التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الوصفة السعودیة لعلاج أزمات المنطقة، بين الخيار العسكري والخيار السلمي! 

يعلم الجمیع جيدا أن إصطفاف بعض الدول العربية مع السعودية حول مختلف القضایا ومن ضمنها القضیة السورية، لا يعني تأييد هذه الدول لسياسات السعودية تجاه قضايا المنطقة خاصة الأزمة في سوريا. فعلی سبيل المثال نری في الظاهر وجود وفاق سياسي من قبل مصر والإمارات تجاه سياسات السعودية في المنطقة، لكن واقع الأمر هو شيء آخر وإن خلافات مثل هذه الدول مع الرياض هي أكبر بكثير من هذا الوفاق. 

 

إسمحوا لنا أن نبدأ الحديث حول خلافات الدول العربية مع السعودية من الملف السوري، الكل يعلم أن التمويل السعودي الهائل للمجموعات الإرهابية والتكفيرية التي تقاتل في سوريا هو أحد الأسباب الرئيسية التي أدت الی إطالة الأزمة في هذا البلد. والیوم وبعد مرور حوالي خمسة أعوام علی الأزمة السورية، أدرك الجميع أنّ لا حل لإنهاء هذه الأزمة عبر الطرق العسكرية وأن الحل كما أكدت سوريا وحلفاؤها منذ البداية يجب أن يكون سياسياً. وخلال هذه الفترة وصلت الكثير من الدول التي كانت منضوية تحت لواء سیاسة السعودية العدائية تجاه سوريا، الی هذه النتيجة ايضا، بأن الحل يجب أن يكون سياسياً، لكن المشكلة أن السعودية لا تسمح لهذه الدول ومنها الإمارات ومصر بترك خصومتهم تجاه النظام السوري والدعوة للحل السياسي، حيث رأينا كيف ظل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي السابق حتی الأيام الاخيرة من حياته يدعو للخيار العسكري ضد سوريا.

 

خلافات الدول العربية مع السعودية لم تنحصر فقط في القضية السورية، بل تتجاوز ذلك بكثير. الخلاف حول الأزمة في الیمن ولبنان وحتی موضوع العلاقات مع إيران، هي أمثلة في هذا السياق. حيث أن السعودية علی ما يبدو لا تؤمن بحل لإنهاء الأزمات في المنطقة خاصة في سوريا والیمن، إلا بالحل العسكري، علی عكس ما تعتقده تجاه الكيان الإسرائيلي وهو الدعوة الی المفاوضات والحلول السلمية من خلال طرح المبادرة العربية!. والكثيرون يتهمون قادة الرياض بأنهم يسعون دائما الی إشعال نار الحرب في المنطقة وذلك لعدة أسباب من أهمها:

اولا) إشغال دول المنطقة بصراعات مستمرة لإستنزاف قدراتها وذلك لإراحة تل أبيب من أي خطر يمكن أن يصدر ضدها من قبل هذه الدول.

ثانيا) خلق سوق واعدة لبيع أسلحة الدول الغربیة المصدرة للسلاح لبیعها لدول المنطقة علی أن يكون إستخدامها فقط للقتال العربي والإسلامي وليس ضد الكيان الإسرائيلي.

 

وبالرغم من اضطرار الدول العربية للانجرار خلف السياسات السعودية لأسباب معروفة للجميع والتي تأتي في مقدمتها الحاجة للمساعدات المالیة السعودية، بدأت الكثير من الدول العربية في الآونة الأخيرة إعلان معارضتها لسياسات السعودية تجاه شعوب المنطقة وكما أسلفنا يمكن الإشارة في هذا السياق الی دولة الإمارات ومصر فضلا عن معارضة سلطنة عمان العلنية للسياسات السعودية. وهنالك أدلة كثيرة تشير الی انزعاج الدول العربية من سياسات الرياض العدوانية ضد شعوب المنطقة، وفي هذا السياق يمكن الإشارة الی إحدى البرقيات التي سربها موقع ويكيليكس، يتحدث خلالها سعود الفيصل عن عدم وجود ثقة من قبل قادة الإمارات تجاه النظام السعودي وعدم اقتناع هذه الدولة بالحرب ضد سوریا. 

 

لقد بات واضحا الیوم أن المال السعودي أصبح نقمة وبلاء علی شعوب المنطقة، هذا المال الذي يموّل الإرهاب في سوريا والعراق ولبنان ويؤجج الخلافات السياسية في مصر ويفتك بالمستضعفين في الیمن ويدعم الصراع في ليبيا ويغذي النعرات الطائفية والمذهبية والسياسية في دول المنطقة. ولذلك علی ما يبدو فإن دول المنطقة وصلت الی هذه النتيجة أن الاستمرار في التبعية للسياسات السعودية سيدمّر المنطقة بأکملها، ولهذا باتت دول مثل الإمارات ومصر وسلطنة عمان وحتی قطر تعارض سياسة السعودية تجاه المنطقة.

 

واخيرا نقول إن الإرهاب الذي لا منهج له سوی قتل البشر أصبح خطرا يهدد جميع دول المنطقة، وبناءً عليه فإن إيقاف نزيف شلالات الدم في سوريا والیمن وتجفيف جذور الإرهاب في المنطقة، لا يمكن أن يتحقق إلاّ من خلال الضغط علی السعودية من قبل دول المنطقة وتركها وحيدة في ساحة المعركة، إذن إن سياسة ترك المعسكر السعودي التي باتت تنتهجها الدول العربية هي سياسة صائبة وتصب في صالح دول وشعوب المنطقة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق