الجيش العراقي والحشد الشعبي والعشائر من كل الطوائف: معادلة تنهي حلم داعش
المقاومة هي الخيار الوحيد في وجه الإرهاب مهما كان نوعه إسرائيلياً أو تكفيرياً. فالتجربة حلّت في العراق وأثمرت الإنتصارات في وجه داعش الذي لم يستطع أحدٌ مواجهته إلا المقاومة الشعبية المتمثلة بالحشد الشعبي بكل فصائله. فالشعب العراقي أيقن أنه لا مناص ولا خلاص للعراق من الإرهاب والتقسيم إلا بتوحده تحت راية المقاومة للحفاظ على بلده وأمنه وإستقراره. والعراقيون سنة وشيعة ومسيحيين رفعوا العلم العراقي للدفاع عن العراق وهذا ما يعطي الصبغة الوطنية الجامعة للمقاومة العراقية في مواجهة الإرهاب ويسكت الأصوات القائلة بوجود توجهات طائفية لدى هذه القوى.
فمسلسل الإرهاب الطويل من عمليات القتل والتهجير والاغتصاب نفذه تنظيم داعش بحق العديد من الطوائف والأقليات العراقية، حيث طالت هذه الاعتداءات كافة مكونات النسيج الشعبي العراقي دون تمييز بين انتماءات دينية أو مكونات عرقية. فمع الأيام الأولى لتنفيذ تنظيم داعش عملياته الإرهابية ضد الأقليات العرقية أمثال الإيزيديين وتهجير المسيحيين من مدينة الموصل العراقية، أيقن الجميع أنه لابد من التكاتف بين أبناء الشعب العراقي لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يهدد سلامة مكونات الشعب العراقي، ومن هنا برزت فكرة مساندة قوات الدعم الشعبي لقوات الأمن العراقية من أجل خوض معركة التحرير وإسقاط المشروع التكفيري بالمنطقة.
ولم يكن المخططون لتفتيت العراق وعلى رأسهم أمريكا يتوقعون المشهد العام الذي نراه اليوم على الساحة العراقية من تلاحم الجيش العراقي والحشد الشعبي والعشائر. إنه الثالوث العراقي الذي كسر المخطط الأمريكي في المنطقة . والأهم من ذلك كله أن توحد الأيادي من كل الطوائف والمذاهب والأعراق هو الذي يسقط المؤامرة، فبكلمة أخرى معادلة الشعب الموحد والجيش والمقاومة عنوان الإنتصار في العراق.
فبعد انسحابها من المنطقة أرادت أمريكا أن تجعل العراق ساحة حرب طائفية، فخلقت هذه المجموعات الداعشية لتكون رأس حربة لتفتيت بلاد الرافدين وزرع بذور الفتنة فيها، لكنها لم تحسب حساب اللحمة العراقية والمشاركة من جنوبه ووسطه وشماله في محاربة ذلك التنظيم الإرهابي .
فقد سعت عصابات القاعدة الإرهابية وما تمخض عنها من مجاميع إرهابية منذ ٢٠٠٣ إلى الضرب على الوتر الطائفي لأنها وجدت في انقسام الشعب العراقي فرصة لها في البقاء والتمدد. وعصابات داعش الإرهابية تسعى إلى إذكاء نار الحرب الطائفية بين مكونات الشعب العراقي من أجل بقائها، إلا أن الوعي المتزايد بخطورة التنظيمات المتطرفة بين العشائر السنية في شمال وغرب العراق، والمذابح التي تم ارتکابها ضد أكراد سوريا ومن قبلهم المسيحيين والإيزيديين، كل ذلك أدى إلى تحصين الداخل في الكثير من مناطق شمالي وغربي العراق بانضمام أفراد العشائر إلى القوات الأمنية .
ومن جانب آخر كان يُراد للعراقيين أن يدخلوا في نفق الطائفية المقيت، لكنّ تضافر الجهود بين كلّ الشرائح العراقية التي أدركت أنّ داعش لا يميّز بين سني أو شيعي أو مسيحي، فكك هذه الحاضنة الوهمية التي نسج خيوطها المستعمر ومن يقف وراءه. فالعراق لكلّ العراقيين والعدو واحد. فعندما أدرك الساسة وعلماء الدين العراقيون هذه القاعدة تكونت على الأرض المعادلة الذهبية الجيش والحشد الشعبي وقوات العشائر، التي تكسّرت على صخرتها أحلام أمريكا بعد انسحابها من العراق، فجرائم داعش وحَّدت العراقيين وكوَّنت هذه المعادلة الصعبة الكسر والاختراق لأنّ أساسها مصلحة العراق ووحدته ومستقبله.
وبعد هذا التقدم للقوات العراقية والمقاومة في تجسيدهم لعمل وطني، بلغ التوتر الطائفي أدنى مستوياته، بعدما ركّزت عليه العصابات الارهابية والماكنة الإعلامية الطائفية المحلية والإقليمية، على أمل توظيفه في تأكيد الهوية الطائفية بديلاً للوطنية.
ومن ناحية أخرى فإن مكاسب المقاومة تنهي أحلام الحرب الأهلية، فقد خلق التوحّد في وجه الإرهاب بيئة مناسبة للمصالحة واستقطاب أفراد من العشائر كانوا انضموا للعصابات الإرهابية، هذا إضافة إلى انضمام مئات العراقيين المسيحيين إلى صفوف الحشد الشعبي الذي أصبح الحاضنة التي جمعت أطياف الشعب عراقي. وحسب العديد من المحللين، فإن المصالحة مع كافة أبناء الشعب العراقي ستكون الرصاصة الأخيرة في قلب داعش والإرهاب.
وبذلك قطعت تلبية نداء الوطن من قبل كل المواطنين الشرفاء باختلاف طوائفهم ومذاهبهم وإنتماءاتهم السياسية ومشاربهم وتوجهاتهم الفكرية، الطريق على عرابي التقسيم وإشعال الفتنة في العراق، فسُدت أي محاولة لإستغلال ما حدث وتسويقه وكأنه صراع طائفي بين شيعة وسنة، لأن المجندين بمئات الآلاف هم مواطنون أحرار يمثلون الموزاييك العراقي بتنوعه وغناه، إجتمعوا على قلب رجل واحد لتحرير وطنهم من إجرام داعش وأخواته، وإسقاط مؤامرة التقسيم التي يسعى إلى فرضها بالفتنة حلف السعودية وقطر وتركيا والأردن ومن ورائهم الكيان الإسرائيلي وأمريكا اللتان ترميان بسمومهما بهدف كسر إحدى أهم حلقات محور الممانعة والمقاومة، بعد الفشل الذريع في لبنان وسوريا.
فالشعب العراقي بتوحده سنة وشيعة ومسيحيين لن يسمحوا للمخربين بالعبث في أمن واستقرار بلدهم ووحدة شعبهم، فمهما بلغ الخراب سينتهي قريباً عصر الظلام، وستبدأ مرحلة جديدة لعراق يبحث عن أجزائه ويجمع أشلائه وإذا كان من درس كبير وعميق سيخرج به الشعب العراقي بعد نهاية هذه الحرب الكونية، هو أن التقسيم الطائفي الذي وضعه “بريمر” للعراق وأسس عليه “بايدن” إقتراحه بالتقسيم، يجب أن ينتهي، لتنتهي وإلى الأبد الطائفية البغيضة التي زرعها الغرب الحاقد لتكون بمثابة صاعق لتفجير العراق متى ارتأت مصالحهم ذلك، كما فعلوا في لبنان وسوريا، لكنهم كما فشلوا سيفشلون وستبقى الكلمة العليا للعراقيين الشرفاء وحدهم.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق