الفكر السعودي في إندونيسيا.. الخوف من الأعظم!
يعلم القاصي والداني من حلفاء السعودية وكذلك اتباعها وخصومها على حد سواء سياستها المتعلقة بدعم التطرف وأنها المنشأ الاساسي لهذا الفكر التكفيري وذلك منذ تأسيس مملكة آل سعود على الفكر الوهابي. حيث كانت ولا زالت البيئة الحاضنة لهذا الفكر والتي تمده بالدعم المادي والبشري بالاضافة الى التوجيه الفكري وذلك تنفيذا لسياساتها ومخططاتها طبعاً مع متابعة وتوجيه وتنسيق حثيث مع الحليف الاهم لها عالميا امريكا. فأصبحت السعودية ودون منازع الداعمة الاولى للارهاب حول العالم. هذا ناهيك عن العقلية السعودية في ادارة كافة ملفاتها الداخلية عبر الاقصاء واضطهاد بعض الاطراف الداخلية والخارجية عبر سياسة شراء الذمم وكم الافواه وسياسة التهميش والالغاء لخصومها على الساحات كافة وكل ذلك عبر البترودولار. ورغم سجلها الشائن في مجال حقوق الانسان ورغم ادعاء الغرب محاربة الارهاب والفكر التكفيري الا ان المتابع للمشهد يرى بوضوح صارخ الصمت والتواطؤ الدوليين حيال السعودية رغم ان بصمتها دامغة لا لبس فيها فيما يدعي الغرب محاربته.
وبالعودة الى الشواهد الكثيرة التي تؤكد هذه الامور ومن خلال الاطلاع على بعض من البرقيات السعودية المسربة من قبل الموقع الشهير ويكيليكس أو من قبل جيش اليمن الالكتروني الذي كان بارزا في الآونة الاخيرة في مهاجمة وخرق مواقع النظام السعودي في رد على العدوان السعودي المستمر على اليمن واهله منذ أشهر، وقرصنة مراسلات بين وزارة الخارجية السعودية وسفاراتها في العالم، تجد الكثير الكثير من البرقيات التي تشير الى خيوط الارتباطات المريبة بين النظام السعودي والحركات الارهابية وصفقات التسليح التي تتم بتمويل سعودي للحركات الارهابية في سوريا والدعم السعودي للمقاتلين في محاور القتال في مدينة طرابلس اللبنانية عبر ازلام محليين لها، وليس من المستغرب الموقف الصادر عن مسؤول رفيع في اندونيسيا يؤكد فيه أن من موارد التمويل للارهابيين في اندونيسيا هي السعودية، وهذا ما تؤكده وثائق سربها مؤخرا الجيش اليمني الالكتروني.
اشارة المسؤول الاندونيسي الى الدعم السعودي للارهابيين في بلده لم تأت من الفراغ، فالشواهد كثيرة على النشاط السعودي الدعوي (الوهابي) المتنامي بوتيرة عالية في اندونيسيا وفي الدول الاسلامية كافة في شرق آسيا. اما اندونيسيا ولخصوصيتها كونها الدولة الاكبر اسلاميا في العالم فهي هدف اساسي للسعودية، وهذا ما يؤكده العدد الكبير من المساجد التي تبنى سنويا على نفقة السعودية بالاضافة الى الاستثمارات الاقتصادية والاخطر من ذلك كله ان الآلاف من طلبة العلوم الدينية من الاندونيسيين يتوجهون سنويا الى السعودية لدراسة المذهب الوهابي من خلال تسهيلات مادية تقدمها لهم الاخيرة وذلك ضمن مخطط مشؤوم لبث الفتنة والتكفير في الدماء الاندونيسية.
وبالعودة لاندونيسيا وما لها من خصوصيات من حيث تركيبة شعبها الدينية والاثنية، فمن المعروف ان الاندونيسيين شعب مسالم وبمعظمهم من السنة المعتدلين الشافعيين حتى انهم يحيون مراسم آل بيت الرسول (ص) ومراسم عاشوراء مع الشيعة على قلتهم وندرتهم في هذا البلد. ولكن الايدي السعودية الداعمة للفكر التكفيري بدأت تعمل لشق الصف بينهم وللأسف قد بدأت تظهر بوادر مخيفة تشير الى تطورات دراماتيكية على الساحة الاندونيسية. ويأتي تقرير من منظمة هيومن رايتس ووتش ليؤكد أن الجماعات المتشددة تستهدف الاقليات الدينية ولا تحترم ابسط حقوق الانسان. والامثلة على ذلك كثيرة ففي شهر آب من عام ٢٠١٢ هاجم تكفيريون يحملون سواطير ومناجل بعض القرى الشيعية في جزيرة مادورا الاندونيسية وهجروهم من قراهم واحرقوا منازلهم. كما وقد حدد معهد سيتارا – ومقره جاكرتا- الذي يرصد الحريات الدينية في اندونيسيا ٢١٦ حالة من الهجمات العنيفة ضد الأقليات الدينية في عام ٢٠١٠، و٢٤٤ حالة في عام ٢٠١١، و٢٦٤ حالة في عام ٢٠١٢.
طبعا من الجدير الاشارة الى ان التصريح الاخير ليس اليتيم لمسؤول اندونيسي رفيع فقد صرح مستشار الرئيس الاندونيسي “زهيري مسراوي” خلال مؤتمر الوحدة الاسلامية الذي ينظمه المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب “ان العالم الاسلامي بامس الحاجة الى الوحدة للتصدي للتكفيريين والارهابيين” ومؤكدا على “التآخي بين الشعب الاندونيسي والمشاركة بين السنة والشيعة في احياء المراسم الدينية” هذا الحديث وان لم يتطرق لوجود التكفيريين في اندونيسيا بشكل صريح الا انه يدل دلالة واضحة على توجس كبير للنظام الاندونيسي من الفكر التكفيري المتنامي في تلك البقعة من العالم. على أمل ان توضع الخطط اللازمة لمواجهة هذا المد السرطاني الذي إن لم يُستأصل من جذوره فلا يمكن التنبؤ بما قد تؤول اليه الاوضاع.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق