التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, سبتمبر 20, 2024

الاتفاق النووي_ مواقف وتجاذبات دولية 

 ٢٢  شهرا من المفاوضات الندية المكثفة والمضنية، على امتداد ساعات الليل والنهار، وتحت الضغوط والمقارعة في الساحة الاقليمية والدولية وعلى وقع الحصار الخانق والمرير، انتزع الصبر الطويل حقه دون منة من أحد، رضخت الارادة الدولية لصوت الحق، وفضلت الدول ال ٥+١ أن تتحسب من خطورة فشل التفاوض..

 

المشهد كبير بكبر الاستحقاق وفرادته، ومهم جدا على مستويات شتى تتعلق بسلسلة من الملفات التي تشكل ايران حلقة اساسية فيها. من الأمن والاقتصاد والثورة الاقتصادية القادمة ودور واعد لدولة مجاهدة، الى الشرق وما فيه من مأساة تنتظر الفرج.. كلام كثير جدا وكبير وثقيل جدا يقال حول هذا الاستحقاق العالمي وهذه التجربة الحوارية المسؤولة وهذا السلوك الدبلوماسي الاسطوري الذي انتهجته ايران.

 

في الحديث عن المشهد، تحاليل كبرى تكتب ونتائج ليس مبالغا ضخامة حجمها، فالحدث ليس كل شيء انما هو أب لاستحقاقات قادمة تدور حول الشرق الاوسط بل العالم بأسره تمرعلى دوله دولة دولة. فالواقع الجديد والتجربة النموذجية الحاضرة، تفرض على كل دولة مؤثرة نتائجا وآثارا يجب أن تعيد ترتيب امورها وفقها.

 

الاتفاق التاريخي بين ايران والدول الست، على ابواب العيد المبارك، سبق العيد العيد، وتصاعد الدخان الابيض في سماء في قصر كوبرغ في فيينا وجاء الخبر اليقين يبشر بولادة الدولة النووية السلمية النموذجية. الخبر المدوي، نزل بردا وسلاما على قلوب دول مهتمة ونارا ووقودا على دول لطالما صالت وجالت وهددت للحلول دون حصول هذا التوافق.

 

 مواقف دولية رحّبت باتفاق لوزان النووي،اسرائيل تشتعل غاضبا ووصمت ساد مواقف دول الخليج، انها الصورة الحالية للعالم في الساعات التي تلت خبر الاتفاق.

 

 جولة على ابرز المواقف:

 

  في تعليق على الحدث، صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما “إنني على ثقة بأنه اذا أدّى هذا الاتفاق الاطار الى اتفاق شامل ونهائي فإن بلادنا وحلفاءها والعالم سيكونون في أمان أكبر”، وأضاف أن “ايران ستخضع للتفتيش أكثر من أي دولة اخرى في العالم”، لكنه حذر بانه “اذا تحايلت ايران، سيعلم العالم، واذا لاحظنا اي امر مريب سنقوم بعمليات تفتيش”، وفق تعبيره.

 

وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قال ان الاتفاق يتخطى “ما كان كثيرون يعتقدونه ممكنا قبل ١٨ شهرا”، واضاف “اعتقد ان لدينا الاطار العام لتسوية لكن لا تزال هناك مسائل اساسية لا بد من العمل عليها”. 

 

وزارة الخارجية الروسية في تصريح لها حول  الاتفاق قالت “ان هذا الاتفاق يستند الى المبدأ الذي عبر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو حق ايران غير المشروط في برنامج نووي مدني”، واضافت ” أن الاتفاق حول النووي الايراني سيكون له تأثير ايجابي على الوضع الامني العام في الشرق الاوسط اذ ستكون ايران قادرة على المشاركة في شكل اكثر فاعلية في حل عدد من المشاكل والنزاعات في المنطقة ”.

 

في تصريحات للمفاوض الروسي سيرغي ريابكوف لوكالة انترفاكس قال “روسيا الاتحادية و(الوكالة الروسية العامة للطاقة الذرية) روساتوم على استعداد لتأمين وقود جديد واستعادة الوقود المستخدم للمفاعلات التي بنتها (موسكو) او ستبنيها في ايران”، مضيفا أن “هذا العرض لا ينطبق سوى على “المفاعلات التي شيدت في ايران في اطار مشروع روسي وبمشاركة روسية”، وتابع أنه “في ما يتعلق بالوقود لمفاعلات اخرى لم يشارك الروس (في بنائها) فان المسألة صعبة جدا ولسنا مستعدين لاعطاء ردنا”.

 

من جهته وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال أن “الاتفاق مرحلي ويتضمن تقدما ايجابيا لا يمكن إنكاره لكن لا يزال هناك عمل لا بد من انجازه”.

 

 كما أن المستشارة الالمانية انجيلا ميركل من ناحيتها قالت ” العالم لم يكن يوما اقرب الى اتفاق يمنع ايران من حيازة السلاح النووي”. وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير انتقد معارضة الکیان الإسرائيلي لاتفاق نووي وقعته القوى الدولية الست وإيران قائلا إن الاتفاق سيسهم في نشر الأمن بالشرق الأوسط .مضیفا:”قد يكون هذا الاتفاق الأول من نوعه الذي حققنا فيه نجاحاً بخصوص تخفيف التوتر،”.

 

تركيا أبدت ترحيبا بالاتفاق، على امل أن تقوم ايران بخطوات ايجابية مساعدة للتوصل الى اتفاق نهائي بحلول نهاية حزيران.

 

 الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفاءلت بالاتفاق المبدئي لتسوية الملف النووي الإيراني، مبدية استعداها للقيام بدورها في التحقق من تنفيذ الإجراءات النووية ذات الصلة حال إتمام الاتفاق في صورته النهائية.

 

 وكالة “رويترز” عبرت عن أن الصمت يخيم على مواقف دول الخليج حيث لم يتعرض الاعلام الرسمي لهذا الحدث الكبير بشكل مفصل، ما خلا تصرحات نسبت الى الامارات تناقلتها وسائط اعلامية أن دولة الامارات اعتبرت ” الاتفاق النووي فرصة لفتح صفحة جديدة في المنطقة”. 

 

 في المقلب الاخر من المواقف، رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو عبر عن ” أن الاتفاق في حال تطبيقه سيهدد بقاء “اسرائيل “.

وفي تغريدة للمتحدث باسم نتانياهو مارك ريغيف على “تويتر” كتب : “مثل هذا الاتفاق لن يقطع الطريق أمام حيازة إيران القنبلة (النووية) بل سيمهّده أمامها” وانه “ يزيد مخاطر الانتشار النووي ومخاطر اندلاع حرب مروعة ”.

 

هذا وكان البيت الأبيض قد ذكر في بيان صادر عنه أن الرئيس الأمريكي وفي محاولة لتدارك ردة الفعل الاسراخليجية، اتصل هاتفيا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووضعه في اجواء اطار الاتفاق النووي المبرم في لوزان، موضحا أن هذا الاتفاق يمثل تقدما مهما نحو حل دائم يقطع على إيران جميع المسارات نحو السلاح النووي، كما أكد اوباما أن هذا التقدم لا يقلل المخاوف من “رعاية طهران للإرهاب والتهديدات تجاه “إسرائيل””، وفق تعبيره . كما بحث الرئيس الأمريكي الاتفاق أيضاً عبر اتصال هاتفي مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ودعاه ومجلس التعاون إلى قمة في كامب ديفيد لمواصلة الحوار بشأن إيران.

 

 هذا وانهالت التبريكات على قائد الثورة الايرانية المرشد الاعلى السيد على الخامنئي ورئيس الجمهورية الشيخ حسن روحاني، وكان من المهنئين رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الذي اعتبر ان الاتفاق هو انتصار كبير للدبلوماسية الرشيدة التي كانت تهتدي بحكمة المرشد الأعلى، كما هنأ الرئيس بشار الاسد باسم الشعب السوري المناضل الامام الخامنئي والرئيس روحاني عبر برقية، معبرا عن سروره في هذا الانتصار العظيم ومقدما التبريك باسمه وباسم الشعب العربي السوري المقاوم. ومن لبنان اشادت مواقف رئيس نجلس النواب نبيه بري بالنصر الكبير الذي ينهي  حصارا ومظلومية كبرى على الشعب الايراني واعتبر ان ما بعد الاتفاق ليس كما قبله.

 

 لم يكن وقع الاتفاق النووي مع ايران على العالم متساو المفاعيل، فالاتفاق الذي يطوي صفحة زمنية صعبة من الاستنفار المتقابل ويقفل خيارات نشوب حرب اقليمية مدمرة، أظهر في لحظات ولادته الاولى ارادة دولية لعدم المغامرة واللعب بالنار وسط عالم منهك بالصراعات الجانبية، فقد كانت ردود أغلب الدول الكبرى مرحبة بالنتائج وان بدى واضحا انها تتعمد التخفيف من شأن الاتفاق على مستوى  تعمد حجب الثقة  عن ايران رغم التوافق للمحافظة على سقف مطلوب من الضغوط السياسية. في المقابل بدى الكيان الصهيوني اول المتضررين الفعليين من هذا المناخ الايجابي،  حيث ابدت التصريحات الاولى الحذرة عن رفض كبير للاتفاق من قبل الحكومة الاسرائيلية. وسط هذا صمت مطبق لدول الخليج التي لم تتعرض للحدث بشكل مفصل ولم ترد على ذكر الاتفاق بشكل موسع.

المصدر : الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق