم أعداء كثر حاربوه واتهموه ووصل الأمر بهم إلى درجة تكفيره.

في مواجهة الوهابية:

مع بداية أحداث ما يسمى “الربيع العربي” انبرى الدكتور الشيخ عدنان ابراهيم في خطبه ومحاضراته إلى تبيين معالم الاستبداد والظلم ودعوة الناس إلى محاربة الظلم والظالمين، وفي خضم هذه المحاضرات عمد الدكتور ابراهيم إلى تسليط الضوء على شخصية معاوية بن أبي سفيان وسيرته وما ارتكبه في حق الإسلام المحمدي الأصيل وفي حق المسلمين، هذا الرأي إذا ما أضيف إليه حب الدكتور عدنان ابراهيم لآل بيت النبوة (ع) ومصارحته بهذا الحب، جعل من الوهابية الأعداء الألد للدكتور عدنان ابراهيم، ولعدم امتلاكهم الحجة والبرهان ليردوا على الدكتور ابراهيم أفكاره وآراءه انبرى شيوخهم من أمثال عثمان الخميس وعبد الرحمن دمشقية ومحمد العريفي لمهاجمته وتكفيره واتهامه “بالرافضية” والتشيع والولاء لإيران وغيرها من التهم التي اعتدنا سماعها من هؤلاء الدعاة، أما ردة فعل الشيخ عدنان ابراهيم فكانت عبارة عن سلسلة من المحاضرات والدروس مثل سلسلة شبهات وبينات، وسلسلة معاوية بن أبي سفيان في الميزان، وسلسلة عدالة الصحابة، شرح من خلال هذه المحاضرات رأيه وبين آراء الكثير من علماء أهل السنة المتقدمين والمتأخرين ممن يوافقونه الرأي.

لم يكتف الوهابيون بتشويه صورة الدكتور وتكفيره واتهامه بمختلف التهم، بل عمدوا إلى منعه من الظهور على الفضائيات العربية والدفاع عن أفكاره، يقول الدكتور عدنان ابراهيم حول هذا الموضوع: “لقد دأب إخواني لسنوات على مراسلة قنوات إسلامية معروفة يرجونها إتاحة فرصة لي للظهور عليها وكانوا يزكون طلبهم بتوقيع أعداد كبيرة من المحبين، ودائماً كان الرد بالتجاهل التام للأسف الشديد حتى كانت فرصة تسجيلي برنامج (هوالله) لقناة الرسالة لكن البرنامج مُنع من العرض على خلفية تدخل بعض المشايخ ومعارضته”.

هذه السياسة تعكس خشية شيوخِ الوهابيةِ انتشارَ أفكار الدكتور ابراهيم الوحدوية والوسطية في العالم الإسلامي، الأمر الذي يهدد مشروعهم الرامي إلى نشر الفتن والأحقاد والضغائن في جسد الأمة الإسلامية بالفشل ويهددهم هم أنفسهم بالعزلة والزوال.

مسك الختام:

لربما يكون عشق الدكتور الشيخ عدنان ابراهيم لنبي الرحمة محمد (ص) وآله الطاهرين هو السبب الرئيسي الذي دفع بشيوخ الوهابية ممن يناصبون العداء لأهل البيت (ع) إلى محاربته وتكفيره، ولما كان الدكتور عدنان ابراهيم لا يخفي حبه لآل بيت رسول الله، ارتأينا أن نوجز بعض كلمات الشيخ التي يصف فيها حبه لآل النبي الأمي، يقول الدكتور ابراهيم واصفاً عشقه للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام: “أنا من المحبين المتيمين برسول الله وآل رسول الله في الحقيقة، أنا من العاشقين لآل محمد نعم وأقول للشيخ الخميس دائماً، كيف يتحدث عن فاطمة!! يا أخي الشيخ عثمان … نصيحة من العبد الضعيف عدنان ابرهيم إلى أخيه عثمان الخميس راجع نفسك في تعليقاتك على أهل البيت ما الذي يغيظك أنني أسلِّم على فاطمة أحب فاطمة يا أخي كيف لا أحبها”.

ويقول ناعياً الإمام الحسين بن علي عليه السلام: “قتلوك عطشاناً ولم يترقبوا فيك التنزيلا والتأويلا.. الله أكبر قبل يومين كان عنده ماء فأعطاهم فالحسين بن علي، في صفين يقف معاوية على الماء فلا يعطي علياً وجيشه، في اليوم التالي يغلب عليٌ على الماء فيعطي معاوية وجيشه، شيءٌ عجب يا أخي وإلى اليوم قسماً بالله يا إخواني الذين يحبون هؤلاء (بني أمية) أخلاقهم كبني أمية لا وفاء، وغدر وكذب ونفاق وتدجيل وحقدٌ أسود، والذين يحبون محمداً وآل محمد بصدق هم الرجولة، هم الشرف، هم المجد، هم الصدق، هم الحق، هم البر، هم الطهر، شيءٌ عجيبٌ يا إخوان”.

“والله الذي لا إله إلا هو لولا أن الله قيض أناساً لأهل البيت يظهرون شأنهم ويتظهرون بمحبتهم ويعتقدونها لربما طُمس ذكرهم من عند آخرهم، نعم نحن ندعي أيها الإخوة بالدعوة باللسان حبهم، لأنه لا مناص أن نصلي عليهم في الصلاة ولا نكاد نعرف عنهم شيئاً، لا نحزن لحزنهم لا نتذكر مصائبهم، أيها الإخوة، لا نتذكر مصائب آل بيت رسول الله”.

  ام

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق