هل تنجح السعودية في إستبدال هادي؟
يبدو أن صلاحية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المنتهية دستورياً، باتت كذلك سعودياً، حيث بدأت الرياض الغارقة في المستنقع اليمني التمهيد لمشروع قديم-جديد يقضي بعزل هادي وإستلام بحاح مكانه كون الشعب اليمني يرفض رفضاً قاطعاً عودة هادي بعد تآمره على شعبه ومشاركته المباشرة في قتل آلاف اليمنيين.
لا يخفى على ذي لب فطن أن المعارضة اليمنية المقيمة في الرياض، لا تعدو أحجار شطرنج تديرها السلطات السعودية في مواجهتها القائمة مع الشعب اليمني عموماً، وحركة أنصار الله على وجه الخصوص، ولذلك لن تتوانى سلطات الرياض عن خسارة أي حجر من أحجارها في معركتها الكبرى، خاصةً أن التاريخ القريب يشهد على ذلك سواءً في اليمن، مصر أو تونس.
عندما يعلن رئيس الحكومة اليمنية المستقيلة خالد بحاح في بيان نشره على صفحته الرسمية في فيس بوك اليوم الجمعة، أن “الحكومة تعلن تحرير محافظة عدن في الأول من شوال أول أيام عيد الفطر المبارك الموافق ١٧ يوليو ٢٠١٥م”، فهذا يعني الكثير لمستقبل الأزمة اليمنية والعدوان السعودي، خاصةً أن إعلان بحاح تضمن الحديث عن خطة شاملة تبدأ “بتطبيع الحياة في عدن وسائر المدن المحررة، وإعادة تأهيل بنية المياه والكهرباء والطرقات، وستعمل على عودة النازحين من جيبوتي والصومال ومحافظة حضرموت وغيرها”، ولا تنتهي “بتأهيل مطار عدن والموانئ البحرية، وستكون المحافظة منطقة مركزية لاستقبال الإغاثة، وسنجتهد لاستئناف العملية الدراسية المنقطعة بعد تأهيل المدارس والجامعات”.
لا نود الدخول في حقيقة النصر المزعوم، والذي إختصره الصحافي البريطاني المشهور روبرت فيسك بعبارتين ” بعد أكثر من ٣ أشهر على قصف اليمن وقتل أكثر من ٣ آلاف معظمهم مدنيون، أعلن بن سلمان وحلفاؤه السيطرة على مطار عدن المحطم”، بل سنحاول التطرق إلى الخطوات السعودية المفترضة في المستقبل القريب على الساحة اليمنية.
باتت السعودية حالياً بين فكي الفشل والضغط الدولي عليها، فهي لا تستطيع التمادي كثيراً في عدوانيتها، وكذلك غير قادرة على التراجع كونها لا تمتلك أي ورقة تفاوضية تذكر. لذلك لجأت في الفترة الأخيرة للتركيز على مدينة عدن مستفيدة من كون المدينة تطل على البحر حيث تتمركز البوارج السعودية، بغية الحصول على أي مكسب ميداني يمكن التعويل عليه في حال طالب المجتمع الدولي الرياض بكبح جموحها. فمنظمة الامم المتحدة بدت مستاءة جدا من الغطرسة السعودية في تعاملها معها في محاولات ايجاد الحلول السلمية وفي مقاربتها للهدنة الانسانية الاخيرة، واعربت عن اسفها واستهجانها من ضرب السعودية بعرض الحائط لكافة نداءات الاستغاثة، كما أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما أعلن أن الحرب في اليمن قد استنفذت جميع وسائلها ولا بد من العودة الى الحلول السلمية.
لذلك لجأت القوات السعودية في الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر رمضان المباراك لشن حوالي الـ١٥٠ غارة جوية، ممهدةً الطريق لأدواتها على الأرض (قوات هادي وتنظيم القاعدة) في السيطرة على مطار عدن وأحياء عدّة داخل المدينة. الهمجية السعودية تعزّز صحة الخطة السعودية الجديدة بإستبدال هادي ببحاح للدخول في مفاوضات “تحفظ ماء الوجه” مع أنصار الله. وهنا تجدر الإشارة إلى الأمور التالية:
أولاً: الحملة الإعلامية غير المسبوقة والتي روجتها أبواق السعودية الإعلامية حول استكمال التحضيرات النهائية لـ ” الحكومة اليمنية “وذلك للعودة الى عدن.
ثانياً: زيارة بحاح الأخيرة إلى مصر، بإعتبار الأخيرة لم تتخذ موقفاً عدائياً من الشعب اليمني بل سمحت مؤخراً بتنظيم معرض بعنوان “اوقفوا العدوان على اليمن”، اضافة الى اجراء لقاءات بين شخصيات مصرية محسوبة على النظام الحالي وبين قيادات في حزب المؤتمر الشعبي اليمني الذي يقوده علي عبد الله صالح.
ثالثاً: تدرك السعودية أن ورقة هادي باتت محروقة، لذلك لا بد من إستبداله بحجر آخر. وبحاح يمتلك الحظ الأوفر حالياً خاصةً أن يجول على اللاجئين في جيبوتي، ويحاول أن يتخذ مواقف أقل عدائية من رئيسه المستقيل هادي.
لا ريب في أن السعودية لا تريد حالياً الإعلان عن بحاح كبديل لهادي حتى لا تحترق ورقته(بصرف النظر عن موقف أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام)، لذلك لا نستغرب في حال نجحت القوات المدعومة سعودياً( مليشيا هادي وتنظيم القاعدة) بالسيطرة على عدن، أن تعلن السعودية فوراً وقف عدوانها على الشعب اليمني حتى لا يستعيد الجيش واللجان الشعبية زمام الأمور هناك ويفشل المخطط السعودي. وبالتالي ترى السعودية أن بإستطاعتها الدخول في مفاوضات جدّية مع التيارات اليمنية طارحةً إسم بحاح المستقيل كبديل طبيعي للرئيس الفار هادي.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق