التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

تحت حجة القضاء على الإرهاب: هكذا تسعى أمريكا للتدخل في دول شمال أفريقيا 

 تسعى أمريكا وتحت مبرر القضاء على الإرهاب لترسيخ سياساتٍ تساعدها في التدخل في شؤون الدول الأخرى. وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته من خلال مراقبة السياسة التنفيذية للإستراتيجية الأمريكية. وهنا يأتي الحديث اليوم عما تقوم به أمريكا من مشروعٍ تجاه دول شمال أفريقيا. وهو الأمر الذي توجهت إليه الأنظار بداية الأسبوع الحالي. فماذا في آخر ما ذكرته وول ستريت جورنال حول المشروع الأمريكي تجاه شمال أفريقيا؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟

 

تقرير بناءاً لما ذكرته وول ستريت:

كشفت مصادر إعلامية أمريكية هذا الأسبوع عن مخططٍ لدى إدارة البيت الأبيض لملاحقة ما يسمى “تنظيم داعش” في شمال إفريقيا. وتردّد أنّ مسؤولي واشنطن تباحثوا مع قادة عدد من دول المنطقة لإنشاء قاعدة عسكرية ووضع “طائرات دون طيار” بغرض مراقبة ما يفعله التنظيم الإرهابي في ليبيا وتونس، هذا بحسب ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” على لسان مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية. وذكر المسؤول ذاته بحسب المصدر، بأنّ مثل هذه القاعدة قرب معاقل التنظيم المذكور في ليبيا ستساعد أمريكا على سد النقص في قدرتها المعلوماتية، ومساعدتها على فهم ما يجري في تلك المنطقة، مضيفاً: “إن طلعات الطائرات ستعطي الجيش ووكالات المخابرات الأمريكية معلومات مباشرة عن أنشطة التنظيم في ليبيا”.

وذكرت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أمريكيين كبار، إنّ المخطط لم يحظ لحد الآن بموافقة أي دولة في شمال إفريقيا، ما يجعل من المرجح، بناء القاعدة الأمريكية ووضعها تحت سيطرة الدولة المضيفة، مع حصول واشنطن على إذنٍ بوضع طائرات بلا طيار هناك إلى جانب عدد محدود من العسكريين. وبحسب الصحيفة، فإنّ مسؤولي الإدارة امتنعوا عن تحديد الدول التي يمكن أن تستضيف الطائرات الأمريكية، وتصوروا أنّ الطائرات بلا طيار التي يُفترض أن تنطلق من القاعدة المقترحة يمكن أن تستخدم أيضاً في شن غاراتٍ جوية على أهداف تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا وأن هذه القاعدة يمكن أن تكون أيضا نقطة انطلاق لعمليات خاصة ضد المتشددين.

 

الدلالات والتحليل:

كعادتها تقوم أمريكا على نسج سياساتها على أسسٍ تساعدها في التدخل في شؤون الدول الأخرى. وهنا بناءاً لما ذكرته الصحيفة، ومن خلال تحليل التصريحات يمكن التوصل الى النتائج التالية:

– إن التوجه الأمريكي للتدخل في شؤون الدول ليس أمراً جديداً وإنما هو ما يعبِّر عن المسار الطبيعي لتوجهات واشنطن والتي يحفل تاريخها السياسي بالأمثلة العديدة على ذلك. كان آخرها تأسيس التحالف الدولي لقتال داعش والقضاء على الإرهاب.

– إلا أن الجديد هو التركيز على دولٍ جديدة لا نقول إنها لم تكن تحت العين الأمريكية، وإنما يجري الحديث عنها اليوم ضمن مخططٍ موضوعٍ مسبقاً، من أجل إقامة توازنٍ جديد للهيبة والنفوذ الأمريكي، وبالخصوص بعد تراجعه في منطقة الشرق الأوسط.

– ولأن ملف الإرهاب هو الموضوع الذي يمكن تقبُّله في الأوساط الشعبية وبالتحديد من خلال الترويج له في الإعلام، فيجري الحديث أنه – أي الإرهاب – سيكون المبرر الأساسي لذلك. وهو الأمر الذي إعتادت واشنطن على جعله السبب لتدخلها. ولا بد من الإشارة هنا الى المطامع الأمريكية المعروفة في ليبيا الى جانب مطامع الدول الأوروبية. كما أن واشنطن حاولت على مر السنين السابقة، السعي الى بسط سلطتها على الداخل الليبي، والذي كان مسرحاً للتلاعب الأوروبي أيضاً.

 

قامت أمريكا على بناء إمبراطوريتها السياسية على أسبابٍ يأتي في مقدمتها القضاء على الإرهاب. لكن واشنطن لم تعد تستطيع إخفاء حقيقة مساعيها للهيمنة والسيطرة على مقدرات الدول والتدخل في شؤونها. وهو الأمر الذي بات يعرفه الجميع. إنما المُقلق اليوم هو كيفية التعاطي مع هذا الموضوع، لأن سياسة الإبتزاز الأمريكية دائماً ما تدفع العديد من الدول للإنصياع لتوجيهاتها. ولم يعد خفياً على أحدٍ، قيام واشنطن بتأجيج الإنقسامات ودعم الإرهاب، واستخدامه كورقة ضغطٍ على الدول، من أجل دفعها لتنفيذ الأجندة الأمريكية. لكن المساعي الأمريكية اليوم تصطدم بمقاومة السلطات السياسية في الدول، حتى فيما يخص شمال أفريقيا. وهو الأمر الذي  أشارت إليه الصحيفة، والتي قالت إنه وحتى الآن لم توافق دول شمال أفريقيا على إقامة القواعد، مما يعنى أن الطرف الأمريكي لم يعد يستطيع فرض ما يريد وعلى طريقته. وهنا فإن الأيام المقبلة هي التي ستحدد مصير المشروع المقترح.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق