التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

مقبرة الصحافة المستقلة !!! 

 عبدالرضا الساعدي

بدءاً نقول وبشكل موجز ودالٍ ، لم يحظَ الإعلام المستقل في العراق بعد 2003 م عموماً ، لاسيما الصحف منها تلك التي وقفت إلى جانب العملية السياسية الديمقراطية منذ البداية ، كما وقفت بقوة ووضوح ضد كل أشكال الإرهاب والتطرف ، وكانت تحمل على عاتقها مسؤولية الكلمة والموقف في أصعب مرحلة يشهدها البلد بشكل عام والصحافة بشكل خاص , لم تحظً هذه الصحف الوطنية المستقلة من أي دعم حكومي ومؤسساتي ، ولم تحظ َ حتى من دعم النقابات والمؤسسات غير الرسمية، رغم كل التضحيات التي قُدمت والمخاطر والمهمات الجسيمة التي يؤدونها يوميا ، في سبيل إعلاء الكلمة الوطنية الصادقة والدفاع عن أمن واستقرار العراق ورفاهيته ، وعن حقوق أهل الرأي والتعبير الذين يخطون الليل بالنهار من أجل أن يشعلوا شمعة الحقيقة في الظلام الدامس .. رغم أن حكومات العالم الديمقراطي المتحضر تفتح أبواب الدعم بأشكال مختلفة لمثل هذه الصحف في دولهم ، على شكل منح أو قروض أو أية طرق أخرى شرعية وقانونية من أجل ديمومة العمل الإعلامي النزيه والبعيد عن التحزب والقيود الرسمية وشبه الرسمية ، خدمة للحقيقة وللإنسان .وهذا كله ، يعني لنا اليوم وبعد مرحلة شاقة امتدت أكثر من 12 عاما ، أنها رسالة واضحة من قبل المؤسسات الحكومية وغيرها ، بأن الكلمة المستقلة والرأي الوطني الشريف المخلص للعراق وشعبه ، متمثلة بهذه الصحف ، قد حكم عليها بالموت الإجباري ، وعليها أن تغادر إلى العالم الآخر عسى أن تجد من يدعمها !..

وبهذه المناسبة ندعو كل الصحف غير المدعومة والمتضررة من التهميش أو الموت الحكومي طيلة 12 عاما ، أن تؤسس لها مقبرة جماعية وتضع على شاهدات القبور أسماءها وعناوينها وتاريخ ميلادها الذي هو تاريخ موتها في ذات الوقت ، ونعلن فيها أسباب موتنا الحقيقية ، كي تفهم الأجيال القادمة ما الذي جرى وما يجري للساحة الإعلامية العراقية المستقلة خلال مرحلة من الزمن .. ولا طريق أمامنا غير هذا ، بعد أن عجزنا تماما ويئسنا من أي أفق ودفق معنوي ومادي يمكن أن نستخلصه من مؤسساتنا المعنية بالدعم ، مما يشعرنا بأننا مواطنين وصحفيين من الدرجة الثانية ، وبأن الصحف غير المستقلة تصنف من الدرجة الأولى ، وهذا إخلال واضح بالعملية الديمقراطية عموما وقتل متعمد للعمل الإعلامي الحر الذي ينشد مستقبل الكلمة ومستقبل البلد الذي يتطلع إلى الحياة وليس إلى الموت الذي تدفعنا إليه مؤسساتنا الحكومية غير الداعمة لنا أبدا ..

ولهذا نحن عازمون على تأسيس هذه المقبرة الواسعة التي تشمل ضحايا الإعلام الحر المستقل والمهمَّش بقوة وتحت يافطة احتجاج عريضة : مقبرة الصحافة المستقلة في العراق الديمقراطي الحر منذ 2003 ولحد الآن ..

ولهؤلاء الأموات ولحديثهم .. بقية !

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق